تُولي صحافة الخرطوم دون استثناء اهتماماً كبيراً لكل حركة المجتمع، وتخصُّ بالاهتمام ما يطرأ على مجتمع الفضيلة من تغييرات، وتشوهات وتصدعات هي في الأصل إفراز طبيعي لتغيير حركة الناس ونشاطهم، وبالتالي ظهور بعض الظواهر الغريبة والمريبة، وقد ظلت الصحافة في أغلب الأحيان تضطلع بمهمة المراقبة ورصد التداعيات التي تحتاج لكثير من الاجتهادات البشرية المتعلقة بالنقد والتحليل والتوعية، وهذا بدوره يتطلب توسيع دائرة التناول الصحفي لأخبار الحوادث والجريمة رغم وجود قانون يؤطر لهذا النوع من التناول، ويتطلب أن تتفهم الأجهزة المعنية بمكافحة الجريمة هذا الدور المهم دون تقاطع بين مسارات العدالة ومجريات التحقيق ومطلوبات العمل الصحفي. في هذا الواقع المتداخل، رأى بعض الزملاء الفضلاء العاملين في هذا المجال، أن تكون هناك «خطوات تنظيم» لكل صحافيي الحوادث للخروج من دائرة الأخبار الصادمة والخادشة والمتقاطعة إلى رحاب التوعية وتقديم صحافة راشدة في ظل تعاون مع الأجهزة المختصة نتاجه ثمرة طيبة تبث الأمن والطمأنينة وتعلِّم الناس كيفية حمايتهم من الجريمة وإحاطتهم بالمخاطر التي تُحدق بهم، حتى يسهموا في العملية الأمنية ولو بحماية أنفسهم ويضطلعوا بواجباتهم. فالأمن مسؤولية الجميع. و«خطوات التنظيم» التي أشرت لها تمثلت في مبادرة كريمة كانت أشواق لكل صحافيي هذا المجال قوامها تكوين جمعية تؤسس لأول جيل يعمل في صحافة الحوادث بالسودان، وهدفها الإستراتيجي هو إشاعة الطمأنينة بين الناس والعمل على دعم الجهود الأمنية في مكافحة الجريمة وعكس جهودها وفق رؤية علمية ومنهجية وتبادل المعلومات والخبرات والارتقاء بالمهنة من خلال رفع الحس الأمني للصحافيين وإتاحة فرص تدريب متقدمة لهم وإجراء البحوث والدراسات للظواهر المجتمعية الغريبة جنباً إلى جنب مع التحقيقات والحوارات الصحفية الرصينة، كما تقوم الجمعية بخدمة الزملاء وإشاعة روح التكافل والترابط بينهم من خلال خدماتها الاجتماعية، خاصة وأنها تستظل بالأب الشرعي للصحافيين وهو اتحادهم الذي فتح قلبه قبل أبوابه، وتستنير بالمجلس القومي للصحافة والمطبوعات بما لديه من خبراء وعلماء في مجالات الإعلام المختلفة، وتنسِّق وترتِّب بدقة مع إعلام الشرطة المتفهم لهذا الدور التكاملي، فيكون حينها المستفيد الأول هو المواطن والقارئ الكريم الذي يستحق كل التقدير. أفق قبل الأخير بإذن الله لو خلُصت النوايا سيكون هناك واقع جديد لصحافة الحوادث في السودان، ونأمل صادقين من الزملاء أن تتوحد جهودنا وكلمتنا خدمة لأهلنا الطيبين. أفق أخير