من البدهيات في استقرار برامج التنمية بأي رقعة جغرافية تتمثل في عدة محاور يبقى أهمها دومًا «اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب»، ونجد أنَّ الولاية الشماليَّة قد عانت كثيرًا من عملية الإحلال والإبدال في العقد الماضي سوى كان ذلك على مستوى الولاة أو على مستوى الوزراء والمعتمدين بحسب كل والي على ما يراه مناسبًا لإدارة دفة الحكم بولايته وعلى مدى الثلاثة عشر عامًا الماضية شهدت الولاية تعاقب «سبعة ولاة» على حكم الولاية. والولاية الشماليَّة تُعتبر من الولايات الفقيرة جدًا في مجال امتلاك المصانع مع العلم أنها ولاية تتمتع بكل مقومات الصناعة لما تتوافر بها جميع المواد الخام في شتى المجالات كما أنها ولاية زراعية. والناظر لأمر تعاقب الولاة بالولاية يجد أن السبب في أغلب الأحيان التقلبات السياسية مع العلم أن من يقود دفة الحكم حزب واحد هو «حزب المؤتمر الوطني» غير أنه انفتح في الآونة الأخيرة على جميع الأحزاب فيما سُمِّيت «بحكومة القاعدة العريضة» وقد جاءت حكومة القاعدة العريضة هذه على حساب المواطن فيما يتعلق باستنساخ المناصب ثم الإكثار في العطايا للمسؤول فيما يسمى «بالمخصصات الدستورية» في دولة تفقد معظم عائدات النفط لتعيش على جيوب مواطنيها لتمنحها لمخصصات الدستوريين وتهمل المقومات الاقتصادية المهمة من زراعية وصناعية وثروة حيوانية. وشهدت الشمالية خلال الأيام الماضية تنصيب الدكتور إبراهيم الخضر الحسن بعد فوزه بالتزكية واليًا على الولاية وربما تشهد الأيام القلائل القادمة عملية الإحلال والإبدال بين الوزراء والمعتمدين فيما يسمى بالتشكيل الوزاري ويرى مراقبون أن الفترة المتبقية للانتخابات المقبلة «أقل من عام ونصف» يجب ألّا يسبقها إحلال أو إبدال لأن ذلك سيتسبب في ربكة في تنفيذ الخطط والبرامج «بين المسؤول المغادر والمسؤول القادم» في هذه الفترة القصيرة غير أن العديد من المحللين يترقبون بالشمالية إعلان التشكيل الوزاري الجديد وبذلك سيكون عدد من الوزراء والمعتمدين في وجه العاصفة وربما يشمل كشف المغادرين أصحاب الأداء الضعيف والمهزوز في الفترة الماضية إضافة إلى أصحاب الخلافات المتجددة والمتكررة مع الوالي الحالي إضافة إلى المعتمدين المغضوب عليهم من قبل القواعد بمحلياتهم في ولاية تشهد صراعات مكتومة داخل قيادات الحزب كل محلية على حدة وهذه الخلافات هي التي أبرزت في الانتخابات السابقة ما يسمى «بترشح المستقلين من قيادات الحزب لمناصب مختلفة» كان أبرزهم الوالي الأسبق ميرغني صالح والصادق باشاب والطيب سوركتي وود القاضي ومحمد إدريس وجعفر خضر وغيرهم كثر. ويشير سيف الدين محمد عثمان الأمين السياسي بحزب المؤتمر الوطني بالشمالية بواحدة من محليات الولاية أن المرحلة القادمة تحتاج إلى تغيير طفيف في شريحة الوزراء خاصة أولئك غير المواكبين لمتطلبات المرحلة مع الإبقاء على المعتمدين باعتبارهم يقودون برامج تنموية بمحلياتهم مشيرًا إلى أن المرحلة القادمة تحتاج إلى قوة الشباب ممزوجة بالخبرة والتأهيل الجيد لأن الولاية ما زالت تحتاج إلى الكثير فيما يتعلق ببرامج التنمية ويشير محللون إلى جريان المياه تحت جسر عدد من المعتمدين كمعتمد الدبة عصام عبد الرحمن الذي لم تشهد فترة ولايته على المحلية رغم مرور أكثر من عام عليها تطويرًا يُذكر إضافة إلى معتمد دلقو سراج حاج إدريس الذي يجد أسلوبه في التعامل مع المنقبين عن الذهب عدم رضى من قِبل المحيطين به نتيجة عدم إشراك أهل الاختصاص في الإشراف على التنقيب إضافة إلى عدم انعكاس عائدات الذهب على برامج التنمية بالمحلية، وربما أدت الخلافات التي تضرب محلية دنقلا بين الموالين للمعتمد السابق الدكتور الفاتح حسين من قيادات الحزب والموالين للمعتمد الحالي اللواء الشاذلي محمد سعيد إلى مشاورات بين بقاء المعتمد أو ذهابه فيما يتكئ معتمد القولد أمير فتحي على أرضية صلبة لما شهدته محليته من طفرة تنموية كبرى في مجال إنشاء الطرق الداخلية بالمحلية وبدء العمل في مباني المحلية الذي قطع شوطًا كبيرًا إضافة إلى إنشائه للمسلخ الحديث بالمحلية وابتكاره لعدد من البرامج بالمحلية وبالرغم من الحادث المروري الذي تعرض له معتمد حلفا جمال محمد عبد الرحمن إلا أن المراقبين يرون أنه استطاع أن يوظف عائدات الذهب بمحليته والتي انعكست على صيانة وبناء عدد من المؤسسات الحكومية بحلفا القديمة فيما يعمل بصمت معتمد البرقيق مبارك شمت خاصة أن محليته تجد سندًا قويًا من وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين المنحدر من تلك الأرض فيما ذابت الخلافات التي شهدتها محلية مروي في فترة تولي معتمدها عبد الكريم عبد الرحمن بعد تولي الوالي الحالي إبراهيم الخضر لزمام الأمور بالولاية وهو المنحدر من تلك الأرض. عمومًا يأمل مواطن الولاية الشمالية في أن تستقر أوضاع الحكم بالولاية لينعكس أثر ذلك تنميةً وخدمات صحية وزراعية لأهل الولاية.