بدأت الزيارات الماكوكية للمبعوث الأمريكي الخاص للسودان برينستون ليمان بعد أن اكتشفت بلاده أنه بحاجة إلى البحث عن آليات ضغط جديدة على حكومتي البشير وسلفا كير من أجل التوصل إلى اتفاق حول القضايا العالقة وبخاصة فيما يتعلق بتجارة الحدود وتقاسم عائدات النفط وأبيي وتعتبر زيارته لجنوب السودان بأسبوع عقب انفصاله من الشمال آخر زيارة له للسودان.. ويقول مقال نشرته صحيفة «ذا ستيزن» إن الجانبين قد فشلا في الوصول إلى اتفاق حول القضايا المطروحة قيد التفاوض سواءً تلك المتعلقة بنيفاشا أو فيما يخص ترتيبات ما بعد الانفصال في الخرطوم ولا تختلف مفاوضات الخرطوم التي عقدت بين أعلى مستويات التمثيل الحكومي من البلدين وبدون وساطة أجنبية كما طلبت الخرطوم عن مفاوضات ماقبل الانفصال حيث اتفق الجانبان على تشكيل لجان جديدة وتنشيط لجان قديمة فشلت مرارًا وتكراراً في الوصول إلى حل لأي من الملفات المطروحة إلا أن أي محاولة لتقريب وجهات النظر بين الجانبين لن تكون مهمة يسيرة كما أن مهمة ليمان هذه المرة ستكون عسيرة جدًا إن لم تكن مستحيلة، فبجانب الشقاق بين الخرطوموجوبا حول الملفات المفصلية وفشل كافة المفاوضات التي تعقد بينهما فإن ملفات النيل الأزرق وجنوب كردفان ما زالت حاضرة تغلق منافذ الخروج بعد فشل المبادرة الإثيوبية التي غيّبت ملامح الحل السياسي وتركت الحرب الخيار الوحيد المتاح وبناءً على مصدر حكومي رفيع رفض الإفصاح عن هويته فإن فشل المحادثات التي عقدها رئيس حكومة جنوب السودان والبعثة المرافقة له أن حكومة الخرطوم جعلت استقرار الأوضاع في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان شرطاً للتطبيع مع جوبا، فبالرغم من تعهدات الرئيس البشير وسلفا كير بعدم العودة للحرب فإن هذه التصريحات لا تراوح خانة إظهار حسن النيّة حال لم تتم إزالة أسباب الصراع، وكذلك الحال ينطبق على دارفور فبعد ثلاثة أشهر من توقيع اتفاقية الدوحة لم تشارك الفصائل غير الموقعة في عملية السلام كما أن الحكومة ترفض قيام مفاوضات جديدة معها وسيقوم ليمان بمناقشة ملف دارفور أثناء محادثاته مع الخرطوم وبخاصة قضية تجديد تفويض قوات اليونميد والتي يرى ليمان في رفض الخرطوم لقرار التجديد تأزيم لعلاقة السودان بالمنظمة الدولية وذلك أن مجلس الأمن التابع لها قد أقر بتمديد تفويضها فبالإضافة إلى جهود الوساطة في قضيتي النيل الأزرق وجنوب كردفان فإن القوات الإثيوبية تعمل كقوات حفظ سلام في منطقة أبيي وتسعى إثيوبيا لرفع عدد قواتها لتصل إلى 4200 جندي بهدف التمدد شمالاً وجنوباً لتمهيد الطريق لعودة النازحين وعودة الحياة إلى طبيعتها في المنطقة وبناءً على تصريحات الإدارة الأمريكية فإن ليمان سوف يضغط على كل من الخرطوموجوبا من أجل الوصول إلى اتفاق بشأن القضايا العالقة إلا أن التصريحات لم توضح طبيعة الضغوطات التي سوف يفرضها على الدولتين ومن ثم تأثيرها على حلحلة الوضع المأزوم هذا فضلاً عن أن القضايا نفسها شائكة ومعقدة بدرجة يصعب معها تناول إحداها بمعزل عن الأخريات، فبينما تشترط الخرطوم معالجة التمرد في كل من النيل الأزرق وجنوب كردفان كمفتاح لحل باقي القضايا ترى حكومة الجنوب في ملفي النفط وأبيي أولية على غيرها من الملفات وعليه فإن المخرج الوحيد من هذه الأزمة يكمن في محاولة الطرفين الوصول إلى اتفاق حول هذه القضايا دون الحاجة إلى ضغوط خارجية كما أن تنازلات منطقية من كلا الطرفين قد تفضي إلى فضاءات وسطية تقرب الشقّة بين الموقفين المتعصبين.