أدى الإعداد الضعيف من جانب حكومة جنوب السودان إلى فشل الاجتماعات السياسية والأمنية المقرر انعقادها في جوبا يوم الأربعاء الماضي حيث تم تأجيلها حتى الخميس بسبب تأخر وصول الوسيط الإفريقي ثامبو أمبيكي، كما فشلت اللجنة المعنية بالنظر في قضية الحدود في اجتماعها الأول لأن لجنة جنوب السودان لم تجهز وجهة نظرها مسبقاً كما لم تجهز الخرائط التي يجب أن يقرها المجلس التشريعي لحكومة الجنوب، إضافة إلى اللجنة البرلمانية، هذا فضلاً عن أن لجنة جنوب السودان المختصة بهذا الشأن لم يتم تكوينها بعد أن تمت خصخصتها بعد الاستفتاء، كما أن الملفات الأخرى مثل ملف أبيي والنفط وغيرها لم تكن أفضل حظاً من سابقاتها أثناء المحادثات الأولية بين الجانبين. ويقول مقال نشرته صحيفة «ذا ستيزن» إن فشل الجولة الأولى للمحادثات بين الخرطوموجوبا يرجع لأسباب تنظيمية ولعل ذلك يتضح في عجز الطرفين تحديد أسباب الفشل وإعادة المفاوضات على مستوى اللجان السياسية والأمنية وغيرها في 18 نوفمبر القادم وخلال زيارة كير للخرطوم قرر الطرفان معالجة القضايا العالقة دون الحاجة إلى وسطاء ودون الرجوع إلى العنف مهما بلغت درجة الاختلاف بينهما إلا أن المحادثات لم تحرز أي تقدم في القضايا العالقة من اتفاقية السلام الشامل، وتلك المتعلقة بترتيبات ما بعد الانفصال وما نجح فيه الجانبان هو تكوين لجان جديدة لمناقشة هذة القضايا وتجديد صلاحية اللجان التي تعمل بالتعاون مع ثامبو أمبيكي. ولقد أصاب فشل المفاوضات في جوبا المبعوث الأمريكي الخاص بالسودان برينكتون لايمن بالإحباط الذي عبّر عنه أثناء لقائه وزير الخارجية الذي ناقش فيه الوضع بالبلاد وبخاصة الوضع في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان ولقد زار لايمن الخرطوم قادماً من جوبا حيث شارك في المحادثات التي شارك فيها الاتحاد الإفريقي وممثل المملكة المتحدة حيث أوضح لايمن أهمية معالجة ملف أبيي الذي وصفه بالسياسي قبل النظر إلى الجوانب الإنسانية كما شدد على ضرورة تسهيل وصول ا لمنظمات الإنسانية للمنطقة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى كل من النيل الأزرق وجنوب كردفان ولقد عبرت الخرطوم عن استيائها من جوبا التي على ما يبدو حمّلتها مسؤولية فشل المحادثات بأن حددت حداً أقصى للوصول إلى اتفاق فيما يخص ملف النفط والذي تعكف عليه لجنة ثنائية تحت وساطة أمبيكي حيث أمهلت الخرطوم اللجان شهراً للوصول إلى اتفاق مطالبة المجتمع الدولي في ذات الوقت بالضغط على جوبا من أجل وقف العدائيات في كل من النيل الأزرق وجنوب كردفان كما ربطت الخرطوم انسحابها من أبيي بانسحاب القوات الجنوبية من المنطقة ومن ثم إكمال انتشار القوات الإثيوبية التابعة للأمم المتحدة، ولعل القضايا الثلاث التي أبرزت هي أهم نقاط الخلاف بين الخرطوموجوبا بينما تبقّى ملف فتح الحدود لانسياب حركة البضائع والمواطنين بين البلدين ذا أهمية بالغة لأهل الجنوب الذين يعانون من شح شديد في المواد الغذائية إضافة إلى الارتفاع الجنوني في أسعار السلع، وتعاني كل من جنوب السودان والخرطوم من أزمة اقتصادية وإن تفاوتت حدتها، تتطلب تعاون الجانبين من أجل تسهيل الحياة على المواطنين حتى إن زيارة كير للخرطوم كان دافعها الأول الأزمة الطاحنة في الغذاء بالجنوب كما أن سفير الولاياتالمتحدةالأمريكية في جوبا قد نصح الجانبين بتقاسم عائدات النفط وهو الأمر الذي رفضته حكومة جنوب السودان وهو ذات السبب الذي دفع الخرطوم لرفع أسعار نقل وتصفية البترول. وتختلف نظرة البلدين لهذه القضايا العالقة وخاصة فيما يتعلق بمعالجتها بشكل متكامل أوبطريقة أحادية حسب أهميتها وأولويتها على غيرها، وعليه من الصعب توقع التوصل إلى حلول لها على المدى القصير وبخاصة خلال جولة محادثات اللجان الأمنية والسياسية المقرر انعقادها في 18 من نوفمبر القدم.