منذ أن اندلعت الثورات في العالم العربي مؤرخة لما يسمى الربيع العربي الذي أحدث انقلاباً على الخريطة السياسية، والمعارضة السودانية تصحو وتنام ويساورها حلم واحد خروج الشعب لإسقاط النظام، ورغم أن تصريحاتها المتناثرة هنا وهناك باسم الشعب فإنها لم تلق سوى صمت ثقيل من الشريحة المستهدفة وبضع محاولات خجولة انتهى بعضها بضرب المارة للمتظاهرين! ويرى مراقبون أن المعارضة في محاولاتها لإسقاط النظام عبر الشارع نسيت أو تناست أن الشعب له تاريخ عريض مع إخفاقاتها، وجرب جلوس بعضها على سدة الحكم، وجرب مرارة أن يكون الصولجان في تلك اليد التي تتحدث الآن باسمه، وتدعو للخروج وتنسى السؤال الذي يطرحه الشعب قبل أن يخرج وهو: ثم ماذا بعد؟ ويرجع كثيرون فشل دعوات الفيسبوك في إخراج الشرائح المستنيرة التي تتعاطى ثقافة الانترنت، إلى عشوائية الطرح وضعف الفكره والهدف، ف «قروب كلنا خالد سعيد» الذي أطاح الحكومة المصرية كان له عرض وفكرة تغازل مخيلة اي مصري يبحث عن تغير، ليأتي العكس في الوضع السوداني، فمعظم معارضي الفيسبوك من العاملين في المنظمات الأجنبية أو أصحاب أجندة حزبية واضحة، مما يجعل المواطن الذي يحلم كغيره بوضع معيشي أفضل وبانتهاء البطالة، يعرف أن المطب الاقتصادي فتره انتقالية ستنتهي، وقد لا تكون هذه المعلومة من مراقبين بل من مواطن بسيط يقود عربة تجارية جهر بعد أحداث الدمازين بأن الشعب خلف الحكومة بعد أن عرف حجم المتربصين بها من الداخل، وأن أصحاب المطامع سيبيعونهم عند أول منعطف سياسي، وسيكون البحث عن استقراراهم الحالي مجرد حلم في حال هجم أصحاب المزايدات السياسية على الكعكة التي اضحت بلا حارس! هذا هو المواطن الذي تستهدفه المعارضة متجاهلة الوعي السياسي لدى كافة الشرائح في المجتمع. والآن يوجد «بوست»على صفحات الفيسبوك ينادي بالخروج في أكتوبر الحالي دون أن يجد له «وجيع» ليكرر الفشل الذي حدث في مارس الماضي عندما دعت مجموعة شبابية سودانية، تطلق على نفسها «شباب من أجل التغيير» «شرارة»، السودانيين، إلى الخروج في مظاهرة سلمية، من أجل المطالبة بتغييرات وإصلاحات جذرية، والضغط على نظام الرئيس عمر البشير، لإطلاقها أو إسقاطه في حال رفضه، ولم يكن حظ هذه المجموعة بأوفر من مجموعة أكتوبر، لأن القضايا التي تحدثت عنها كانت نفس الاسطوانة التي ترددها المعارضة ومنظمات حقوق الإنسان حول الانتهاكات والحريات، متناسية ما حدث من المواطنين في فترة الجنائية من تأييد للرئيس حسم الانتخابات قبل وقتها. ويؤكد مراقبون أن المعارضة لا تملك المفاتيح للدخول إلى قلب المواطنين، ولا تجد وسيلة لجرهم إلى الشارع في ظل اقتناعهم التام بأن النظام الحالي أفضل من مدينة إفلاطون التي تدعي أن لها أصواتاً فشلت في تطبيقها في فترة حكمها للشعب الذي خبر كثيراً من الثورات، وبدل حكاماً بالكاكي والمدني، ورأى وسمع في فترة الانتخابات ما يجعله يحذر الماء البارد وهو صائم. ولعل أحدث تقاليع المعارضة هي البحث عن مفاصل في الولايات تبدأ بها بعد أن فشلت في العاصمة، ولعلها تجرب مفتاحاً جديداً لعله يلائم «الضبة» التي تقف عائقاً بينها وبين تحريك الشارع ضد النظام، فبدأت تبحث عن ولاية بها مشكلات وسخط جماهيري لتكون شرارة خروج قد تحدث بلبلة، أو قد تعود بخفي حنين إلى العاصمة لنسخ مفتاح جديد عسى أن يدخل في «الضبة» القديمة، ولكن هل يتحرك بلا تزييت وربما يكون مشروعاً آخر قد تنفق فيه المعارضة عاماً جديداً. وقلل المؤتمر الوطني من نقل نشاط المعارضة إلى الولايات، يقول د. إسماعيل الحاج موسى نائب رئيس مجلس الولايات «الشارع الذي خرج في ما يسمى بالربيع العربي كان من العاصمة، والانتفاضات السودانية كانت أيضا في العاصمة، ومن فشل في العاصمة لن ينجح هناك وهذا عمل المغلوب على أمره».