مازالت حمى التسول التي أصابت الجبهة الثورية واستجداء الدعم من الدول الأوربية، مثاراً للسخرية بردهات ومجالس الحكومة السودانية بعد جفاف الدعم من دولة الجنوب للحركات المتمردة.. وخلال الأسبوع الماضي حطَّت قيادات الجبهة الثورية رحالها بدولة فرنسا في خطوة ليست بالأولى، وتمتد إلى كلّ من ألمانيا وإيطاليا وبلجيكا والنرويج، وقد ضمّ وفد الجبهة زعماء «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، «قطاع الشمال التي تنشط في النيل الأزرق وجنوب كردفان»، و«حركة العدل والمساواة» وهي أبرز الحركات المتمردة في دارفور، بقيادة مالك عقار ويضم الوفد ياسر عرمان ود. جبريل إبراهيم وعبد الواحد محمد نور ومني أركو مناوي، في محاولة جديدة لمطالبة الحكومة الفرنسية بالوقوف مع الشعب السوداني للانتقال السلمي والسلس للسلطة ودعم قوى المعارضة السودانية والوقوف إلى جانب مطالبها الشرعية من السلام والديمقراطية التي أصبحت من استحقاقات العمل السياسي والحوكمة الراشدة.. مؤشرات عقار للبحث عن نقلة نوعية!! خلال اللقاء أشارت الثورية إلى أن شرارة التظاهرات التي انطلقت بالخرطوم وبقية مدن السودان دليل على رغبة الشعب السوداني للتغيير واجتثاث النظام الذي أذاق الشعب السوداني الذل والهوان، والذي يؤكد أنه من منطلقاتها الأساسية.. ويأتي تأكيد عقار خلال زيارته التي وصفها بأنها تصب في إطار النقلة النوعية للخطاب السياسي للجبهة الثورية واختراق الفضاء الأروبي الذي أصبح من أكبر المساهمين الداعمين للعمل الديمقراطي في العالم الثالث، وأنهم يريدون مخاطبة المؤسسات الأروبية لتوضيح مسارات واتجاهات الصراع السياسي في السودان، في إشارة منه إلى أنها بدأت جولتها بفرنسا لدورها الفعال الذي ظلت تلعبه في قضايا الصراعات وإدارة الأزمات الدولية، كما ثمَّن عقار جهود الحكومة الفرنسية ووقوفها مع ضحايا الحرب في السودان من خلال مساعداتها الإنسانية ودعمها للقضايا العادلة... ما وراء الستار.. مآدب تذكر!! المؤتمر الصحفي الذي عقدته الجبهة الثورية الجمعة الماضية بباريس تخللته العديد من المداخلات في الشأن السوداني وتناول آخر المستجدات والتطورات التي تشهدها الساحة السياسية، بحضور لفيف من الإعلاميين الفرنسيين ومراسلي وكالات الأنباء، وتخللت الزيارة سلسلة لقاءات مع مسؤولين بالخارجية الفرنسية، بجانب الأحزاب الفرنسية، ومنها الحزب الشيوعي الفرنسي بعد مأدبة ضخمة وصفها ياسر عرمان بأنها وجدت تجاوباً مع الوسط الفرنسي.. ومن جهة أخرى أكد رئيس الوفد أن الحركة والجبهة الثورية السودانية ماضية في أهدافها من أجل نيل الشعب حريته، وأشار إلى أن التظاهرات الأخيرة ستستمر حتى إسقاط النظام، وإقامة نظام بديل وطني جديد يشارك فيه الجميع، ويتم فيه وقف إطلاق نار إستراتيجي، وتحل القضايا بين جميع السودانيين، وأن نجلس جميعاً لنفكر كيف يُحكم السودان، وليس من يحكم السودان. خريطة طريق لإنهاء الأزمة.. وتحدث في المؤتمر الصحفي د. جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة مستعرضاً الأوضاع السياسية بالسودان، موضحاً أن النظام أصبح محاصراً من كل القوى الوطنية والإقليمية والدولية، ومعزولاً بفعل سياساته، ومن جانبه، أشاد رئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور بالدور الذي ظلت تلعبه المنظمات الإنسانية الأروبية ودعمها لضحايا الحرب من النازحين، موضحاً أن الحكومة السودانية رفضت إيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، إلى ذلك قال مني أركو مناوي رئيس حركة جيش تحرير السودان إنهم بصدد وضع خريطة طريق ورؤى جديدة لإنهاء الأزمة في السودان، وطالب أهل درافور بالوحدة والتمسك بقضاياهم العادلة. وذكر عضو الجبهة الثورية نصر الدين المهدي أنها وعاء سوداني جامع يعبر عن تطلعات الشعب السوداني المشروعة في الحرية والديمقراطية والسلام.. ترحيب على الحاج.. إلى أين يرنو؟ في ختام المؤتمر تحدث د. علي الحاج محمد أحد زعماء المعارضة السودانية، الذي رحب بزيارة الجبهة للاتحاد الأروبي لتوضيح الحقائق حول الراهن السوداني والانتهاكات التي تمارسها الحكومة من مصادرة للحريات وتكميم للأفواه، وحيا الحاج الدولة الفرنسية وتفهمها للقضية السودانية وتعقيداتها. اختلاف التناول.. تشبيهات متضادة اختلف تناول وكالات الأنباء العالمية والعربية لهذه الزيارة وما تم فيها، ونجد أن قناة الجزيرة العربية أشارت إلى الحملة التوعوية التي سيرها تحالف المتمردين للانتباه إلى الحرب في السودان، وتشبيههم لها بما يحدث في سوريا، واتهام قائدها للنظام في السودان باستغلال انشغال العالم بالحروب مثل حربي سوريا ومالي لمحاولة سحق المتمردين وقتل المدنيين من خلال القصف العشوائي والتجويع، مقتطفة قوله: «نحن هنا لعرض قضيتنا، إنها صرخة للمجتمع الدولي لينتبه ويساعد في إنهاء الحرب» و«الوضع يزداد سوءاً لأن الحكومة لا تسمح بالوصول إلى المنطقة، وتستخدم نقص الطعام سلاحاً. الحرب مستمرة، نحن نقاتل لكننا مستعدون للتوقف إذا تم التوصل إلى سلام دائم» وقوله: «إن الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي وعلى رأسها فرنسا يتوجب عليها أن تدين ما يجري في السودان ودعاها إلى تقديم الدعم للمتمردين».. أما «الشروق نت» فقد اتخذت موقفاً القارئ للحدث بقولها إن الجبهة الثورية السودانية تصل باريس «فيما يبدو» لحشد الدعم الأوروبي في جولة تشمل بروكسل وأوسلو وبرلين.. وخرجت العرب القطرية ب : متمردو السودان في أوروبا لإسقاط النظام.. بينما أبرزت وكالات الأنباء السودانية: «متمردون» يقومون بجولة أوروبية لحشد الدعم ضد نظام البشير، وصولاً إلى سلام عادل ودائم، مقتبسة قول عقار: «نحن نريد إسقاط النظام».. ونجد أن «اليوم السابع» أشارت إلى أن زيارة الجبهة الثورية لفرنسا تمت بدعوة من منظمات حقوقية معادية للسودان، بينما أشارت مصادر إلى أن قيادات الجبهة الثورية بدأت في قيادة مناشط مكثفة للترويج عن إستراتيجيتها الجديدة ضمن مخطط يقوده عدد من الدول الغربية والمنظمات المعادية للسودان، وأوضحت المصادر أن قيادات الجبهة ستزور عدداً من الدول الغربية وضمنها مقر المحكمة الجنائية الدولية، لتقديم أدلة جديدة ضد الرئيس البشير.. وخرجت «ميدل إيست أونلاين» إلى أن متمردي دارفور ينبِّهون العالم: مأساتنا لا تقل فظاعة عما يحدث في سوريا.. استنجادات باكية!! «الوضع يزداد سوءاً لأن الحكومة لا تسمح بالوصول إلى المنطقة.. يستخدم نقص الطعام كسلاح والحرب مستمرة.. نحن نقاتل لكننا مستعدون للتوقف إذا تم التوصل إلى سلام دائم.. الخرطوم تنفي دوماً استهداف المدنيين وتقول إنها تقصف فقط المناطق التي يسيطر عليها المتمردون.. «كلمات مؤثرة أطلقتها قيادات الجبهة الثورية لاستدرار عطف المجتمع الدولي، دون توضيح نوع المساعدات الدولية التي تريدها.. اتهامات لم تحرك سكون الحكومة.. اتهام الجبهة الثورية للحكومة باستخدامها ل «70%» من اقتصاد البلاد من أجل شن الحرب واستغلالها لصمت الأسرة الدولية «لم يحرك ساكناً بنظام الحكم بالخرطوم ولم يصدر تعليق فوري منها على اتهامات عقار التي يمكن إرجاعها لعدم اعترافها من حيث المبدأ بهذا التحالف، ونفيها دوماً استهداف المدنيين بقولها إنها تقصف فقط المناطق التي يسيطر عليها المتمردون».. ومن جهة أخرى أبلغ الاتحاد الأوروبي الحكومة السودانية بصورة رسمية عدم وجود أي لقاءات لمسؤولين أوروبيين مع قادة الجبهة الثورية الموجودين حالياً في مدينة باريس، أو غيرها من المدن الأوروبية حول قضايا السلام بإقليم دارفور. إذن يبقى الوضع كما هو عليه، شد وجذب ما بين الحركات المتمردة داخلياً وإشهارها لاتخاذها كل السبل المتاحة من حوار ومفاوضات وعقد اتفاقيات، مجرد قشور، ليبقى خيار حمل السلاح والحرب لإسقاط النظام عنوة، خيارها الأول والأخير..