حوار: هادية قاسم المهدي تصوير: متوكل البيجاوي ٭ يعتبر الفلكلور السوداني موروثاً ثقافياً له وزنه منذ عصور التاريخ، فهو يحكي عن ثقافة ما، تلك الثقافة التي تتباين وفقاً لاختلافات قبائلنا بسحناتها المختلفة والمتعددة الاجناس، لذا نجد كل قبيلة سودانية تضم تراثاً بعينه يمثلها ويشكل تاريخها. ونجد أن الفلكلور نفسه تتعدد لديه الاجناس منها الثقافة المادية، وهي كل ما يصنع باليد والآلة، ويتم توارثه وتعليمه وانتشاره شفاهة في الأساس، كما يوجد الأدب الشعبي ويشمل جميع الفنون القولية مثل الشعر بأنواعه والأمثال والحكم والقصص الشعبي والحكايات وغيرها. ولمعرفة الفلكلور وخفاياها التي لا تكاد تتضح للكثيرين أجرينا حواراً مع أستاذ الفلكلور بجامعة السودان البروفيسور سليمان آدم يحيى الذي اوضح أن الدراسات الفلكلورية السودانية رغم قصر عمرها، حققت تطوراً لا بأس به، وتجاوزت غموض مصطلح الفلكلور الذي كان سمة واضحة في كتابات الرواد، وتجاوزت النظرة الأحادية والانتقائية للتراث، كما تطرق إلى دور الفلكلور في التنمية الاجتماعية والاقتصادية وغيرها من المحاور التي تتضح أدناه: ٭ بداية اعطني نبذة عن مفهوم الفلكلور؟ هنالك تعريفات عديدة للفلكلور اهمها ما ورد في قاموس الفلكلور، وهي حوالى واحد وعشرين تعريفاً، غير أنها لم تتفق على تعريف واحد محدد، وبالرغم من المحاولات الأخرى الكثيرة، الا انها لم تجمع، وفي رأيي أن السبب هو أن الفلكلور مادة شاملة لكل المعارف الاكاديمية الأخرى. والجمعية السودانية للفلكلور عرفته بأنه يعني الموروثات الثقافية الا ان هذا التعريف غير دقيق ايضاً، وعليه يمكن تعريفه من خلال الموضوعات التي يتناولها والمجالات التي يدرس فيها الموضوعات نفسها. وقد استخدمت كلمة «فلكلور» مصطلحاً علمياً في عام 1948م بواسطة عالم الآثار الالماني «وليمز جزنز نوماس» في مقاله الذي أرسله الى المجلة اللاتينية في هولندا، والتي كان يعني فيها ما كان يعرف بالمقتنيات الأثرية الشعبية التي يعنى بها كل ما يعود على الماضي أو الريف. ٭ هل للفلكلور أجناس؟ بالطبع للفلكلور اجناس، منها الثقافة المادية وهي كل ما يصنع باليد والآلة، ويتم توارثه وتعليمه وانتشاره شفاهة في الاساس، كما يوجد الأدب الشعبي ويشمل جميع الفنون القولية مثل الشعر بأنواعه والأمثال والحكم والقصص الشعبي والحكايات وغيرها، اضافة الى جنس العقائد والمعتقدات والعادات والتقاليد، حيث تعتبر العادة منشأ فردياً والتقاليد منشأ جماعياً، اضف لذلك المعارف والخبرات والتجارب والممارسات الطقوسية وغير الطقوسية وفنون الاداء، وهذا كل ما يتم بواسطة حركة الجسم او اطرافه مثل التمثيل والرياضة والرقص وغيرها. ٭ يختلف الفلكلور مع اختلاف ثقافاتنا.. إلى ماذا يرجع هذا الاختلاف؟ سبب هذا الاختلاف هو طبيعة تكوين الثقافة السودانية التي بدورها تتكون من ثقافات بيئية مختلفة. ٭ أيهما أبلغ وصفاً للتاريخ الرواية الشفاهية ام الكلمة المكتوبة؟ هما تكملان بعضهما، لأن كل الحقائق التاريخية ليست مكتوبة، مما يتيح للرواية الشفاهية تكملة تلك النواقص، لكن الأبلغ بالتأكيد هو الماده المكتوبة. ٭ وماذا عن المادة المحسوسة؟ طبعاً هي أقوى من الاثنين لأنها تكون بمثابة دليل واضح. ٭ في زمن الانفتاح والعولمة كيف لنا أن نجعل الفلكلور مواكباً وحاضراً بقوة؟ إذا أخذنا بتعريف الجمعية السودانية للفلكلور فإنه يعني الموروثات الثقافية، والثقافة هي أقوى سلاح للحماية من التغريب والاستلاب الذاتي في ما تدعو له او تبشر به دول العولمة وهو النظام العالمي الجديد. وباختصار دول العولمة الخمس بقيادة امريكا هي التي تفرض وتبث عاداتها وتقاليدها وافكارها وايديولوجياتها عبر مخالبها التي تتلخص في :«البنك الدولي، التجارة الخارجية، ثورة الاتصالات والأقمار الاصطناعية. ونظام العالم الجديد يتطلب عملية الاخذ والعطاء الثقافي، كما ان فاقد الشيء لا يعطيه لذا هذا النظام العالمي قائم على الحوار الثقافي والصراع الحضاري، ويمكننا الحفاظ على ثقافتنا وموروثاتنا في ظل هذا الصرا ع، فالإسرائيليون جمعوا حوالى مليون حكاية شعبية تؤكد أن الأرض للفلسطينيين وبدأوا يزورون في حقيقتها وأسمائها وموضاعاتها وأحداثها، فمثلاً هذا الأمر يوضح أن الثقافة تعد اقوى سلاح في حماية حقوق الإنسان وتفعل ما يعجز عنه السلاح الكيميائي. ٭ تعدد ثقافاتنا ماذا يشكل؟ الثقافة السودانية توصف بالتعددية وتتسم بالوحدة في التنوع من حيث الجوهر وهو ثابت والمظهر وهو متغير، فالتعدد مصدر قوة وليس مصدر ضعف، وخير مثال أمريكا وجنوب إفريقيا وغيرها، مع ملاحظة انه لا توجد اليوم في العالم فصيلة بشرية صافية. ٭ ما هو دور الفلكلور في التنمية الاجتماعية والاقتصادية؟ التنمية المتكاملة تشمل الجانب الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وهدفها الإنسان. وهذه التنمية لا بد من إدراج الفلكلور فيها أو تكون ثقافة الناس من ضمنها، وذلك لأننا نعرف ان الثقافة هي سلاح ذو حدين، ايجابي اذا احسن استخدامه، إذ يمكنها حينها انجاح المشروعات التنموية والتعجيل بنتائجها، وسلبي اذا ما أهملت حيث يمكنها ان تعطل مشروعات التنمية، وقد تؤدي لافشالها. ٭ كيف؟ مثال مصنع بابنوسة لتجفيف الألبان ومشروع السكوت والمحس ومشروع تجمع القرى، لأن القرى لم تقم باختيار الناس، فمثلاً هنالك معتقدات ادت الى تجمع الناس في هذه القرى، إضافة إلى ذلك أن التعليم الحديث الذي تطور من الخلوة يعتبر جزءاً من التنمية. ٭ ما هي العلاقة بين الأدب المكتوب والفلكلور؟ على الرغم من الغموض في العلاقة بعض الشيء بين الفلكلور والأدب المكتوب، فإن الدراسات المنهجية في كليهما وفي علم الفلكلور خاصة قطعت شوطاً طويلاً لأجل حسم هذا الغموض، وأصبح من الممكن دراسة أية ظاهرة في إطار علاقة الفلكلور بشكل منهجي وعلمي، ولا شك في أن دراسة الفلكلور في الأدب تندرج في هذا الإطار. إن الدراسات الفلكلورية السودانية رغم قصر عمرها، حققت تطوراً لا بأس به، وتجاوزت غموض مصطلح الفلكلور الذي كان سمة واضحة في كتابات الرواد، وتجاوزت النظرة الأحادية والانتقائية للتراث. ٭ تشمل كتابات الطيب صالح الجنس الفلكلوري، كيف يظهر ذلك؟ إن إبداع الطيب صالح يتكئ بصورة أساسية على الجنس الفلكلوري، ويمكن تحديد العديد من الأجناس الفلكلورية على امتداد رواياته وقصصه القصيرة، ولا يتوقف على شكل واحد بل ينوع في ذلك التوظيف.