لعب العلماء ومشايخ الخلاوي والطرق الصوفية دوراً كبيراً في الاعتناء بالقراءات والروايات القرآنية حفاظاً عليها من التحريف والتبديل. وشهدت الفترة الأخيرة وبعد انتشار المصاحف المطبوعة براوية حفص عن عاصم. وقيام الكثير من الخلاوي المنتشرة في السودان بتحفيظ وتدريس القرآن برواية الدوري عن أبي عمر مما نتج عن تداخل بين الروايتين. فجاءت مبادرة جامعة القرآن الكريم وتأصيل العلوم للحفاظ على رواية الدوري التي شهدت انحساراً على الرغم من أنها الرواية المنتشرة في السودان وبعض دول الجوار، فعقدت المؤتمر العلمي العالمي لتوطين رواية الدوري في الفترة من 21-22/11/2013م بمشاركة ممثلين لدول المملكة العربية السعودية والعراق وفلسطين وتركيا وأفغانستان وفق أهداف تتمثل في إبراز جهود الإمام الدوري في خدمة القرآن وبيان سند الإمام في كل ما قرأ من قراءات. واستعراض البحوث والدراسات التي تناولت الدوري باعتباره ليس براوٍ أو قارئ فحسب، بل هو مقرئي من أئمة المقرئين. كما أن قلة المشتغلين بعلم القراءات وإعراض الطلبة عنه إلى جانب أنه من العلوم التي كثر خوض أعداء الله فيها وإثارة الشبهات حولها لصرف الأمة عن كتاب الله فكان لا بد من قيام دراسات تعنى بتجلية هذا العلم. في الوقت الذي تشير فيه الإحصاءات أن «67%» من الخلاوي بولاية الجزيرة تقرأ برواية الدوري من جملة خلاوي الولاية البالغة «177» خلوة. إضافة إلى أن هنالك الكثير من الخلاوي الموسمية المرتبطة بعطلة المدارس، ونجد أيضاً أن عددا كبيرا من طلاب الجامعات في العطلات الدراسية يؤم الخلاوي الكبرى. كذلك نجد أن واقع تعليم وتحفيظ القرآن يحتم المواءمة بين التعليم النظامي وغير النظامي من خلال مراجعة تجربة المدارس القرآنية التي بدأتها جمعية الإصلاح والمواساة، وقامت وزارة التربية والتعليم بتعميمها على ولايات السودان وتهدف إلى حفظ القرآن كاملاً خلال سنوات مرحلة الأساس واستخدام الوسائل التقليدية «اللوح قلم البوصة عمارة الدواية». وأيضاً تجربة مدارس تاج الحافظين التي تبنتها مفوضية تخصيص ومراقبة الإيرادات برئاسة الجمهورية بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم والقائمين على أمر الخلاوي بكل ولايات السودان والتي تتمثل ببدء الطالب حفظ القرآن كاملاً ثم يعطى منهج الأساس في عامين وفق منهج تم إعداده بواسطة المناهج ببخت الرضا، وتهدف هذه التجربة إلى دمج الحفظة في التعليم العام لخلق جيل يمازج بين العلوم الشرعية والدنيوية. وأشار د. محمود مهدي الشريف مدير جامعة القرآن الكريم وتأصيل العلوم أن السبب الرئيس لانحسار رواية الدوري هو ندرة وجود المصاحف للاعتماد السابق على المصاحف المخطوطة في مقابل وفرة المصاحف المطبوعة برواية حفص، مضيفاً أن الجامعة أصدرت قرارا بطباعة المصحف برواية الدوري وتدريسها في جميع كليات الجامعة ومراكز التحفيظ التي ترعاها. هذا وقد خرج المؤتمر بالعديد من التوصيات تمثلت في إقامة مؤتمر كل سنتين تحت عنوان المؤتمر العلمي العالمي للقراءات والعلوم القرآنية، وأن يكون السودان دولة المقر. طباعة البحوث التي تعرف بالإمام الدوري وتبرز مكانته بين القراء والرواة والمقرئين. والاستمرار في مشروع طباعة المصحف الشريف بهذه الرواية وتطوير لجنة الطباعة وتحويلها إلى مؤسسة أو هيئة باسم الإمام الدوري لطباعة المصحف. والإكثار من إقامة مسابقات التحفيظ برواية الدوري محلياً وقومياً وإقليمياً وعالمياً. إلى جانب إدخال مقرر القراءات في المرحلة الثانوية كمادة تثقيفية لرفع الجهل بالقراءات وحتى لا يستغرب عند سماعها. إنشاء كرسي لأبي عمر الدوري بجامعة القرآن الكريم وتأصيل العلوم. هذا الأمر يتطلب عمل مسح للخلاوي للتعرف على الوضع الحالي مشايخ وطلاباً ومصاحف. وانتخاب عدد من شيوخ الخلاوي والاستفادة من الوسائل الحديثة في تدريس هذه الرواية، وتنبيه المدارس القرآنية لتدريسها، وتكثيف الوعي لطلاب الخلاوي بضرورة المحافظة على هذه الرواية، والسعي لتمليك كل طالب مصحفاً بهذه الرواية.