تأتي الذكرى السابعة والأربعون لثورة 21 أكتوبر في وقت تشهد فيه المنطقة العربية ثورات عديدة بعضها نجح والآخر لم تتضح رؤيته بعد، وتعتبر أكتوبر أول ثورة شعبية تقوم ضد النظام وذلك ما ذهب إليه القيادي الاتحادي تاج السر محمد صالح لدى حديثه ل «الإنتباهة» وقال إن ثورة أكتوبر تعتبرعلامة فارقة في تاريخ الشعب السودانى من حيث الأسباب والوسائل وتعامل النظام معها، فنستطيع بذلك أن نقول إن الشعب السوداني صاحب الدرس الأول للشعوب العربية في كيفية التعامل مع الأنظمة الديكتاتورية، فقد «خرج عن بكرة أبيه» وقدم الكثير من الأرواح ولم يخش الذين خرجوا لصدّه وإن كان القرشي أول شهدائها فهناك شهداء كثر لحقوا به، ويضيف تاج السر الذي عاصر الثورة وكان أحد المتظاهرين وقتها: «في يوم 28 بشارع الجمهورية جوار وزارة التجارة وتم إطلاق الرصاص وقتل 28 شهيدًا كنا نسير في طريق واحد ولم أنجُ من الموت إلا بمحض الصدفة، وما نشاهده من ثورات عربية في العديد من البلاد يعيد إلى الأذهان أكتوبر شرارة الثورات العربية، ولكن تختلف في مدى الاستجابة للحكومات المثار عليها، فالفطرة السودانية قد طغى عليها حب ونشوة السلطة وتجنب إراقة الدماء مما مكَّن من إزالة الأنظمة غير المرغوب فيها بطريقة سمحة تشابه طبيعة الشعب السوداني. ويرى أستاذ الإعلام د. محيي الدين تيتاوي أن الطلاب كانوا وقود الثورة وعلى رأسهم الشهيد أحمد القرشي، فكل مدن السودان خرجت ضد النظام الحاكم، وهذا كان بمثابة إنذار مبكر للشعوب العربية للثورة ضد النظام العسكري، واستطاع أن ينجح وأن تقوم حكومة مدنية في السودان.. وأضاف: تساءل كثيرون حول عدم قيام ثورة بالسودان أُسوة بما جرى بالمنطقة، ومع قيام ثورات بالمنطقة، وأجاب: الشعب السوداني كانت له الريادة، فإذا شعر أنه سيثور سيفعل دون تردُّد، ورأى تيتاوي نجاح أكتوبر في توافق الأحزاب السياسية بعكس أحزاب دول المنطقة. وبالمقارنة مع الثورات العربية التي حدثت في المنطقة يرى محللون أن ثورة أكتوبر وإن كانت الأولى على مستوى المنطقة فهي لم تأحذ وقتًا كبيرًا ولم ترق فيها دماء كثيرة بعكس ما حدث في الدول الأخرى، وبالنظر إلى أسباب أكتوبر وأحداثها معروفة فهي حركة سياسية قوية ضد حكم 17 نوفمبر العسكري، تفاعلت عبر ست سنوات منذ نهاية الخمسينيات وتفجرت وانطلقت من داخلية البركس بجامعة الخرطوم إثر تطورات سياسية مثيرة طيلة سنوات الحكم العسكري شاركت فيها كل الأحزاب السياسية والنقابات والاتحادات على رأسها اتحاد الجامعة استشهد فيها طلاب وتوالت الأحداث والتظاهرات الصاخبة في اليوم التالي عقب الصلاة عليهم في وسط الخرطوم مطالبة بزوال الحكم العسكري، وشارك كل أهل السودان في كل الأقاليم لدرجة أن أهل كسلا تحركوا بقطار شهير وزحفوا نحو الخرطوم واستجاب الرئيس عبود تحت ضغط ضباط الجيش والتظاهرات الشعبية والإضرابات فقرر حل المجلس العسكري ومجلس الوزراء خاصة بعد أن جاءته الأخبار بأن كل الأحزاب السياسية والهيئات والنقابات التي تحالفت تحت اسم «جبهة الهيئات» التقت في قبة المهدي وقبلها في منزل د. أحمد الأمين عبد الرحمن وحضرها بعض ضباط الجيش وأعلنوا العصيان المدني حتى سقوط النظام، واستجاب عبود لرغبة الشعب حقنًا للدماء خاصة بعد أن سقط شهداء أمام ساحة القصر الجمهوري برصاص الجيش.. واتفق كثيرون أن ثورة أكتوبر لها محاسنها وإنجازاتها ولعل أهمها ذلك الأسلوب الفريد الذي طبقه الشعب السوداني في رفض الحكومات المتسلطة فكررها في انتفاضة رجب أبريل 1985ومستعد لتطبيقها إذا تكررت ذات الظروف.