[email protected] مقدمة ! ثورة اكتوبر ، كأي ثورة أخري في التاريخ البشري ، لها أكثر من أب ! هي نتاج تجميع طوب البناء الأتي من كل حدب ، والذي يبني الصرح ! كل مواطن شريف يضع طوبة ! وطوبة فوق طوبة ، ونري الصرح مشيدا ! القصد من وراء هذه المقالة إظهار وتجلية وكشف النقاب عن عطاء مواطن واحد من هذه الجماهير ؛ لأن هذا العطاء قد تجاهلته كتب التاريخ ، التي أعاد كتابتها ترزية الإنقاذ ، لتغمط وتبخس الناس أشياءهم ! ليس القصد من وراء هذه المقالة تبخيس جهود الالاف التي شاركت ، كل حسب عطائه ، في تفجير ثورة أكتوبر ! للأسف ، نجد أن كثيرأ من كرام المواطنين يجهلون التاريخ الحديث لوطنهم ، خصوصأ ولم تمر علي ثورة أكتوبر سوي 47 عاما ! وأغلب صانعيها والمشاركين فيها ، أحياء يدبون علي الارض ، يأكلون الطعام ، ويمشون بين الناس في الأسواق ! أكرر … هذا إستعراض لجهد فرد واحد ، وضع طوبة في صرح اكتوبر ، وربما وضع اخرون أكثر من طوبة ! وسوف نختزل طوبة الأنسان العظيم ، في 21 محطة متوالية ، تتبع التسلسل الزمني ، حتي تظهر الصورة واضحة للعيان ، دون تشويش ! وقد توخينا تقصي الحقيقة ، كل الحقيقة ، ولا شئ غير الحقيقة ! وتجنب المبالغات ، وتجنب سرد المعلومات الملغومة والمغلوطة ! وبالاخص تجنب بناء الأصنام ، والعجول التي لها خوار ! فالكاتب ليس بسامري ، ولا هو من سحرة النبي موسي ، حارقي البخور للفرعون ! نقول : اولأ : + في أبريل 1964 ، أصدر الانسان العظيم كتيبأ بعنوان : ( مسألة جنوب السودان ) ، أوضح فيه أن المسألة في جوهرها مشكلة سياسية اقتصادية ثقافية ! ولا يمكن حلها بأسلوب عسكري- أمني ! وأنه يجب أن تتم مناقشتها علي نطاق واسع في بلاد السودان ، وبحرية تامة ، لإيجاد حل سياسي مناسب لها ! استدعي وزير الداخلية وقتها ، أحمد مجذوب البخاري ، الأنسان العظيم ، وهدده بالأعتقال لنشره كتابه ، الذي ، وبحسب أدعائه ، يفضح ممارسات نظام عبود الاستبدادية ، في جنوب السودان ! قال الانسان العظيم ، الذي لا يخشى في الحق لومة لائم : ( قرار الإعتقال بيدكم ، وقرار نشر ما في الكتاب بيدي! ) ! وانتهى الأمر على ذلك ! وصار الكتاب مرجعية من مرجعيات ثورة اكتوبر ! واستعمل اخرون المعلومات التي حوته ، في مخاطبة ندوات اكتوبر ، وخلق بطولات ، ( ونسوا ) أن يرجعوا الفضل لصاحبه ! ثانيأ : + في مساء يوم الأربعاء 21 أكتوبر 1964 ، عقد طلاب جامعة الخرطوم ، ندوة في داخليات الجامعة الشرقية ( البركس ) ، عن الأحداث في جنوب السودان ( خصوصأ سياسة نظام عبود القمعية في الجنوب ) ! تدخل البوليس ؛ ومنع عقد الندوة ! فتأهب الطلاب المشاركون في الندوة ، للخروج في مظاهرة ضد نظام عبود ! باغت البوليس المسلح الطلاب المتظاهرين ، بأسلحة نارية ، لمنعهم من الخروج خارج حرم الجامعة ! دخل الطلبة في معركة حامية ضد البوليس ، بالحجارة ! أطلق البوليس الرصاص الحي علي الطلبة ، فاستشهد الشهيد الطالب الجامعي القرشي ، ونقل 27 من الطلبة الجرحي ، بأصابات نارية ، إلى مستشفي الخرطوم ! ثالثأ : + زار الانسان العظيم الطلبة الجرحي في مستشفي الخرطوم في نفس ليلة الأربعاء ، وترحم علي روح الشهيد القرشي في المستشفي ! كما زار أسرة الشهيد القرشي ، في نفس الليلة ، وأبلغهم بضرورة تمسكهم بجثمان الشهيد ، وأن يرفضوا تسليمه للسلطات العسكرية! ووقف معهم وقفة صلبة ، نتج عنها تحول أسرة الشهيد القرشي للانتماء لحزب الأمة من يومها ، وحتي تاريخه ! رابعأ : + عشية الاربعاء 21 أكتوبر 1964 ، أصدر الانسان العظيم خطابه الشهير: ( رسالة للمواطن السوداني ) ، والذي دعا فيه الأمة السودانية للثورة على الحكومة العسكرية! واتبع الأنسان العظيم رسالته للمواطن السوداني ، بأفعال وأعمال علي الأرض ، بالمشاركة مع مواطنيين اخرين ، الأمر الذي أجبر الرئيس عبود لارسال ضابطين ، من عظام الضباط ، للتفاوض معه ، لأيجاد حل للأزمة المتفاقمة ! خامسأ : + لم ينم الانسان العظيم ليلة الأربعاء ، ودعا ، وترأس اجتماعا لقادة حزب الأمة الساعة السادسة من صباح يوم الخميس 22 اكتوبر 1964 ، لمواجهة الموقف ، والإعداد لكل الاحتمالات ! سادسأ : + في يوم السبت 24 أكتوبر 1964، قاد الانسان العظيم موكب تشييع جثمان الشهيد القرشي ، وأم المصلين بميدان عبد المنعم ، في الخرطوم ! تمت مراسيم الصلاة على الشهيد ، ووضع على ظهر سيارة ناقلة ، ليدفن في قريته … القراصة ! سابعأ : + في يوم السبت 24 اكتوبر 1964 ، تم دمج الجبهة الوطنية المتحدة ، التي يقودها الأنسان العظيم ، مع جبهة الهيئات ،(هيئات القضاة والمحامين والأساتذة وغيرهم … وكان مقرها جامعة الخرطوم) ، في جبهة موحدة سميت بالجبهة القومية الموحدة وانضمت إليها هيئة التجار! كانت جبهة الهيئات تسعي لإقصاء الأحزاب السياسية عن ثورة اكتوبر ، لأمر في نفس يعقوب ! ولم تخطر جبهة الهيئات الاحزاب السياسية بموكب سيرته ، صباح يوم السبت 24 اكتوبر 1964 ، بدون مشاركة الاحزاب السياسية ! ولكن نجح الانسان العظيم في اقناع جبهة الهيئات : + في التنسيق مع الجبهة الوطنية المتحدة ، التي يقودها ! + وأخيرأ في دمج الجبهتين في جبهة موحدة سميت بالجبهة القومية الموحدة ! ثامنأ : + في يوم السبت 24 اكتوبر 1964 ، أعلنت الجبهة القومية الموحدة ، الإضراب العام ، والعصيان المدني ! واتخذا ، وفورأ ، طابع الجدية والإجماع ! استمرت الجماهير في تسيير المظاهرات الصاخبة التي تنادي بالحرية ، وتدين الحكم العسكري! وما كادت الأنباء تصل إلى الأقاليم ، حتى تجاوبت تجاوبا تاما مع المعارضة السياسية في الخرطوم ، فأضربت وسيرت المواكب وصادمت قوات الأمن ، واستولت على زمام الأمر، في بعض المناطق مثل مدني ، والدويم، وكوستي! تاسعأ : + في يوم الاثنين 26 أكتوبر 1964 ، كونت الجبهة القومية الموحدة وفدا من السادة الصادق المهدي ، مبارك زروق ، حسن الترابي ، أحمد السيد حمد ، وعابدين إسماعيل للتفاوض مع الرئيس عبود في القصر الجمهوري ! وكان الأنسان العظيم هو المتحدث باسم الوفد ، مع الرئيس عبود! عاشرأ : + في يوم الاثنين 26 أكتوبر 1964 ، صاغ الانسان العظيم مسودة ميثاق ثورة اكتوبر ! وقدمه للجبهة القومية الموحدة ! التي ناقشته ، وقبلته ، واعتمدته دون أي تغيير ! وصار ميثاق ثورة اكتوبر العظيمة ! أحد عشر : + في يوم الاثنين 26 أكتوبر 1964 ، أكملت الجبهة القومية الموحدة تنظيمها ! واختارت ممثليها ! وأعتمدت ميثاق ثورة اكتوبر ، الذي كتبه الإنسان العظيم ، والذي لخص مطالب الشعب السوداني ! اثنا عشر : + في منتصف نهار الاثنين 26 أكتوبر 1964 ، عقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة اجتماعأ تاريخيأ ! قرروا فيه حل المجلس الأعلى ، ومجلس الوزراء ، وقبلوا مبدأ تكوين حكومة انتقالية مدنية تشرف على التحول الديمقراطي! قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة الاتصال بالجبهة القومية الموحدة للتفاوض حول تسهيل التحول الديمقراطي ، مقابل العفو التام عن الرئيس عبود ورفاقه ، وعدم ملاحقتهم قضائيأ ، بعد اتمام التحول الديمقراطي ! ثلاثة عشر : + في صباح الأربعاء 28 أكتوبر 1964 ، توجه وفد التفاوض ، من الجبهة القومية الموحدة ( المذكور في الفقرة تاسعا اعلاه ) ، للقصر الجمهوري ، واجتمع مع الرئيس عبود ! قدم الوفد للرئيس عبود مسودة الميثاق الوطني ( ميثاق ثورة أكتوبر ) ، ونقل له رأي الجبهة القومية الموحدة … وهو تصفية الحكم العسكري فورا ، وتشكيل حكومة مدنية انتقالية ، تعمل بمقتضى الدستور المؤقت!