أعلن طرفا الصراع في دولة جنوب السودان وقف إطلاق النار والعدائيات والانخراط في المفاوضات لتسوية الخلافات بينهما، وفيما سارعت جوبا إلى إعلان وقف إطلاق النار دون شروط والموافقة على الحوار عقب تأكيد دول «الإيقاد» على عدم قبولها بإسقاط نظام الرئيس سلفا كير بالسلاح، أفلح اجتماع طارئ ل «الإيقاد» أمس بالعاصمة الكينية تخلف عن حضوره الرئيس سلفا كير، في التوصل لتسويات بين طرفي الصراع بقبول وقف إطلاق النار فوراً وإطلاق سراح المعتقلين والجلوس للحوار ووقف العدائيات، وقال بيان رسمي صادر عن الاجتماع: «ترحب «الإيقاد» بالتزام حكومة جمهورية جنوب السودان بوقف فوري لإطلاق النار، وتدعو ريك مشار والأطراف الأخرى إلى الإعلان عن التزامات مماثلة». مهلة وذكر البيان أن الاجتماع أمهل الطرفين أربعة أيام لإعلان غير مشروط لوقف إطلاق النار، وأوضح البيان الذي تحصلت عليه «الإنتباهة» أن «الإيقاد» ستتبنى مسؤولية قيادة التفاوض بين الطرفين. وكشف عن اعتزام «الإيقاد» قيادة اتصالات مكثفة مع مشار لقبول وقف إطلاق النار، ولفت إلى أن الطرفين وافقا وأبديا استعدادهما لوقف إطلاق النار والعدائيات، بينما أعلنت حكومة جنوب السودان التزامها الفوري بوقف إطلاق النار الذي دعا إليه قادة دول «الإيقاد». ودعت القمة لوقف فوري لإطلاق النار، وحددت يوم 31 ديسبمر موعداً لبدء أولى جلسات التفاوض بين الطرفين. وتحدث البيان عن الحالة الإنسانية لمواطني الجنوب، ودعا المنظمات لدعم النازحين واللاجئين. وأكد أن جوبا ملتزمة بوقف إطلاق النار. آلية متابعة وفي ذات الوقت قال النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول ركن بكري حسن صالح فور وصوله أمس إلى البلاد بعد مشاركته في قمة دول الإيقاد الطارئة ل «سونا» إن القمة تداولت حول مجريات الأحداث بالجنوب وخرجت بتوصيات تعزز تأمين الشرعية القائمة حاليًا في دولة الجنوب ورفض أي محاولة للوصول إلى السلطة عن طريق التمرد أو الانقلاب مبينًا أن القمة أوصت بوقف العدائيات خلال أربعة أيام وبدء التفاوض بنهاية ديسمبر الجاري. وأوضح صالح أن القمة وجهت أيضًا بفتح المسارات الإنسانية لإيصال المساعدات للمتضررين جراء هذه الأحداث. وقال إن القمة شكلت آلية لمتابعة هذه الترتيبات برئاسة الجنرال لازاراس سمبويو من كينيا وسيوم مسفن من إثيوبيا بجانب عضوية السودان. تحذير وتهديد ومن جانبه قال وزير الخارجية اليوغندي هنري أوكيلو إن قادة التجمع يحذِّرون من أن استمرار القتال في جنوب السودان سيدفع البلاد إلى عزلة دولية. وقال في تصريحات صحفية عقب الاجتماع الذي شارك فيه السودان بوفد ضم النائب الأول لرئيس الجمهورية ووزير الخارجية، إن دولة جنوب السودان ستتعرض لعزلة دبلوماسية إذا أصرَّ قادتها على عدم التعاون. وأكد أن كل من تورط في جرائم قتل سيحاسب على جرائمه. وفي غضون ذلك أطلقت السلطات الأمنية في جوبا سراح وزير التعليم السابق بترن ومدير مكتب رياك مشار دينق تينق المعتقلين على ذمة المحاولة الانقلابية، وأطلقت سراح باقان أموم ودينق ألور ومجاك أكود منذ أمس الأول. وفي ذات السياق رحب نائب رئيس دولة جنوب السودان السابق رياك مشار بمخرجات اجتماع «الإيقاد»، وقالت القيادة العسكرية لقواته إنها ملتزمة تماماً بمقررات اجتماع «الإيقاد» وبموازاة ذلك وقبل ساعات من انتهاء اجتماع قادة «الإيقاد» بالعاصمة الكينية أمس أعلن المتحدث باسم الجيش الشعبي فيليب أقوير أن الموالين لرياك مشار نائب الرئيس السابق انهزموا في مدينة ملكال عاصمة ولاية أعالي النيل بعد اشتباكات عنيفة، وقال إن القوات الحكومية تسيطر على مدينة ملكال بنسبة مئة بالمئة. تعزيزات أممية وفي السياق ذاته قالت مبعوثة الأممالمتحدةلجنوب السودان هيلدا جونسون: «إن هدفنا حماية وتوفير الأمن للمدنيين في جنوب السودان»، مشددة على أن قوات حفظ السلام يمكن أن تستخدم القوة إذا شعرت بأية تهديدات، فيما يتوقع أن تصل التعزيزات الجديدة لتلك القوات خلال «48» ساعة. ومن جانبه أكد وزير الخارجية في جنوب السودان برنابا مريال بنجامين التزام بلاده بإجراء الحوار مع مشار ومجموعته دون شروط مسبقة. وقال إن حكومته ستلتزم بما تخرج به قمة «الإيقاد». وبالمقابل ذكر وزير الإعلام في حكومة جنوب السودان ماكوي لويث لوكالة اسوشييتيد بريس إنه لم يجر أي اتصال برياك مشار. وأكد أن الحكومة لا تقوم على الإطلاق بأية اتصالات مع قوات مشار. تورط يوغندي وفي ذات الأثناء حذَّرت القوات الموالية لمشار الجيش اليوغندي من الدخول في حرب ضدها وفق تدخلها في الشأن الداخلي الجنوبي، ورأت القوات إن الجيش اليوغندي أقحم نفسه في حرب لا تخصه وقام بالمشاركة في قتال قواتها بمدينة بور، وأوضحت أنها تمتلك أدلة دامغة تثبت تدخل الجيش اليوغندي. وقال القيادي تيجي دال دينق إن هناك أدلة دامغة تثبت تورط يوغندا في المشاركة عسكرياً في دولة الجنوب، وقال: «نطلب منهم عدم الزج بأنفسهم في حرب لا علاقة لبلادهم بها، وهذا تدخل سافر في شأن دولة الجنوب». سيطرة أعلن المتمردون والقوات الحكومية في جنوب السودان كلٌّ من جانبه، السيطرة على ملكال كبرى مدن ولاية أعالي النيل النفطية شمال البلاد. وقال المتحدث باسم المتمردين سيمون رواي: «ملكال تحت السيطرة الكاملة للقوات الموالية لنائب الرئيس السابق رياك مشار»، مضيفاً أن قوات الحكومة تمَّ طردها من المدينة مساء أمس الأول. وأضاف أن المتمردين تخلصوا من كلِّ القوات الموالية للرئيس سلفا كير ويسيطرون الآن على ملكال، مؤكداً فرار حاكم ولاية أعالي النيل سيمون كون بوج يوم. ادعاءات وتضليل وفي المقابل فنَّد وزير الدفاع في جنوب السودان كول مانيانغ جونك ما وصفه بأنه ادعاءات وتضليل، مؤكداً أن ملكال بالكامل تحت سيطرة القوات الحكومية. وقال أسقف ملكال هيلاري قرنق إن الوضع في المدينة وهي عاصمة ولاية أعالي النيل يتسم بالانفلات وانهيار حكم القانون. وقال قرنق ل «بي. بي. سي»: «لا توجد حكومة بمعنى الكلمة، فقد انقطع التيار الكهربائي وانقطعت المياه، أما السكان فلاذوا بالهرب. وانقسمت المدينة إلى قسمين، إذ اتخذ جانبا الصراع مواضع لهما وقد يندلع القتال بينهما في أي وقت». وفي غضون ذلك تواصلت الاشتباكات في منطقة ملكال النَّفطية بجنوب السُّودان بين الجيش والقوات التابعة لرياك مشار النائب السابق لرئيس البلاد، بينما أكدت مبعوثة الأممالمتحدة إلى جوبا وصول تعزيزات عسكرية في اليومين القادمين. معارك ملكال وقال المتحدث باسم جيش جنوب السودان فيليب أقوير: «إن هناك معارك تدور في ملكال، وقواتنا في شمال ملكال والمتمردون في جنوبها وسنطردهم منها»، كما جدد التأكيد على أنه يجري الإعداد لهجوم على بانتيو كبرى مدن ولاية الوحدة التي تعد أكبر منطقة نفطية في البلاد. الاستيلاء علي ثارجاث وبحسب وزير النفط بجنوب السودان ستيفن ديو داو أمس، فإن المتمردين استولوا على حقل «ثارجاث» في ولاية الوحدة التي تنتج نحو «45» ألف برميل يومياً قبل وقف الإنتاج، وأشار داو إلى أن تدفق النفط لم يتأثر في ولاية أعالي النيل التي تنتج «200» ألف برميل يومياً. لن نقبل قالت دول مجاورة لجنوب السودان أمس، إنها لن تقبل استخدام العنف في الإطاحة بالحكومة المنتخبة ديمقراطياً للرئيس سلفا كير. وحث الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، في بيان وزعته الرئاسة الكينية أمس كير، ونائبه السابق ريك مشار، على اغتنام «الفرصة الضئيلة» والبدء في محادثات السلام. وقال كينياتا،: «فليكن معلوماً أننا في إيقاد، لن نقبل عزلاً غير دستوري لحكومة منتخبة ديمقراطياً بطريقة سليمة في جنوب السودان، العنف لم يقدم أبداً الحلول المثلى».