بعد جهد ومعاناة وصبر استطعت أن اشتري سيارة قديمة لكنها من ماركة جيدة، وفي ذات اليوم الذي حضرت فيه من الدلالة وأوقفت السيارة وأنا سعيد أتأمل فيها وأفكر في الكلمات التي سأفاجيء بها زوجتي لأخبرها بالنصر الذي حققته بعد معارك شرسة ومعاناة في مواقف المواصلات للحصول على مقعد في حافلة صغيرة أو بص من نوع الهكر المسم تارة تتمزق ملابسي أو تتسخ أو أتعرض لعملية نشل، فحمدت الله على هذه النعمة وخطوت نحو الباب، لكني قبل أن أدلف للداخل لمحت قتيت أفندي يسرع الخطى حين رآني أقف بجانب السيارة وحاولت الإسراع بالدخول إلى المنزل حتى لا يفسد علي فرحتي لكنه سارع بمنادتي حتى لا ألج للداخل ثم كرر نداءه بصوت أعلى من السابق فاضطررت للتوقف على مضض فإذا به يتوقف وأنفاسه تعلو وتهبط وقال لي: - قلت أسرع أحصلك قبل ما تدخل البيت عشان أسألك عن العربية دي؟ وتعبان كدي عشان شنو ما كان ممكن نتقابل في أي يوم وتسألني. - خير البر عاجلو وقلت أحسن أشوف قصة العربية دي شنو؟ أشتريته الليلة من الدلالة. وهنا صفق قتيت أفندي بيده أكثر من مرة وقال مستنكراً: - ياخي ما لقيت عربية تشتريها غير الهكر؟ دي عربية يابانية أصلية. - يابانية ولا أمريكية في نهاية هي عربية هكر وما نافعة. المهم قدر حالي وأنا عاجبني ومقتنع بيها. - يا أخي دي حتوريك نجوم الليل في عز النهار كل يوم حتوديك الميكانيكي وكل يوم عطل وعايزه أسبير ولا كان ما كسرت ضراع ولا دخلتك تحت قندران ولا دفار؟ المهم أنا أتحمل المسؤولية وما حمشي لزول أطلب منه مساعدة. - وأنت راتبك الكحيان ده بتقدر تشتري بيه فردة فانوس واحد خليك من الشنبر والجربكس والعمرة الكاملة؟ أنا ما الموظف الوحيد العندو عربية قديمة وبعدين يا أخي كدي قول لي خير وربنا يبارك ليك فيها طوالي نازل تشاؤم. - لأنو أنا راجل واقعي وشايف أنت من أصلو ما في داعي تشتري عربية بالكتير موتر مستعمل ماركة البيسي بتاع زمان ده لو ما كانت عجلة طابونة؟ وهنا رأيت من الأسلم أن أنهي الحوار السمج قبل أن أكسر زجاج السيارة الجديدة من الغضب، لكنه أمسك بيدى وقال على كل حال مبروك وما تزعل لكن براك بعد شهر ولا خمستاشر يوم حتعرف أنو كلامي ده صاح، هنا أمسكت بمقبض الباب ولم أرد ودلفت إلى الداخل غاضباً وحين رأت زوجتي الغضب بادياً على وجهي قالت لي: - إن شاء الله خير ما لك زعلان رفتوك من الشغل ولا شنو؟ يا وليه فال الله ولا فالك أنت ما عندك غير الكلام المر ده هسه أفسدي المفاجأة العايز أوريك ليها. - وكت عندك مفاجأة صاري وشك ومادي بوزك زي الوقعت فيك مصيبة؟ وفي مصيبة أكتر منك. - قلت شنو أنا مصيبة؟ كلامك الزي الدرر ده هو المصيبة لكن على العموم ما حوريك المفاجأة ولا حاجة. - يا خبر بكرة ببلاش. وهنا دخل ابني الصغير وقال يمه أبوي اشترى عربية. - كدي نلبس توبي وأشوفها. وعندما نظرت إليها جاءتني مسرعة. يا هه دي المفاجأة بتاعتك عربية أقدم من الكسرة تعمل بيها شنو وأوع تكون اشتريتها غالية. - يا وليه أنت العرفك شنو بالعربات؟ دي عايزة ليها عرفة. هنا خرجت من المنزل غاضباً وقلت لزوجتي العربية دي مش هكر وما نافعه أوعك تقول لي وصلنا مشوار ولا عايز أمشي ناس أبوي. كدي لمن نشوف كان سلكت غصبن عنك حنركب فيها نحن وأولادي. وعندما خرجت إلى الشارع علمت أن قتيت أفندي أخبر معظم أهل الحي لكن معظمهم بارك لي وبعضهم تخوف علي من مصير البهدلة بحسب قولهم، بينما سارع قتيت أفندي للمرة الثانية باللحاق بي وأنا أقف أمام جمع من أصدقائي ومعارفي في الحلة فقال لي: - هي من ناحية هكر ومسمة دي ما في كلام لكن كدي أدينا فيها شدة على الأقل نختبرها ليك، هنا نظرت إليه في غيظ وقلت له علي الطلاق لو الناس دي كلها ركبت فيها أنت ما تركب فيها حتى لو كنت جنازة ده لو وافقت، ثم اتجهت إلى المنزل وصفعت الباب بعنف وعندما رأت زوجتي غضبي الشديد يبدو أنها آثرت السلامة وقالت لي المهم عربية هكرة ولا كدنداره المهم بنعدي بيها لكن بالله قروش العربية كنت مصبنة مني كيف الزمن ده كلو؟ لم أرد واتجهت إلى غرفتي وغطيت وجهي بثوب شفاف ولم أرفع رأسي إلا عندما رأيتها تغادر الغرفة وتقول لي: «الغدا جاهز».