٭ مع انطلاقة التفاوض في أديس أبابا بين الخرطوم وقطاع الشمال بالحركة الشعبية وهو قد أصبح أحد مكونات الجبهة الثوية التي تشمل حركات دارفور المتمردة طبعاً، مع انطلاقة هذه المفاوضات، أطل على وسائط الإعلام خبر القرار الأممي بحظر السلاح بدارفور.. وكأنه يرسل إلى الحكومة رسالة رعب مفادها أن دارفور لن تهدأ في الدوائر الأجنبية إذا كان الهدوء قد تحقق بيد الحكومة على أرضها بآليات مختلفة مثل الحماية الأمنية وتنفيذ اتفاقيات أبوجا والدوحة، ثم اتجهت لطي ملف قطاع الشمال في جو علاقات دبلوماسية ملائم بينها وبين حكومة جوبا صنعته الظروف القاسية التي تمر بها الأخيرة حالياً، وإن كانت إحدى حركات تمرد دارفور تحارب إلى جانبها قوات أبناء النوير المتمردة وتنهب وتسلب في مناطقهم، وهذا بالطبع ما رشح في الإعلاح. ٭ لكن لماذا تجديد قرارات بشأن دارفور عفا عنها الزمن مع التطورات هناك؟! لقد اتحد ما تبقى من حركات ومجموعات دارفورية متمردة مع قطع الشمال تحت مظلة «الجبهة الثورية». وبذلك تكون دارفور قد خرجت من الأزمة الخاصة بها، وعادت بكاملها إلى سيادة الدولة، وأن ما يجري فيها من حين إلى آخر من اعتداءات مسلحة لا يعدو أن يكون عمليات نهب مسلح لكن بآليات حديثة، وعمليات النهب المسلح أصلاً بدأت في الأقليم منذ ستينيات القرن الماضي، وفي مايو عام 1968م وقعت تشاد مع السودان اتفاقية تعاونية لمكافحة النهب المسلح، والمجتمع الدولي الذي اهتم بتدويل قفضية دارفور رغم وجود الاتحاد الإفريقي لم يهتم بظاهرة النهب المسلح وكأنها ضمن الموروثات المقصودة للاحتلال الأوروبي في القارة. وحتى ياسر عرمان في تصريح له مؤخراً قال إنهم لن يوقعوا مع الخرطوم على اتفاق يجعلهم في مواجهة حركات دارفور. ولكن إذا توصلت الحكومة السودانية والحركة الشعبية ممثلة بقطاع الشمال على وقف إطلاق النار في جنوب كردفان من أجل حماية استقرار المواطن، فما الفائدة من هذا الاتفاق إذا استمر في تلك المناطق اعتداءات حركات دارفور انطلاقاً من معسكرات قوات قطاع الشمال؟!.. ولماذا لا يقول عرمان إنهم بعد التوصل إلى اتفاق مع حكومة المؤتمر الوطني سيطلبوا من حركات دارفور إخلاء المناطق التي كانوا يسيطرون عليها وما زالوا مثل كاودا؟!.. هل يدخل عرمان قاعة المفاوضات بسوء نية؟!. إن سوء النية يمكن قراءته من خلال تصريح عرمان، إنه يقول: «لن نوقع مع حكومة السودان اتفاقاً يجعلنا في مواجهة حركات دارفور». لكن ما هي المناسبة لإطلاق مثل هذا التصريح؟!.. حتى إذا كان هناك سؤال طرح عليه فيه إشارة ربط لحركات دارفور بقطاع الشمال، فإن التصريح الأنسب والأفضل يبقى غير هذا. لكن هذا هو عرمان ابن الشمال وابن بيئة ولاية الجزيرة، يترأس وفداً تفاوضياًَ بخصوص منطقتي جبال النوبة والنيل الأزرق. وإذا عرمان ممن يؤيدون حظر السلاح بدارفور ونزع السيادة الوطنية منها حتى ولو كان هو رئيس السودان إذا افترضنا طبعاً، فأقرأ ماذا قال السوداني الوطني الأصيل والعالم الدكتور التجاني السيسي عن السيادة الوطنية!. إنه يقول بأن السودان يملك حق الدفاع عن أراضيه بنفسه، مؤكداً أيضاً أهمية فرض هيبة الدولة لبسط الأمن والاستقرار بقوة الدولة من أجل أن يعيش الموطن في أمن واستقرار. إن التجاني السيسي حاكم دارفور الأسبق في عهد الديمقراطية الثالثة يفهم بخلاف ياسر عرمان أهمية فرض هيبة الدولة. ٭ أما ما تلاه نائب سفير السودان بالأممالمتحدة بنيويورك السفير في سياق مناهضة قرار حظر السلاح بدارفور، فهو الذي قدم هناك الحجة التي تتصادم مع المؤامرة الأجنبية التي تهدف إلى تحويل إقليم دارفور إلى كردستان أخرى. وأصحاب المؤامرة على ما يبدو لا يملكون معلومات كافية عن تركيبة مجتمع دارفور. أما السفير حسن حامد فقد قال بأن «السودان بموجب ميثاق الأممالمتحدة دولة ذات سيادة ولديه التزاماته في الدفاع عن أراضيه وسيادته وحماية أمنه القومي وموطنيه».. انتهى. إذن هذا ما جاء في بيان السفير حسن حامد الذي قدمه أمام مجلس الأمن الدولي خلال مداولاته لاعتماد القرار الدولي الخاص بتمديد ولاية فريق الخبراء المشكل بموجب القرار 1591 بخصوص أزمة دارفور. ٭ لكن هل هناك من يريد أن ينتزع من السودان كل هذه الحقوق القطرية؟! هذا هو السؤال المطروح رغم أن فريق الخبراء في هذا الوقت لا حاجة إليه بالنسبة لإقليم دارفور باعتبار التطورات على صعيده والتي جاءت بعد التوقيع على اتفاقية الدوحة وملحقاتها كاتفاقية إضافية لاتفاقية أبوجا عام 2006م التي وقعت عليها مع الحكومة خمس حركات متمردة تراجعت عنها لاحقاً حركة مناوي في ظروف «غامضة». وإذا كان مجلس الأمن يريد أن يتعامل بشأن قضية دارفور الآن بعد كل هذه التطورات بنفس الروح التي كان يتعامل بها قبل سنوات فإن هذا يفضح سوء نيته تجاه السودان بمنطق أن تدخله كان لحماية مواطن دارفور.