شاهد بالفيديو.. الفنانة عشة الجبل تحيي حفل غنائي داخل أحد الأحياء في وضح النهار وتحصل على أموال طائلة من "النقطة"    اللجنة العليا لطوارئ الخريف بكسلا تؤكد أهمية الاستعداد لمواجهة الطوارئ    إصابة 32 شخصاً بالكوليرا بينها 3 حالات وفاة بمعسكر "مسل" للنازحين في شمال دارفور    حملة في السودان على تجار العملة    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    إيه الدنيا غير لمّة ناس في خير .. أو ساعة حُزُن ..!    خطة مفاجئة.. إسبانيا تستعد لترحيل المقاول الهارب محمد علي إلى مصر    مشاهد من لقاء رئيس مجلس السيادة القائد العام ورئيس هيئة الأركان    من اختار صقور الجديان في الشان... رؤية فنية أم موازنات إدارية؟    المنتخب المدرسي السوداني يخسر من نظيره العاجي وينافس علي المركز الثالث    الاتحاد السوداني يصدر خريطة الموسم الرياضي 2025م – 2026م    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    ترتيبات في السودان بشأن خطوة تّجاه جوبا    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. لاعب المريخ السابق بلة جابر: (أكلت اللاعب العالمي ريبيري مع الكورة وقلت ليهو اتخارج وشك المشرط دا)    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحكومة و(القطاع).. جدال المرجعية وكروت الضغط.. هل تُغلق الأبواب؟
نشر في المجهر السياسي يوم 26 - 04 - 2013

انطلقت (الثلاثاء) الماضي بالعاصمة الإثيوبية (أديس أبابا) مفاوضات الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال، في جولة تعد الأولى والمباشرة بين الطرفين عقب انفضاض اللقاء الأول غير المباشر مطلع سبتمبر من العام الماضي بين الطرفين، كانت الحكومة قد احتجت فيه على مذكرة دفعت بها الحركة الشعبية حوت مطالب اعتبرتها محاولة من (القطاع) لعرقلة التفاوض.
رئيس الوفد الحكومي حينها "د. كمال عبيد" كشف عن تقديم وفد قطاع الشمال لورقة من (5) صفحات، أشار إلى أنها تجاوزت المنطقتين (جنوب كردفان) و(النيل الأزرق)، ونبه إلى أن الحديث فيها عن المنطقتين كان (سطر ونص) فقط بالصيغة التالية: (يجب أن تتعامل اللجان السياسية والأمنية المنصوص عليها في الإتفاقية الإطارية مع القضايا السياسية والأمنية للمنطقتين)، وقال إن قطاع الشمال أقحم قضايا أخرى ليست لها علاقة مع المنطقتين، وأن الورقة اقترحت تكوين لجان مماثلة لمعالجة ما إدعته مظالم مناطق دارفور، شرق السودان، (السدود)، شمال كردفان، مشروع الجزيرة.
جدال المرجعية..
قبل اطلاق صافرة البداية لانطلاقة المفاوضات، بدا واضحاً أن الطرفين بحاجة للبحث عن طريق ثالث حول أرضية الحوار ممثلة في المرجعية التي سيحتكمان إليها، فالمؤتمر الوطني ورغم تأكيدات قيادته باستعداده وجاهزيته للعملية التفاوضية، إلا أنه ظل متمسكاً بأن تكون مرجعية الحل اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا) 2005م ممثلة في إكمال تنفيذ برتوكول المنطقتين (النيل الأزرق وجنوب كردفان)، قبل أن يطالب بفك مظاهر الارتباط كافة بين الحركة الشعبية قطاع الشمال والحركة الشعبية (الأم) الحاكمة جنوب السودان.
الحركة الشعبية قطاع الشمال في وقت باكر رفضت مرجعية المؤتمر الوطني وطعنت في شرعيتها، ونوهت إلى أن اتفاقية (نيفاشا) بانفصال جنوب السودان 19 يوليو 2011م في العام لم تعد صالحة لاستيعاب ما طرأ على الساحة السودانية، وأنها متمسكة بالاتفاق الإطاري الذي وقعته مع الحكومة بالعاصمة الإثيوبية (أديس أبابا) 28 يونيو 2011م، وهو ما عرف لاحقاً باسم اتفاق (نافع عقار)، وذلك بحسبان أن "د. نافع علي نافع"، وقع إنابة عن حكومة السودان والمؤتمر الوطني، فيما وقع عن الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال "مالك عقار" بشهادة "ثابو أمبيكي" رئيس لجنة الإتحاد الافريقي رفيعة المستوى حول السودان.
المؤتمر الوطني الحزب الحاكم، نفسه انقسمت قيادته حول (الاتفاق الإطاري) ما بين مؤيد ورافض لهذا الاتجاه، وتشكلت حول الاتفاق موجة رأي عام رافضة له، ورأت فيه تكراراً لاتفاقية (نيفاشا) التي أشاروا إلى أنها كرست لانفصال جنوب السودان، وتخوفوا من أن يقود الاتفاق الإطاري المنطقتين لذات المصير وانفصالهما من جسم الدولة السودانية، وربما استجابة لحالة الرفض أعلن رئيس الجمهورية المشير "عمر البشير" رفضه للاتفاق الإطاري قبل مرور أيام من إعلان التوقيع عليه.
حالة من المرونة يمكن ملاحظتها من تأكيدات "د. نافع علي نافع" في حديثه للصحفيين أمس (الثلاثاء) بأن نجاح الجولة التفاوضية مرهون بتركيزها على قضايا المنطقتين (جنوب كردفان) و(النيل الأزرق)، دون الإشارة لبرتوكولي المنطقتين، ونبه إلى أن أي خروج عن إطار المنطقتين سيعيق ويفشل جولة المفاوضات.
الحركة الشعبية قطاع الشمال نجحت في إعادة الاتفاق للأضواء مرة أخرى بإعلان مجلس الأمن في قراره (2046) في جلسته رقم (6764)، 2 مايو 2012م، البند 3 ضرورة أن تتوصل حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال إلى تسوية عن طريق المفاوضات على أساس الاتفاق الإطاري 28 يونيو 2011م الموقع بين (نافع وعقار)، قبل أن يلمح بشبح عقوبات على الطرفين حال عدم امتثالهما للقرار.
اتفاق (نافع، عقار) الذي تمسك قطاع الشمال به وجاء من فصلين أبرز ما فيه عقد شراكة سياسية بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية قطاع الشمال في (النيل الأزرق) و(جنوب كردفان)، وتكوين لجنة سياسية مشتركة بمشاركة اللجنة الأفريقية رفيعة المستوى لمناقشة كل القضايا المتصلة ب(جنوب كردفان) و(النيل الأزرق) بما فيها القضايا التي تتناول المسائل الدستورية والقومية، ولعل ذلك ما يفسر تمسك قطاع الشمال به. الأمين العام للحركة الشعبية قطاع الشمال، "ياسر عرمان" قال لوسائل الإعلام أمس الأول (الثلاثاء) إن الوساطة أجرت اتصالات مع الأطراف كل على حدة لتحديد جدول التفاوض المباشر، وقال إن وفدهم يدخل المباحثات على أساس قرار مجلس الأمن (2046)، موضحاً أن إستراتيجية الحركة تنبني على ثلاثة مسارات تشمل الوصول إلى وقف فوري للعدائيات وفتح الممرات أمام المساعدات الإنسانية، والاتفاق على إطار قومي وأجندة وطنية تحقق المواطنة بلا تمييز في إطار عملية دستورية قومية شاملة بمشاركة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني كافة، والاتفاق على ترتيبات سياسية وأمنية للمنطقتين.
"عرمان" قال منتصف يوليو 2011م إنه لا يمكن الدخول مع المؤتمر الوطني في أي حوار أو مفاوضات إلا على أساس الاتفاق الإطاري، وأكد أنهم أخطروا "امبيكي" بأن عدم الالتزام بالاتفاق يعني نسف جهوده، وأضاف (متى ما اقتنع الوطني بالاتفاق نحن جاهزون وحاضرون للتفاوض وهو لا بديل له).
أستاذ العلوم السياسية البروفيسور "حسن إبراهيم الساعورى"، توقع قبول الحكومة بمرجعية اتفاق (مالك، عقار)، لكنه شكك في وقوف قطاع الشمال عند حد الاتفاق، ورأى أن الحكومة لم تختر التوقيت المناسب لخوض العملية التفاوضية، وقال ل(المجهر) إن الحكومة ستقبل باتفاق (مالك عقار) بوصفه سقفاً أعلى بالنسبة لها وأدنى بالنسبة لقطاع الشمال الذي أشار إلى أنه سيعمد إلى رفع سقف التفاوض.
رهان (الوطني)...
المؤتمر الوطني يدخل التفاوض وبين يديه مصفوفة اتفاق التعاون المشترك التي وقعها مع دولة جنوب السودان مؤخراً وشرعا في تنفيذها فعلياً، وكانت أبرز بنودها فيما يخص التفاوض حول المنطقتين اعلان جنوب السودان فك ارتباطه بالحركة الشعبية قطاع الشمال وجيشها الشعبي ممثلاً في الفرقتين التاسعة والعاشرة، إضافة إلى موافقته على عدم إيواء أي من الحركات المتمردة الأخرى.
فك الارتباط بين قطاع الشمال وجنوب السودان، بحسب قيادات الحكومة يعد مفتاح (فك شفرة القطاع) سواء أكان بالعمليات العسكرية أو الحوار السياسي، بحسبان أنه يعني قطع الإمداد بكل أنواعه اللوجستي، العسكري وغيرهما مما يساعد في الإبقاء على نشاط قطاع الشمال على السطح.
وعطفاً على ذلك، شهدت الساحة السياسية ما يمكن تسميته بالحراك الايجابي على مستوى العلاقة بين الحكومة والولايات المتحدة الأمريكية وتعزيزاً لها مع دولتي (الصين) و(روسيا)، بجانب تماهٍ واضح في المحيط الإقليمي ساهمت فيه الرحلات (الماكوكية) لقيادات الخرطوم والحزب الحاكم لعدد من الدول الإفريقية والأوربية.
ولأول مرة منذ مجيء ثورة الإنقاذ 1989م، تقدم الولايات المتحدة الأمريكية الدعوة للحزب الحاكم لزيارة أراضيها، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية "هيلاري رينير" (الثلاثاء) الماضي، إن مساعد الرئيس د. "نافع علي نافع" ومسؤولين آخرين، قبلوا دعوة زيارة واشنطن لإجراء مناقشات صريحة بشأن الصراعات والأزمات الإنسانية في السودان، وقالت إنه لم يتحدد موعد للزيارة بعد.
وكانت مصادر واسعة الاطلاع قد كشفت عن دعوة رسمية بعثت بها الولايات المتحدة الأمريكية للمؤتمر الوطني لزيارة أراضيها، وقالت المصادر إن أجهزة المؤتمر الوطني تعكف في الوقت الراهن على تحديد موعد لتلبية الدعوة، التي وصفتها بأنها مؤشر إيجابي في اتجاه الحوار بين الخرطوم وواشنطن.
الولايات المتحدة الأمريكية تداعت لمؤتمر المانحين بالعاصمة القطرية (الدوحة) والمخصص لدعم إقليم دارفور لجهة تحقيق الاستقرار والتنمية، وفتحت الباب لإمكانية إلغاء العقوبات الاقتصادية على السودان ورفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
ويمكن قراءة ذلك من تكرار قياداتها على مستوى مبعوث الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" للسودان "برنستون ليمان" وسفيرها بالخرطوم "جوزيف استافورد" أنها تدعم الحل السلمي في السودان وأنه لا نية لها في تغيير النظام القائم بالقوة.
إضافة إلى ذلك شرعت أمريكا فعلياً في رفع الحظر جزئياً من السودان خاصة في مجال الزراعة والتعليم، فقد شهد مطلع العام 2010م إعلان وزارة الخزانة الأمريكية ومكتب مراقبة الأصول الخارجية (OFAC) رفع الحظر التقني عن ثلاث دول هي (إيران) و(كوبا) و(السودان) المتعلق بمنع الشركات المصنعة للتطبيقات وخدمات الانترنت من إيصال منتجاتها إلى هذه الدول.
وكان مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة الأمريكية قد أصدر قراراً منتصف أبريل الجاري منح بموجبه ترخيصاً عاماً للسماح ببعض أنشطة التبادل المهني والأكاديمي بين الولايات المتحدة الأمريكية والسودان التي تم حظرها بموجب لوائح العقوبات المفروضة على السودان.
وسبق الأمر، إعلان السفير الأميركي في السودان "جوزيف ستانفورد" منتصف 2012م عدم وجود مساعٍ لبلاده تهدف عبرها لدعم تقسيم السودان أو إسقاط الحكومة السودانية، وأكد أن بلاده بدأت خطوات لتخفيف وطأة العقوبات الأميركية على السودان.
وقال السفير الأميركي في ندوة نظمها (الاتحاد العام للصحفيين السودانيين) ب(الخرطوم) حول (مستقبل العلاقات السودانية الأميركية)، إن (واشنطن) أبدت حسن النية للمضي بالعلاقات إلى الأفضل ومنحت التصديق لشركة أميركية للعمل مع شركة (سكر النيل الأبيض) والعمل مع المؤسسات المهنية والتعليمية لتخفيف حدة العقوبات الأميركية على السودان وتسهيل انسياب علاقات البلدين.
ويؤكد مراقبون أن العلاقات السودانية الأمريكية تشهد تحسناً ملحوظاً، واستدلوا بكشف مصدر رفيع بالمؤتمر الوطني رغبة (واشنطون) صراحة الدخول في حوار مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم.
وغير ذلك، لعل المؤتمر الوطني في سجاله مع (قطاع الشمال) يعول على عامل الوقت والانفراج الجزئي في الوضع الاقتصادي بانسياب بترول جنوب السودان وفتح المعابر الحدودية ما يسمح بانسياب التجارة الحدودية وإنعاش الاقتصاد السوداني الذي تراجع بسبب خروج بترول جنوب السودان من الموازنة العامة، وأثر ذلك على إدارة دولاب العمل في الدولة بما فيها الصرف على العمل العسكري الذي يأخذ حيزاً مقدراً في الميزانية العامة لاسيما وإعلان وزير الداخلية أمام البرلمان مطلع أبريل الجاري نية (أعداد كبيرة) من ضباط وصف ضباط والجنود ترك الخدمة العسكرية بسبب ضعف المرتبات.
ولكن المحلل السياسي (الساعوري) كانت له قراءة خلاف وهو يؤكد ل(المجهر) أن تصريحات الحكومة في الأيام القليلة الفائتة كانت غير موفقة وتظهر الحكومة في موقف الضعيف، لافتاً إلى أن الحكومة ليس لها أي من كروت الضغط على قطاع الشمال، ونبه إلى أن توقيتها للتفاوض كان غير موفق لكون أيام تفصلنا وموسم الخريف الذي قال إن العمليات العسكرية ضد قطاع الشمال في (جنوب كردفان) و(النيل الأزرق) تكون في صالحها.
ونبه "الساعور" إلى أن الحكومة مازالت فاقدة للسند الإقليمي والدولي، وقال متسائلاً: العرب معانا؟ الأفارقة معانا؟ أمريكا معانا؟ وأجاب كلهم ضد الحكومة، وأشار إلى الدول العربية باستثناء دولة (قطر) لم تقف مع السودان في قضاياه المصيرية، وأن الاتحاد الإفريقي منحازاً لقطاع الشمال، لافتاً إلى أن الإدارة الأمريكية ظلت كما هي عليه من قطع عهود دون تنفيذها، وعلق: أمريكا وعدتنا أكثر من (23) مرة منذ العام 1993م ولم توفِ بما وعدت.
ورأى "الساعوري" أن الحكومة لم تستطع حسم قطاع الشمال عسكرياً، لافتاً إلى أن فك ارتباط قطاع الشمال مع جنوب السودان لم يكتمل بعد وأن أسلحة الجيش الشعبي الجنوبي مازالت مع قوات قطاع الشمال، وقال كان المفروض العمل على سحب أسلحة قطاع الشمال.
كروت (قطاع الشمال)...
قطاع الشمال في المقابل لم يجد لتأكيد قوته واثبات وجوده على الأرض إلا حوالي 50 صاروخاً من نوع (الكاتيوشا) ليمطر بها سماء ولاية (جنوب كردفان) وتحديداً عاصمتها (كادوقلي) عند كل مناسبة يجتمع فيها أهل الولاية منذ التمرد الشهير ل"عبد العزيز الحلو" القيادي بالجيش الشعبي وما عرف ب(كتمة يوم 6) التي وافقت 6 يونيو 2011م موعد إعلان الجيش الشعبي بولاية (جنوب كردفان) تمرده على الحكومة المركزية، وما تبع ذلك من تمرد والي النيل الأزرق "مالك عقار" رئيس الحركة الشعبية.
ولم يتوقف جيش قطاع الشمال عند حد قصف (كادوقلي)، بل تعداه لمهاجمة المواطنين في كل المناطق التي لا يوجد فيها انتشار عسكري للقوات المسلحة أو غيرها من القوات النظامية على امتداد الحدود مع دولة جنوب السودان، إضافة إلى ذلك تنفيذ عدد من الهجمات وعمليات النهب ضد المواطنين المدنيين واغتيال عدد من قيادات المؤتمر الوطني ب(جنوب كردفان).
من ضمن كروت الضغط التي لا يستطيع قطاع الشمال إخفاءها دعم مجموعات الضغط الأمريكية القريبة من اللوبي الصهيوني والتي تساهم بحسب مراقبين واتهامات قيادات حكومة الخرطوم ، في صنع القرار الأمريكي.
يضاف إلى ما سبق، مساندة بعض قيادات الحركة الشعبية بدولة جنوب السودان الذين لا زالوا متمسكين بفكرة تغيير نظام الحكم في الخرطوم من منظور تحقيق الاستقرار في (جوبا) أو تحقيق مصالح ما (في اتجاه ما) لا يرغب في وجود حكومة حزب المؤتمر الوطني.
وربما لأسباب متعلقة بعدم رغبة قيادات في الحركة الشعبية بجنوب السودان استمرارية رئاسة "سلفاكير ميارديت" لدولة جنوب السودان من زاوية أن استقرار العلاقة مع الخرطوم يطيل أجل صاحب (البرنيطة العجيبة) في الحكم ويؤخر سقوط نظام الخرطوم.
وغير بعيد من ذلك، رهان قطاع الشمال على دعم قوات الجبهة الثورية التي تشكلت من فصائل المتمردين في دارفور ومتمردي الجيش الشعبي والتي يرأسها الفريق "مالك عقار" رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال، إضافة إلى دعم أحزاب تحالف قوى المعارضة بالداخل وأبرزها الحزب الشيوعي، الأمة القومي، البعث والمؤتمر الشعبي.
بيد أن أستاذ العلوم السياسية "حسن إبراهيم الساعوري"، رأى أن كروت الضغط التي يحملها قطاع الشمال أكثر تأثيراً على مجريات التفاوض بما فيها السند الإقليمي الإفريقي والدولي الأمريكي، وعامل الخريف الذي أشار إلى أنه على الأبواب بجانب أن عملية فك الارتباط مع جنوب السودان ما زالت على الأوراق بدليل وجود قوات قطاع الشمال وأسلحة الجيش الشعبي الجنوبي بيده داخل الأراضي السودانية وجنوب السودان.
اتجاهات التفاوض.. وإغلاق الأبواب..
قبل جلوس الطرفين إلى طاولة التفاوض، بدا واضحاً أنهما بحاجة إلى طريق ثالث أو فض الحوار، ففي الوقت الذي يتمسك فيه المؤتمر الوطني بأن مرجعية جلوسه بين يدي التفاوض بروتوكولي المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق)، وتأكيداته على لسان "د. نافع علي نافع" في حديثه للصحفيين أمس (الثلاثاء) أن نجاح الجولة التفاوضية مرهون بتركيزها على قضايا المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق)، ونبه إلى أن أي خروج عن إطار المنطقتين سيعيق ويفشل جولة المفاوضات.
رفع قطاع الشمال سقف التفاوض، وجعل من كل قضايا البلاد بما فيها المنطقتين حروفاً في سفر مطالبه، رافضاً الاحتكام لكل ما له علاقة باتفاقية السلام الشامل (نيفاشا 2005م) التي ترى قياداتها أنها (ماتت وشبعت موت)، وجدد تمسكه بالاتفاق الإطاري الذي وقعه رئيسه "مالك عقار" مع مساعد رئيس الجمهورية "د. نافع علي نافع" 28 يونيو 2011م.
"الساعوري" بدا واثقاً أن الحكومة ستقبل بالرجوع لاتفاق (مالك، عقار)، لكنه عبر عن تخوفه من رفع قطاع الشمال لسقف مطالبه التي لم يستبعد أن تتضمن الحصول على منصب نائب لرئيس الجمهورية واقتسام بترول (جنوب كردفان) بجانب بعض من المناصب في الدولة والولايتين، مشيراً إلى إمكانية ظهور طريق ثالث في التفاوض.
إذن، ربما كان الوقت باكراً لرسم ملامح لنهاية سجال الطرفين في العاصمة الإثيوبية (أديس)، ولكن الراجح أن الجولة الحالية لن تكون بأي شكل من الأشكال خاتمة المطاف لتفاوض تتقاذفه (المرجعية) و(كروت الضغط) في قضية عمرها أكثر من 8 أعوام منذ التوقيع على نيفاشا 2005م ومازالت أبوابها مشرعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.