كنا قد تقدمنا للإخوان الجمهوريين بسؤال واحد في الحلقة السابقة لهذه عن أسباب أعراض محمود محمد طه عن الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم في جميع كتبه كل ما جاء ذكره بالتصريح أو بضمير الغائب؟ وسبق أن تقدمنا بالسؤال قبل رد الأستاذ الجمهوري محمد محمد الأمين عبد الرازق صاحب كتاب «الإسلام والحكم الدستوري» والذي جاء أعني رده خالياً من أية إشارة إلى هذه الظاهرة العجيبة في كتابات شيخ الجمهوريين. وأعتقد أن هذه الظاهرة من الأهمية بحيث يجب على أهل العلم كافة والدعاة وطلاب العلم أن يقفوا عندها وعند دلالاتها طويلاً. ومن أعجب ما في الظاهرة اضطرادها وتواترها في جميع مؤلفات محمود محمد طه فيما يشبه القصد بل والإصرار. فبين يدي مجموعة من كتب محمود محمد طه: «الرسالة الثانية».. تبدأ بالإهداء ثم آية «لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام فيها والله سميع عليم» ثم بعدها «من يسلم وجهه لله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى والله سميع عليم».. صدق الله العظيم ثم يعنون بعدها «مقدمة الطبقة الرابعة» ثم يلج مباشرة إلى المقدمة بدون ذكر الحمد لله ولا الثناء عليه ولا الصلاة على رسول الله «صلى الله عليه وسلم» ثم نأتي إلى «توطئة البحث» وهو عنوان رئيسي يبدأ هكذا: بسم الله الرحمن الرحيم ثم آية: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا» وبعدها: «نحمدك اللهم ونستهديك ونستعينك ولا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك» ثم يلج مباشرة إلى التوطئة قائلاً: عندما استعلن النور الإلهي بمحمد الأمي في جبال مكة.. الخ ولم يصل عليه ولما دخل إلى أصل الكتاب في الباب الأول بدأ بقوله: المدنية غير الحضارة.. ثم أكمل. ثم نأتي «رسالة الصلاة» ويبدأها: بسم الله الرحمن الرحيم «فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك..» إلى آخر الآيات ثم يعنون مقدمة الطبعة الخامسة.. ولا يصلي على النبي بل لا يصلي عليه في أي جزء من الكتاب بمنهجية غاية في الوضوح والاستعلان والاضطراد ثم مقدمة الطبعة الرابعة من الكتاب.. ثم الكتاب نفسه.. ثم إلى آخر الكتاب ولا يصلي على النبي ولا مرة واحدة ولكننا نصلي.. اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك ورسولك وخيرتك من خلقك صلاة وسلاماً دائمين مباركين يكونان شهادة لنا عندك يوم نلقاك. ومن الملاحظ أن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وإيراد أحاديثه ليس بالقدر الذي تستحقه المواضيع والقضايا التي يتناولها محمود محمد طه.. ونلاحظ أنه كثيراً ما يكتفي بنصوص القرآن الكريم مع إيراد القليل النادر الشحيح من أحاديثه صلى الله عليه وسلم والمستريب أو الباحث عن الحقيقة ما عليه إلا أن يقوم بسياحة سريعة في كتبه المطبوعة في المكتبة الورقية أو المكتبة الإلكترونية. والمنهجية في الإصرار على تجنب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بقدر الإمكان وتجنب الصلاة عليه لا تحتاج إلى برهان فمن المنهجية قوله في ص 242 من كتاب الصلاة في إصدارة «نحو مشروع مستقبلي للإسلام» وهو يحوي ثلاثة كتب الرسالة الثانية ورسالة الصلاة ونحو تطوير شريعة الأحوال الشخصية. يقول محمود: هناك حديث يقول «لكل شيء قلب وقلب القرآن يس». لاحظ الالتفاف حول قضية ذكر اسم النبي أو صفته صلى الله عليه وسلم لتجنب الصلاة عليه.. وفي الصفحة التي قبلها في كتاب الصلاة: قال المعصوم.. وقال.. ولا صلاة ولا سلام. في كتاب نحو تطوير شريعة الأحوال الشخصية نفس المنهجية بسم الله الرحمن الرحيم.. ثم آية ثم مقدمة الطبعة الثانية ثم الدخول في صلب الموضوع مباشرة.. موضوع المقدمة وبعدها مقدمة الكتاب ثم توطئة البحث وتتداخل توطئة البحث مع بداية الكتاب ولا يخطر ببال الأستاذ أي خاطرة للصلاة على المعصوم ولا على النبي ولا على الرسول ولا حتى لو ذكره باسمه المجرد محمد وكثيراً ما ذكره باسمه المجرد.. ويطبق ذات المنهجية التي تحير وتغيظ. ثم نستمر نستعرض كتاب أسئلة وأجوبة الكتاب الثاني وتستمر ذات المنهجية وذات الإصرار والاضطراد.. وفيه في صفحة «57» طبعة رمضان 1391 نوفمبر 1971 النبوة ختمت بأحمد.. ولكن الرسالة لم تختم بمحمد.. ما معنى هذا؟ الذي يعنينا الآن هو عدم الصلاة على الحبيب المصطفى أما ختم النبوة وختم الرسالة فلنا معهم شأن آخر. أنظر كتاب: الدين والتنمية الاجتماعية وكتاب الماركسية في الميزان والسؤال للإخوان الجمهوريين: لماذا يتحاشى محمود محمد طه الصلاة على الحبيب المصطفى؟ بل لماذا لا يصلي عليه ولو مرة واحدة؟ أوردوا لنا كتاباً ومطبوعات من كتبه أو رسائله صلى محمود فيها على النبي مرة واحدة؟ دعكم من التمحك والتمحل والمراوغة.. ودعكم من السباب والشتائم فذلك لن يجعل الحق باطلاً و لا الباطل حقاً.. فإن عجزتم عن هذا فأنتم عما سواه أعجز. وإليكم السؤال الثاني: يقول محمود إن النبوة قد ختمت بمحمد ولكن الرسالة لم تختم به وهو يشر الإنسانية بالرسالة الثانية ويحيي رسولها ويسميه الرجل.. الرجل وهو يتمخض اليوم في أحشائها وقد اشتد بها الطلق وتنفس صبح الميلاد. كيف يكون محمد خاتماً للأنبياء ولا يكون خاتماً للمرسلين؟ أليس كل رسول نبياً؟ كيف يكون محمود محمد طه رسولاً وهو لم ينبأ لأن النبوة ختمت.. آسف أقصد كيف يكون الرجل رسولاً وهو لم ينبأ فالنبوة كما يقول محمود محمد طه قد ختمت. لا تشغلوا بالكم بسبي وشتمي ولا تضيعوا فيه وقتاً فلن يحرك ذلك فيّ شعرة.. ولو جئتم بطبلكم وزمركم واحطتم بي العمر كله ما صرفني ذلك عن طاعة ولا دفع بي إلى معصية.. الأخ بكري المدني يقول إني قد قسوت عليكم.. ومعناه صحيح وتعبيره خاطئ.. فأنا لم أقسُ عليكم فأنا لم أورد سوى الحقائق.. والمعنى الذي قصده بكري المدني هو أني قد ضغطكم أي عصرتكم.. والضغاط في اللغة هو عصر الشيء إلى الشيء.. والضغاط يكثر عند الزحام ويكثر أيضاً مجازاً عند الخصام.. ومن كان لا يحتمل الضغاط ولا يستطيع أن يتماسك فليتجنب الزحام والخصام. وأنشد ابن دريد أن الندى حيث ترى الضغاط والندى والكرم والشرف يخرج من الكريم عند الضغاط والذي يخرج من اللئيم في الزحام شيء.. ويخرج من اللئيم في الخصام شيء من جنس ما يخرج في الزحام.. وهو عين ما يخرج من محمد الأمين عبد الرازق في مقالتيه اللتين شتمني فيهما.. فالسباب والشتائم هما ضراط الضعيف في الخصام.. فيا أيها الجمهوريون.. إياكم والضغاط وإياكم والزحام والخصام.. فهما مجلبة للخزي والعار.. وتخيروا أعداءكم.