في النصف الأول من العام 1970م ونحن موظفون في وزارة الثقافة والإعلام كان مولد «معهد الإعلام» وهو النواة لأكاديمية السودان لعلوم الاتصال، حيث صدر قرار مجلس الوزراء وقتها بإنشاء المعهد بناءً على مذكرة تقدم بها وزير الإعلام السيد بونا ملول. حضر السيد الوزير بونال ملوال للوزارة وبيده القرار الذي سلمه للبروفيسور حسن محمد الزين وكلفه بتنفيذه مديراً للمعهد. اختار البروفيسور حسن الزين اثنين من موظفي الوزارة لمعاونته في التنفيذ هما المرحوم جعفر محجوب وشخصي وكنا وقتها في ريعان الشباب ولا نزكي أنفسنا ولكن كان مشهوداً لنا بالعمل الجاد المتخطي للبيروقراطية والروتين في أسلوب مصادم شجاع. فسألنا عن المقر للمعهد فقيل لنا ليس هناك مقر ثم سألنا عن الموظفين فقيل لنا ليس هناك موظفون ثم سألنا عن الميزانية فقيل لنا ليس هناك ميزانية. قلنا ماذا هناك إذن؟!! أجابنا السيد الوزير بأن القرار الوزاري سلاح في يدكم إذا استخدمتموه الاستخدام الصحيح فسوف تحصلون على كل ذلك. قبلنا التحدي وشمرنا عن ساعد الجد فقبلنا أول مجموعة للتدريب قبل الحصول على المقر واتخذنا من قاعة الاجتماعات برئاسة الوزارة مكاناً لتنفيذ الكورسات مستعينين ببعض الزملاء من رموز العمل الإعلامي وقادته التابعين لأقسام الوزارة. ثم بدأنا الاتصال بالمنظمات الأجنبية واليونسكو وجامعة الدول العربية. تحصلنا على بعثة قصيرة من تومسون فاوندايشن ببريطانيا للطلاب. كما حصلنا على موافقة مؤسسة «فريدرش ناومان الألمانية» فأوفدت ممثليها لتنفيذ مشروع دعم المعهد لفترة عشر سنوات ثم تحول اسم معهد الإعلام الى «المركز القومي للتدريب الإعلامي» بعد ان اقتحمنا احد البيوت الحكومية في حي جاكسون بالخرطوم غرب عندما علمنا ان ساكنه قد أحيل على المعاش وكسرنا القفل والجنزير الذي قام بإحكامه موظفو وزارة الاشغال التي كانت المساكن الحكومية تتبع لهم بعد أن وضعنا وفي يوم واحد لافتة على واجهة المبنى مكتوب عليها «جمهورية السودان- وزارة الثقافة والإعلام- معهد الإعلام». رفع موظفو وزارة الأشغال شكوى ضدنا لوزيرهم مصطحبين معهم صورة من قرار مجلس الوزراء بإنشاء المعهد فاعتذر وزير الاشغال بان قرار مجلس الوزراء فوق صلاحياته. استقبل المعهد في بداياته الأولى وفد طلاب المعهد العربي للإعلام التابع لجامعة الدول العربية وكان بقيادة مديره الزبير سيف الإسلام. نظم المعهد لهم كورس في قصر الشباب والاطفال بامدرمان ثم قاموا بزيارة مشروع الرهد ومصنع الصداقة بالحصاحيصا ومصنع السكر بالجنيد ومدبغة النيل الأزرق ثم أصدروا عدداً خاصاً من جريدة الصحافة كان عدداً مميزاً. أرسلت اليونسكو للمعهد خبيراً فرنسياً وبصحبته مبلغ «200.000» مائتي ألف دولار وبرنامج تدريبي معد سلفاً لانفاق المبلغ وأوفدت جامعة الدول العربية اثنين من أساتذة كلية الإعلام بالقاهرة لمدة عامين هما الدكتور مصطفى الحاروني والدكتور مصطفى عزيز. استأجرت مؤسسة (فردرش ناومان) الالمانية عمارة شرق المطار مكونة من خمسة عشر غرفة واستجلبت عدداً من العربات اللاندكروزر بعضها مجهز للعمل والتدريب الميداني بالإضافة الى استوديو متكامل بالكاميرات وأجهزة الصوت والمونتاج والإضاءة وكل متطلبات الاستوديو الحديث من العوازل والارضيات كما اوفدت الخبراء والفنيين تباعاً خلال فترة المشروع لتطوير المركز. وبدأنا في تدريب الكوادر الاعلامية العاملة في اجهزة الاعلام المختلفة وعدد من منسوبي الوزارات والمصالح الحكومية والاجهزة الرسمية في كورسات خاصة وكورسات متخصصة بجانب الكورس الرئيس الذي تمنح في نهايته شهادة تعادل الدبلوم. في هذه الأثناء اتصلت رئاسة وزارة الثقافة والإعلام بجامعة الخرطوم وطلبت تحويل المركز إلى كلية إعلام بالجامعة فاعترض عدد من الإعلاميين وكان في مقدمتهم الدكتور الطيب حاج عطية على تحويل المركز إلى كلية إعلام لعدم اكتمال متطلبات إنشاء الكلية أكاديمياً وفنياً وإدارياً وكان ذلك بعد دراسة الموضوع من قبل لجنة كونها السيد الوزير من أساتذة الإعلام أذكر منهم الدكتور الطيب حاج عطية الدكتور حسن الزين الدكتورة حاجة كاشف العميد وقتها مصطفى الزبير صغيرون الدكتور سيد أحمد نقد الله وعدد من الأكاديميين والإعلاميين فصدرت توصية اللجنة بأن يظل المركز قومياً يعنى بالتدريب في مجال الصحافة والإذاعة والتلفزيون وأن يعني بالتدريب على مستوى القطر. بعد ذلك كللت مساعينا لدى وزارة المالية بتخصيص ميزانية تسيير للمركز ولدى مصلحة الأراضي بتخصيص قطعة الارض المقامة عليها مباني الكلية حالياً. بمساعدة مؤسسة «فردرش ناومان» قام المركز بتنظيم مؤتمرات إعلامية في عواصم أقاليم السودان، المختلفة برعاية حكام الأقاليم ومشاركة وزراء الإعلام وبعض أساتذة الجامعات وقيادات العمل الصحفي والإعلامي والثقافي بجانب استمرار الكورسات. أرسل المركز بعض طلابه وكانوا من العاملين في حقل الإعلام إلى : أ. مؤسسة تومسون فاوندايشن في بريطانيا. ب. جمهورية مصر العربية. وبعض الاساتذة السودانيين في زيارات قصيرة إلى: أ. جمهورية المانيا. ب. بعض الدول الافريقية من الافلام التي انتجت في المركز: 1. فلم (عرس الأوسط) وهو يغطي مهرجان الثقافة في وادمدني. 2. فلم بورتسودان في خدمة النقل البحري. 3. فلم سواكن الماضي، الحاضر، المستقبل. 4. فلم عن مهرجان الديربي لسباق الخيل. 5. مجموعة لقطات تلفزيونية لتطور وسائل الري في السودان (Stock sots) 6. مجموعة لقطات تلفزيونية لتطور النسيج في السودان (Stock sots). 7. برنامج تسجيلي عن مسيد ود الفادني. 8. بعض البرامج الإذاعية. من الاساتذة الذين تعاقبوا على إدارة المركز دون ترتيب: الأستاذ حسن محمد الزبير والأستاذ عمانويل داؤود انطون. والأستاذ المرحوم عمر أحمد آدم والأستاذ حمدي بدر الدين. والأستاذ ابوبكر وزيري. والأستاذ حسان سعد الدين. والأستاذ حديد السراج. والأستاذ معاوية حسن فضل الله. والأستاذ محمد زين خلف الله. ومن المعلمين والمدربين: الأستاذ المرحوم فراج الطيب. والأستاذ فهمي بدوي. والأستاذ محمد صالح فهمي. والأستاذ د. أحمد عبد الحليم. والأستاذ د. صلاح أحمد إبراهيم. والأستاذ د. بشير صالح. والأستاذ د. مصطفى سيد أحمد. والأستاذ خالد عبده دهب. والأستاذة آمال عوض. والمهندس صلاح طه. ود. عبد الرحيم نور الدين.