سارة إبراهيم: الحاجة جاه النبي مضوي عبد الله أم لأربعة أبناء تركهم والدهم وهم في بداية مراحل حياتهم دون ان يترك لهم وراءه شيئاً يساعدهم لإتمام مراحلهم التعليمية، فما كان من والدتهم الحاجة جاه النبي إلا ان تفكر في ايجاد مصدر دخل لإعالة هؤلاء الأطفال واتجهت الى عمل خياطة الطواقي والملافح والاتجار فيها، ثم من بعد ذلك توسعت تجارتها حتى افتتحت دكاناً تبيع فيها الطواقي والشالات والملافح والملايات بسعر الجملة، فساعدت ابناءها الاربعة حتى تخرجوا من مختلف الجامعات والآن لديها واحد من ابنائها يتبوأ منصبا رفيعا في الحكومة، وغيرها من التجارب الناصعة التي تؤكد صمود تلك المهن رغم أنف التطور والحداثة ما زالت المهن اليدوية محتفظة برونقها. احتياجات الأسرة ومن جانبها التقينا بالحاجة عواطف ام محمد بائعة أدوات زينة تقليدية والتي تعمل في هذا المجال منذ أكثر من خمس سنوات عائلة لطفلين اكبرهما سناً يدرس في الصف الخامس الاساس. وأضافت انها تريد لابنائها الاثنين الاستمرار ومواصلة دراستهم حتي تضمن لهم مستقبلا واعدا. عن مهنتها قالت عواطف بأنها ولجت هذا المجال نسبة للظروف الاقتصادية الصعبة، وان زوجها يعمل باليومية وهذا العمل لا يكفي احتياجات الاسرة اليومية في ظل ارتفاع الأسعار الكبير. دخل ثابت وفي سياق متصل بثينة عمر موظفة في رأيها ان المهن اليدوية باتت كغيرها من المهن وان البعض من اصحابها يعتبرها مهنة اساسية توفر دخلا ثابتا وفى معظم الاحيان تكون مصدر دخل أساسى لبعض الأسر ،ومعظم هذه المهن اليدوية تبدأ هواية إلا انها تحولت الى مهن أساسية لمصدر رزق أساسى وفى رأيها ان هذه المهن تنتشر وسط النساء بصورة اكبر كالحلى اليدوية وغيرها من أدوات الزينة، وفي ختام حديثها قالت بثينة ان هذه المهن اليدوية على الرغم من انها قديمة منذ سنوات إلا انها لا زالت تحافظ على وجودها وتنافس بقية المهن. دعم الاقتصاد القومي و في سياق متصل قال الخبير الاقتصادي د. محمد أحمد الجاك ان هذا النوع من النشاط الاقتصادي المرتبط بالمهن اليدوية يدخل في القطاع غير الرسمي من الاقتصاد، ومعظم الذين يدخلون هذا القطاع يكون بسبب ارتفاع معدلات البطالة او بسبب الانكماش والكساد في النشاط الاقتصادي أو بسبب تدني مستويات الأجور في القطاعات الرسمية وارتفاع تكاليف المعيشة، فبعض الذين يلجون هذا المجال إما بسبب انهم يريدون دعم دخولهم لمواجهة الزيادة في تكاليف المعيشة او أن هؤلاء لا يجدون عملا في القطاعات الرسمية علي الرغم من ان بعض الذين يعملون في هذا القطاع ينظرون اليهم وكأنهم يدخلون هذه المهن دون رغبة، ولكن في الواقع كما اشارت الكثير من التجارب إلى أن الكثيرين منهم يدخلون هذا القطاع ويمتهنون المهن اليدوية من منطق ان عائداتها اكبر من عائدات العمل في القطاع الرسمي نتيجة لذلك فان كثيرا من الدول حاولت ان تقلل من هذه الأنشطة الهامشية وبالتالي الاستفادة من مساهمتها في الدخل القومي والاستفادة من الإيرادات التي يمكن ان تحصل عليها الدولة من هذا النشاط في شكل رسوم او ضرائب وبصورة منظمة ونتيجة لذلك اصبح هذا النشاط يشكل قطاعا اقتصاديا مهما في كثير من البلدان التي قننته وأصدرت التشريعات لحمايته لأهميته، وفي السودان ادركت الدولة اهمية هذا القطاع نتيجة لزيادة معدلات البطالة وقد اشارت الإحصاءات الى ان هذا القطاع يستوعب ما يقارب 20% من العمالة لذلك بدأت الدولة في التفكير لتطوير القطاع وتنظيمه حيث يمثل أداة تخفيف معدلات الفقر، فالحديث والجهود المبذولة الآن تحت مظلة التمويل الاصغر ومشروعات الخريج المنتج كمثال كل تلك المشروعات تصب نحو تطوير وتنمية القطاع والاستفادة منه في دعم الاقتصاد القومي. ضنك العيش الباحثة الاجتماعية الأستاذة اعتدال الصديق قالت في بداية حديثها ل «الإنتباهة» بضرورة ان يكون لكل ام تعول اسرة في حالة غياب العائل مصدر دخل ثابت لتوخي الرزق الحلال بالعمل اليدوي، وان الأمهات يمتهن هذه المهن البسيطة يزلن بها ما يعانينه من ضنك في المعيشة وحاجة للمتطلبات اليومية. وهذا لا يعني أن العمل الذي يمتهنه يلبي كل حاجاته الأساسية ويحققها ولكن بالرغم من ذلك نجد الكثير من الأمهات ربّين أولادهن وبناتهن من مصدر الرزق الضئيل هذا وحققوا أعلى درجات التعليم والترقي الوظيفي. وأخرجوا أمهاتهم من الحالة الاقتصادية المتدنية، الى الاقتراب من الرفاهية. وأضافت الأستاذة اعتدال بأن اغلب النساء العاملات في هذه المهن اليدوية البسيطة هن في قائمة المطلقات أو الأرامل أو المعلّقات، والفئة الأخيرة هذه الكثيرة الآن في المجتمع، وهي ظاهرة تستحق لفت الانتباه. والهدف من هذه المهن هو سد الرمق، وفك الحوجة. وخلصت اعتدال بان كل ذلك يرجع الى الحالة الاقتصادية المتردية التي تعاني منها بلادنا منذ فترة.