الوسط الرياضي وسط الترابط والتوادد والتماسك والملمات.. يجدد ترابطه وتوادده وتماسكه في كل أمر يحتاج لهذه الصفات.. وأمس الأول وفي موكب مهيب وتجمع حاشد تدافع أعضاء الوسط الرياضي بكل ألوانه وتنادوا مشيعين بمقابر البكري بأم درمان فقيدهم وفقيد الرياضة المغفور له باذن الله سليمان كير الذي لقى ربه في حادث مرور مشؤوم قبل وصوله الى عطبرة قادماً من بورتسودان متوجهاً إلى كورتي لأداء واجب عزاء.. وكما كانت مقابر البكري.. كان مستشفى عطبرة.. حيث هب الرياضيون هناك على بكرة أبيهم الى المستشفى إثر سماعهم النبأ المشؤوم.. ومنزل الفقيد بمدينة بورتسودان كان هو الآخر محطة من محطات الحزن الكبير في وداع رجل رياضي من طراز فريد عاشق حد الوله للكرة وهلالي حتى النخاع وقيادي محسن لدفة القيادة.. أعطى عمره لهلال الساحل.. بالفكر والجد والمال.. وكان أول من غزا العاصمة ليخطف نجومها الى الثغر الحبيب يوم كانت العاصمة متخصصة في خطف نجوم الاقاليم فرصع الهلال بالنجوم وجرى النجوم نحو الهلال فكانت بورتسودان قبلة لهم وكان هلالها على كل لسان والانضمام اليه سقف طموحات وأماني وأحلام اللاعبين.. هذا على جانب الفريق وعلى جانب الادارة وقف الفقيد سليمان وشقيقه محمد علي كير على البنيان فزينوا جيد النادي بحزام دكاكين غطت الجزء الأكبر من منصرفاته.. اضافة للملعب الذي شيداه على أحدث طراز.. وليست هذه الجزئية الأهم.. فالأهم واللافت ان سليمان كير كان صاحب لافتة الاستقبال.. والمنزل الفندق.. ووسيلة النقل.. والمطعم.. والكافتيريا.. والدليل للفسحة والنزهة.. هو الأول حضوراً في استقبال البعثات الرياضية بمطار بورتسودان.. وهو الدار المستضيفة للفرق القادمة.. وهو مالك السيارة التي تتحرك بضيوف المدينة.. وهو المرشد السياحي في تجوال البعثات للفسحة والنزهة بالثغر الحبيب.. فما من بعثة حلت ببورتسودان إلا وعادت تلهج بالشكر الجزيل والنبيل لسليمان كير.. فالرجل في تعامله مع بعثات الولايات القادمة كان أول من يستيقظ وآخر من ينام.. ويتابع حضوراً من المطار الى المطار وما بين ذلك يقيم الدعوات والحفلات ويودع بالهدايا والدروع والوشاحات.. هذا شيء عن كير الرياضي.. أما كير الاجتماعي فعاش رمزاً لانسان السودان الجميل الكريم يواسي ويبارك ويمد اليد في السراء والضراء يزيد الفرح فرحاً.. ويخفف على الحزين الأحزان بالحضور أو السفر وبأضعف الايمان بالاتصال.. وبلا شك فرحيل سليمان كير.. الرجل الفخيم والكبير رياضياً واجتماعياً هو رحيل مدينة.. مدينة أحبها وعاش فيها وبها.. مدينة هو واحد من أعيانها الكبار.. مدينة ميناء وعندما تكون المدينة ميناء فهي عنوان كامل للبلاد.. وعندما يكون الراحل كير فهو عنوان كبير داخل هذا الإطار.. فقد كان الراحل رمزاً يشار اليه بالبنان بالميناء والأستاد والأندية على مختلف ألوانها وفي سرادق العزاء وفي صيوان الأفراح.. وبورتسودان التي بكت فقيدها سليمان كما بكته عطبرة والعاصمة والرياضيون في كل مكان مطالبة ان تحقق أمنيته وحلمه.. بالعودة السريعة للممتاز فحزنه على مغادرة المريخ والعرب والهلال للدوري الممتاز يقارب الحزن على فراقه.. وإحياء ذكراه يجيء من عودة الثغر للممتاز فقد قدم نفسه لرئاسة الهلال من هذا الاتجاه وجاء فوزه «بالإجماع السكوتي».. قبل ان يسكته الموت بساعات قليلة في هذا الاتجاه.. واثق ان أهل الهلال جادون وقادرون ان يحيوا ذكراه بعودة ناديهم الى مصاف الأندية السيادية بالبلاد.. رحم الله فقيد البلاد والرياضة والميناء والتخليص والجمارك والثغر والهلال.. «الكبير» الكبير الكبير سليمان كير وجعل الجنة مثواه مع الصديقين والشهداء.. «إنا لله وإنا إليه راجعون»..