لأن يضيع من الراعي ثور أو جمل أو خروف أو فرس أو حتى المراح كله هذا أمر مقدور عليه ولكن المصيبة أن يفقد الراعي بنكاً كاملاً هو بنك الثروة الحيوانية الذي قام على أكتاف الرعاة وورث الثروة الحيوانية كابرًا عن كابر وإذا به اليوم كالابن السفيه الذي يعبث بأموال أبيه بعد موته ويضيعها في ملذاته بدلاً من الاهتمام بها وتنميتها كما كان يفعل والأب وقيل إن هذا يأتي من سوء التربية حيناً ومن سوء التقدير أحيانا أخرى. فقد قام بنك الثروة الحيوانية كبنك حصري للثروة الحيوانية في كل السودان وبناءً على هذه الحصرية والخصوصية آلت لبنك الثروة الحيوانية أصول المؤسسة العامة لتسويق المواشي واللحوم أو ما يعرف بمؤسسة تسويق الماشية وهي مؤسسة عريقة تمتلك أصولاً ضخمة عبارة عن مباني ومنها مقر البنك الحالي بالشارع رقم (1) العمارات ومحاجر وحظائر للماشية في كل الأسواق وحصل البنك على أصول أخرى من حكومة السودان وهي أصول ثابتة ومنقولة. كما حصل على رأس مال من الرعاة أنفسهم والذين وعدهم البنك بأن يكونوا أعضاء في مجلس إدارته لكونهم مؤسسين للبنك وأصحاب أسهم وفي ذات الوقت أصحاب مصلحة لأن البنك قد جاء من أجل الثروة الحيوانية كما جاء البنك الزراعي من أجل الثروة الزراعية والبنك التجاري من أجل التجارة والبنك الصناعي من أجل الصناعة وبنك العمال من أجل العمال. أول ما فعله بنك الثروة الحيوانية هو التجاهل التام للثروة الحيوانية ولا أحد يعرف حتى الآن استثمارات أو خدمات تنموية قام بها بنك الثروة الحيوانية من أجل هذه الثروة بل إن البنك قام بإغلاق الفروع التي قام بفتحها في مناطق الثروة الحيوانية ومنها فرع حمرة الشيخ الذي ظن الناس أنه قد جاء من أجل تقديم خدمات مصرفية للرعاة وحفظ أموالهم وتنميتها من خلال مناشط مشتركة بين البنك والرعاة ولكن الذي تبيّن فيما بعد أن البنك قد فتح ذلك الفرع لامتصاص السيولة النقدية التي كانت متوفرة في المنطقة بسبب نشاط الجمارك وتجارة الحدود بين ليبيا والسودان في ذلك الوقت. وحسب التصريح الذي أدلى به مهدي أكرت نائب دائرة بارا بالمجلس الوطني لصحيفة الصيحة الصادرة يوم الإثنين «24» مارس الجاري يقول التصريح هناك تجاوزات مالية وإدارية ببنك الثروة الحيوانية من أهم هذه التجاوزات الخطيرة بيع أصول البنك والدخول في مرابحات بطرق غير شرعية وفق مستندات منقوصة والجهة التي قامت بشراء أصول البنك هي شركة وهمية والأصول التي تم التصرف فيها بالبيع هي منازل البنك بحي الواحة ومنطقة الحلفاية وسوق أبو زيد. والسؤال لماذا يقوم بنك الثروة الحيوانية ببيع هذه الأصول أو تمويل شراء بعضها ولمصلحة من يتم هذا البيع الذي يعتبر تعدياً على حقوق المساهمين ومؤسسي البنك من الرعاة في كل السودان! وفي حقيقة الأمر فإن الرعاة هم آخر من يعلم عن هذا البنك الذي على أقل تقدير يحمل اسمهم من خلال لافتة كبيرة تطل على شارع المطار وفروع في كل مكان وشركات بعضها قد أفلس وبعضها انحرف عن الهدف الذي نشأت من أجله هل تصدق عزيزي القارئ أن عدداً لا يستهان به من الرعاة دخلوا مساهمين في بنك الثروة الحيوانية بكرائم أموالهم من الإبل بأعداد كبيرة واليوم ليس لديهم رؤوس أموال ولا أرباح في هذا البنك. وساهم أحدهم في البنك بأكثر من «50» بعيراً وجاء بعد عدة سنوات ليكتشف أن أرباحه من كل هذه الإبل لا تساوي قيمة كيلو من اللحم فيا أهل الدين والفتوى والشريعة لقد ساهم هؤلاء الرعاة في البنك بمواشيهم أليس من حقهم الشرعي أن يحصلوا على هذه المواشي أو قيمتها بالدولار كما باعها البنك في الأسواق العالمية بالعملات الصعبة الأستاذ مهدي أكرت ليس هو النائب الوحيد الذي يمكن أن يحصل على تفويض من المواطنين بأخذ حقهم في بنك الثروة الحيوانية فهناك العديد من النواب ومن أهل القانون الذين يمكن أن يخاطبوا وزارة المالية ورئاسة الجمهورية لوقف بيع أصول بنك الثروة الحيوانية أولاً واتخاذ القرار المناسب حول هذا البنك إن كان للثروة الحيوانية أم للتجارة والاستثمار وتشييد العمارات وتمويل العمليات لصالح أناس لا صلة لهم بالثروة الحيوانية ويمكن لكل هؤلاء المتضررين في مناطق الثروة الحيوانية إنشاء بنك جديد للثروة الحيوانية تحت أي مسمى من المسميات على أن يتنازل البنك الحالي عن كل الأصول التي آلت إليه من الحكومة أو من مؤسسة تسويق المواشي واللحوم سابقاً وليكن ذلك على أسس جديدة لتحقيق ذات الأهداف التي فشل البنك الحالي في تحقيقها وهي تنمية وتطوير قطاع الثروة الحيوانية بالسودان.