انطلقت بمشروعات الولاية الشمالية المختلفة عملية حصاد المحصول الإستراتيجي «القمح» الذي أصبح كرت ضغط على الشعوب المستضعفة من قبل الدول العظمى، في الوقت الذي يملك فيه السودان كل مقومات التصدير لهذا المحصول ليكون أكبر دولة لإنتاج محصول القمح، تأتي رياح الإرادة على غير ما تشتهي سفن المواطن السوداني، لتصبح الدولة في قائمة الدول المستوردة للقمح رغم أنف المقومات والأراضي الشاسعة، ورغم أنف جريان نهر النيل ذي المياه العذبة شاقاً البلاد من الجنوب إلى الشمال دون أن تستوقفه مساحات زراعية واسعة تسد رمق الجنيه المتدني القيمة، وتقف «ألف أحمر» في وجه الدولار المنتفخ الأوداج. وتشير الإحصاءات الأولية إلى أن متوسط إنتاج الفدان ترواح ما بين «10 15» جوالاً للفدان في أراضي التروس العليا، الأمر الذي اعتبره المراقبون إنتاجاً مقبولاً إلى حد ما، من واقع ارتفاع مدخلات الإنتاج التي أصبحت لغزاً محيراً لجميع مزارعي الولاية الشمالية، واستهدفت وزارة الزراعة بالشمالية هذا العام ما يقرب من «300» فدان لزراعة محصول القمح حسب تقاير الوزارة التي صدرت في بداية الموسم الشتوي، غير أن المساحات التي تمت زراعتها لم تصل للرقم المطلوب على خلفية انسحاب تمويل المركز لمساحات واسعة بالشمالية بعد «فضيحة التقاوي المضروبة التي اكتوي بنارها مزارعو مشروع الجزيرة». وتراوحت أسعار المحصول في بداية الإنتاج ما بين «300 350» جنيه للجوال، وتشير معظم النتائج إلى أن إنتاج الولاية الشمالية بوضعه الحالي من محصول القمح لا يدعم عملية «الشمالية سلة غذاء السودان من محصول القمح» خاصة في ظل المرارات الموجودة على أرض الواقع والمتعلقة بتعقيدات عملية توصيل المشروعات الزراعية بالكهرباء، إضافة إلى ضياع مبلغ «20» ألف جنيه كانت مرصودة لنفخ الروح في جسد خمس مشروعات كبيرة بالشمالية في واحدة من أوجه الفساد المتعلقة باستلام الشركات المنفذة للمبلغ المطلوب دون تنفيذ للعمل المرغوب، لتخسر الشمالية والسودان فرصة الانطلاقة لمنصات الإنتاج العالية التي كانت ستدعم خزينة الدولة المنهكة في ظل الاعتماد على موارد ناضبة. وفي الاستطلاع الذي أجرته «الإنتباهة» وسط شرائح واسعة من رؤساء المشروعات وجماعات المزارعين حول إمكانية زيادة المساحات المزروعة في ظل الأوضاع الحالية، إضافة إلى مقارنة تحقيق الفائدة من الإنتاج على ضوء التكاليف الإنتاجية. أوضح معظمهم أن الأمر يحتاج إلى معالجة حقيقية من قبل الدولة فيما يتعلق بتقليل تكلفة الإنتاج، حتى تستطيع المشروعات الزراعية زراعة مساحات واسعة تمكن المشروع من تحقيق أهدافه، وتدعم سياسة الدولة لتوطين زراعة القمح بالشمالية. وأوضح المزارع الخير أنه إذا لم تتدخل الدولة لحل المعضلة المتعلقة بتوصيل المشروعات الزراعية بالكهرباء، ستظل مساحات كبيرة وشاسعة أرضاً بلا إنتاج في ظل الطلب المتزايد لمحصول القمح، إلى ذلك فقد عانى مزارعو الشمالية في غضون الأعوام السابقة من عدم توازن حقيقي فيما يتعلق بتحديد سعر تركيز محصول القمح، الأمر الذي جعل الكثيرين منهم يهربون من عملية الزراعة خاصة عندما اصطدمت طموحاتهم بعدم إمكانية تحقيق الفائدة المرجوة والربحية المطلوبة من زراعة المحصول الإستراتيجي المهم. عموماً تظل الأسئلة حائرة فيما يتعلق بعدم الاهتمام الرسمي بهذا المحصول، خاصة السؤال المطروح وهو، لماذا لم تسع الدولة إلى تسهيل توصيل المشروعات الزراعية بالكهرباء؟ وهي تمتلك المقدرة على ذلك غير أنها لا تفعل؟! بينما يأمل المزارع البسيط في إجابة شافية تمكنه من تحديد وجهته إما بترك الزراعة نهائياً أو المجازفة بزراعة معلومة العواقب!!