زارهم صديق للوالد وكان صاحب أنف كبير وملفت، وبحسابات الأم أن هذه وحدها مادة دسمة للابن .. تعليق واستغراب صارخ و.. فما كان منها عند زيارة ذلك الصديق الا التنبيه للابن الالتزام بالتهذيب وحتى السكوت أمام هذا الضيف الذي خرجت إليه تحمل صينية الشاي ووضعتها أمامه، ثم انحنت لتصب للضيف وقلبها على لسان ابنها بجانبها، رفعت الأم رأسها تحمل الملعقة وهي تسأل الضيف: أكب ليك كم نخرة؟ يدهشنا الأبناء وأحيانًا يصلون بنا حد الجنون.. لكنه جنون محبب يفقدنا صوابنا حينًا وحينًا نكتم تلك الدهشة ونخفيها ونتغذى بها لنعيد صياغتها تربيةً وصبرًا وكما قيل في الأثر.. عودوهم الخير فإن الخير عادة.. نتمنى كل الخير لهم ولنا ودعوة للوقوف أمام أنفسنا كمربين ماذا نفعل؟ هل نسلك الدرب الأسهل ونتركهم لرياح العشوائية؟ أم نتمعَّن ونتعمّق وندلف لدواخلهم ونفهم أبجديات الأبناء ونوحد لغتنا معهم ما استطعنا! ونهتم كثيرًا بسلوكيات الأبناء خاصة أمام الآخرين.. ونضغط أحيانًا على العفوية والتلقائية وتلك الشقاوة المنعشة!! فهل نتركهم وما يأتي منهم ونتعاطى معه كيفما كان او نوجه تصرفاتهم ونقولبها ونحتد فى ذلك لكي يكونوا كما نود لا كما تفردوا.. وفى هذا شيء كثير عن الافضل وكيف يكون؟ ولكن ما لا يتجاوز ان هناك اشياءً أساسية فى التعامل والاحترام للحياة والأشخاص والبيئة لا بد من الالتزام بها وتعويدهم عليها.. وكل ذلك لاجل وطن أرقى وأنظف. وكثيراً ما تتشابه الدولة مع مواطنيها بالوالدين مع الأبناء، وإذا كنا نعاني يومياً من السلوكيات والمظاهر السلبية على الطرقات والأزقة والشوارع، بعض إهمال من المواطن وتساهل من المعتمديات وتجاهل من المسؤولين، والنتيجة مظهر بعيد عن الحضارة والرقي الذي نسعى إليه ونتمناه صفة مستديمة لأوضاعنا وحالاتنا.. القذارة منتشرة على الطرقات أكوام ومتفرقات.. والسبب سلوك يفتقد إلى التهذيب والالتزام من المواطن وتساهل من مسؤولي النظافة الذين لا يقومون بواجبهم على أكمل وجه.. نفايات تتراكم والعربة المختصة تأخذ كل يوم جزءاً يسيراً وتترك الباقي وعلى مرأى من المراقب والمسؤول، ونفر من العمال ينتشرون في الشوارع وفي أوقات الذروة! يكنسون الأتربة أو تحسبهم! يقلبونها يمنة ويسرى إلى أن ينتهي الدوام، ولا ندري ما الحكمة في توقيت دوام عمال النظافة الذي يتلازم مع توقيت منتصف النهار وذروة حركة الشوارع؟ ألا ينبغي أن تكون النظافة في أوقات راكدة من اليوم؟ ألا يمكن أن يبدأوا العمل ليلاً متأخرًا أو فجراً مستعينين بكشافات إضاءة تعينهم.. ثم انتشار القطط الضالة والكلاب في الشوارع والأزقة ولا أحد يهتم، ولا جمعية رفق بالحيوان، ولا بيئة ولا صحة!! فقط تهيم بالطرقات ولا أدري إن كان هناك بلد يجمع بين أولاد الشوارع وحيوانات الشوارع كما نحن!! ومن جهة الملصقات التي تتراكم على الجدران والأعمدة دون ضوابط.. وغيرها من سلوكيات يجب أن تُناقش في المدارس وتُدرَّس في المناهج وتنظم لها الضوابط وتفعَّل.. فالدولة من حقها أن تربي أبناءها، ومن حق الأبناء أن ترعاهم وتوجههم باتجاه الحضارة والرقي إن تناسوا أو تقاعسوا.