لايختلف اثنان أن مرتبات العاملين بالدولة لا تغطي الاحتياجات الأساسية للمواطن في ظل الارتفاع المستمر لأسعار السلع بالدولة والتي شهدت ارتفاعاً كبيراً منذ الإعلان عن وضع سياسات إصلاحية لمقابلة فجوة خروج بترول الجنوب والذي أثر بصورة مباشرة على الأوضاع الاقتصادية بالبلاد والناظر للوضع اليوم يجد أن أجور العاملين لم تشهد الزيادة المطلوبة لمقابلة تلك الفجوة على الرغم من تحركات اتحاد العمال لزيادة الحد الأدنى للأجور إلا أن المعالجة التي تمت لا تقابل تلك الزيادات التي يمكن وصفها بالشرسة فمن خلال اعتراف رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال السودان في تصريحات صحفية سابقة بوجود فوارق بين المرتب وتكلفة المعيشة مرجعاً الأسباب لضعف الناتج القومي بالبلاد، مشيرًا أن الاتحاد يتعامل حسب مقدرة الدولة على الدفع، لافتاً أن الاتحاد لديه إجراءات أخرى لتضييق الفارق بين المرتب وتكلفة المعيشة وعلى الرغم من ذلك لم تظهر تلك المعالجة على أرض الواقع فأصبحت الزيادة في الأجور تمثل هاجساً للعاملين والموظفين في القطاعين العام والخاص على حد سواء لأهميتها الكبيرة في مقابلة تكاليف العيش الذي اختل ميزانه وأصبح الدخل أقل بكثير من المصروفات.. مما يعني عدم جدوى للزيادة في ظل الغلاء الذي استشرى في الأسواق، ومن خلال تقارير الجهاز المركزي للإحصاء فإن معدلات التضخم في زيادة مستمرة بسبب ارتفاع أسعار السلع وأوضح تقرير للجهاز أن العام «2012» شهد ارتفاعاً في المستوى العام لأسعار السلع والخدمات من «169، 6» للعام 2011 إلى 230،3 في العام 2012 مسجلاً نسبة تخضم بلغت 35 ،6 سنوياً وفيما شهد العام 2013 نسبة تضخم بلغت 40،3% كما شهد العام الحالي انخفاضاً طفيفاً في المعدلات ولكن سرعان ما ارتفعت لمستويات أعلى حيث قدر الخبراء نسبة التضخم لهذا العام إلى 60% بسبب تلك الزيادات، ويرى المراقبون أن قضية معالجة الفوارق بين الأجور ومستوى المعيشة بات بالأمر المستحيل معالجته خاصة في ظل عجز الدولة في كبح جماح الارتفاع المستمر والسيطرة على الأسواق رغم إمكاناتها لمعالجة المشكلة لافتين أنها قد تستدعي المطالبة برفع الحد الأدنى مرة أخرى، وأبدى العديد من المواطنين سخطهم من تلك المشكلة مرجعين الأسباب إلى جشع التجار مستنكرين صمت الجهات المسؤولة من الحد من الارتفاع المستمر للأسعار، ومن جانبه أوضح الخبير الاقتصادي حسين القوني في حديثه ل (الإنتباهة) أن حل مشكلة ضعف الأجور أخذت وقتاً طويلاً مبيناً أن العمال يمثلون شريحة من العمالة السودانية تتولى قضاياهم نقابات مشيرًا أن غالبية العمالة السودانية لا تجد من يحميهم وبالتالي تتجه لرفع أسعار السلع والخدمات التي ينتجونها والتي تؤدي بدورها لزيادة أسعار السلع بشكل عام والتضخم بشكل خاص مع زيادة أسعار الدولار المستخدم في استيراد السلع مضيفاً انه يضاعف تكلفة الإنتاج المحلي وقال القوني إن تلك المشكلة ليس لها علاج إلا بزيادة الإنتاج والإنتاجية معاً ومحاولة الاستفادة من القطاعات ذات الميزة النسبية كالزراعة لافتاً لمساهمتها في تشغيل عدد كبير من العمالة السودانية وهذا بدوره يؤدي لتحسين دخول الأسر مشيراً لضرورة زيادة إنتاج الصادر لمقابلة التزامات الدولة من النقد الأجنبي الأمر الذي يؤدي إلى خفض أسعاره مقابل الجنيه، ودعا لمحاولة قطع الطريق أمام التهريب فضلاً عن خفض الإنفاق الحكومي ومحاربة الفساد منوهاً لخطورة الاتجاه لزيادة الأجور دون زيادة الإنتاج والإنتاجية والتي وصفها بالكارثة لمساهمتها في ارتفاع الأسعار من قبل التجار بنسبة كبيرة لضعف الوازع الديني والأخلاقي، وربط اقتصاديين في ورشة (حول سياسات ومفارقات الأجور) تحسين أجور موظفي الدولة بإصلاح الخدمة العامة وزيادة الإنتاج والإنتاجية في وقت طالبوا فيه باستقلالية المجلس الأعلى للأجور من أجهزة الدولة حيث أشار الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم كبج إلى أن الخدمة المدنية تشهد مفارقات في الأجور، إذ تتمتع بعض القطاعات بعلاوات وحوافز تصل 300% من المرتب الأساسي، في حين تقف العلاوات بقطاعات مثل الصحة والتعليم والزراعة عند نسبة 5% من المرتب.