البشير في الإنعاش، تلك هي العبارة التي استقبلني بها «ناس البيت» لدى عودتي من العمل أمس الأول الثلاثاء. ورغم التوضيح الذي بذلته عن صحة الرئيس وأن تلك الأخبار لا تعدو كونها شائعة، خاصة وأن خبر مزاولة الرئيس عمر البشير لمهامه كان معلوماً للصحافيين في يوم الثلاثاء نفسه، إلا أنني لم استطع أن أتجاوز محطة الاتصال بسكرتير الرئيس عماد سيد أحمد الذي تعجب من كون الصحافيين لا يزالون يلقون بالاً لمثل هذه الشائعات. وتعتبر هذه الأخيرة امتداداً لسيل الشائعات المتلاحق بشأن صحة الرئيس منذ أن أعلن القصر عن عملية جراحية ناجحة أُجريت له لاستبدال مفصل «الركبة» في الحادي عشر من مايو الفائت، ومنها ما أشار إلى أنه سافر الأردن وأن الغرفة التي أُجريت فيها العملية كانت غير معقمة. في الوقت الذي كان يتعافى فيه في منزله. وأخرى أفادت أنه يحتضر وليست هذه المرة الأولى تثار فيها الشائعات حول صحة الرئيس، ولكن الانتشار الواسع لتطبيق «الواتساب» في الهواتف النقالة كان له دور كبير في تداول تلك الشائعات التي سبقتها من قبل شائعة إغماء الرئيس جراء تعرضه لجلطة أثناء قيادته لتفاوض مباشر مع نظيره الجنوبي سلفا كير في أديس أبابا في أكتوبر عام 2012م. عماد في حديثه ل «الإنتباهة» أشار إلى أن الهدف من تلك الشائعات هو إضعاف الروح النفسية للقوات النظامية عامة وخاصة تلك التي تحارب في مناطق العمليات، باعتبار أن الرئيس رمز لسيادة البلد والقوات المسلحة، إضافة لتشويه صورة الرئيس بنقل معلومات خاطئة عن صحة الرئيس. وللوقوف على مسألة الشائعة من زاوية بعدها النفسي والسياسي، هاتفت الصحيفة اختصاصي علم النفس السياسي د. نصر الدين أحمد إدريس الذي أوضح أن انتشار الشائعة يتعلق بقضية محددة، ولكن يضاف إليها كثير من اللغط والمعلومات غير الصحيحة، وبالتالي تصنف في إطار الكلام المكذوب، والشائعة بطبيعة الحال قد تتعلق بجوانب اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، إضافة للقضايا المتعلقة بالفساد والمشاهير. وأضاف أن الشائعة تتأثر بأمرين أساسيين هما طبيعة المجتمع وخصائصه والوسائط أو الوسائل التي تستخدم في نشر الشائعة. وقال نصر الدين إن ثقافة بث الشائعات ثقافة جديدة وسط بعض أفراد الشعب السوداني الذين يتعاملون مع الوسائط الألكترونية، وبالتالي فهي أشبه بالموضة، ويتطلب هذا الحال الوعي التام من قبل المتعاملين مع هذه الوسائط بعدم نشر المعلومات غير الموثوق منها وإلا فإنهم يدخلون ضمن دائرة الإفك. وفي المقابل فإن دحض الشائعة يسهل بتمليك المعلومات في حينها للجماهير عبر الوسائط نفسها، وفيما يتعلق بالشائعات حول صحة الرئيس فهي تشتمل على ظلال سياسية والغرض السياسي فيها بيِّنٌ، فالمعارضة السياسية إذا نشرت معلومات حول صحة الرئيس فهي تسعى لتحقيق أغراض سياسية معينة، وبما أن الشعب السوداني ذو أخلاق سمحة فهو لا يقبل أن يتعامل مع الشائعة باعتبارها اتجاهاً يدفع بالمجتمع إلى ما لا يحمد عقباه. وعن مصدر الشائعة ذهب عماد إلى أن أشخاصاً ما، هم الذين بثوا هذه الشائعة عبر الوسائط الالكترونية،, والمؤسف في الأمر أنه لم يقف عند الشائعة إنما تطور بنسج القصص حولها وتضخميها. وقال سبق أن تداولت تلك المواقع الشائعات في أكتوبر 2012م عندما كان الرئيس يستشفى في السعودية، وجراء تلك الأكاذيب تدهور تصنيف تلك المواقع الى مستويات دنيا من حيث الصدقية، وقال عماد إن مصير تلك الشائعات الى بوار، لأن الحقائق بشأن صحة الرئيس واضحة لا لبس فيها، فهو وكما رأى المواطنون في وسائل الإعلام قد باشر مهامه منذ يوم الثلاثاء والتقى بوزراء حكومته، كما التقى رئيس البنك الإسلامي للتنمية. ومثلما تطرق دكتور نصر الدين للجانب السياسي للشائعة أبدى عماد أسفه إلى أن الشائعات حول مرض الرئيس استخدمت كورقة سياسية على نحو يضر بمصالح الوطن والمواطنين. وفي المقابل أشار إلى مجموعة من الشباب الواعي أبدت اهتمامها بدحض تلك الشائعة عبر الوسائط نفسها. الملاحظ في حديث كل من عماد ونصر الدين أنهما لم يسميا الجهة التي أرسلت تلك الشائعة، وانضم إليهما في هذه الصفة القيادي بالمؤتمر الوطني د. قطبي المهدي في تصريحات في البرلمان قال فيها هناك قوى لم يسمها اتهمها بإطلاق الشائعات حول صحة الرئيس ومدى قبوله بالترشيح مجدداً للرئاسة، وأكد أن ما يدور عن صحة الرئيس شائعة داخل الحزب وخارجه والناس تعلم أنها شائعة وأن الرئيس بصحة جيدة. لكل أجل كتاب، ذلك هو تعليق الرئيس حول الشائعات التي توالت عن تدهور صحته ووفاته، وحديث الموت والحياة قديم سجله القرآن الكريم في الآية «34» من سورة الأعراف «قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ» صدق الله العظيم.