«هل انبئكم على من تنّزل الشياطين؟ تنّزل على كل أفاك أثيم.. يلقون السمع وأكثرهم كاذبون.. والشعراء يتبعهم الغاوون.. ألم تر أنهم في كل وادٍ يهيمون.. وأنهم يقولون مالا يفعلون.. هذا هو أصدق الحديث .. كلام الله سبحانه وتعالى.. عدد كبير من أصدقائي الذين كنت قريباً منهم كانوا شعراء.. منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.. لست مطرباً ولا موسيقياً ولكنني كنت أحب الطرب والفن والموسيقى، وبحمد الله منحني المولى عز وجل أذناً موسيقية لا تخطئ النشاز سواء أكان في النثر أو الشعر أو الموسيقى، ولعل هذا كان سبباً في علاقاتي بالشعراء وكنت كلما قرأت في «سورة الشعراء» الآيات من «221 وحتى 226» المذكورة في مقدمة هذا الموضوع، أعود لأحلل شخصيات أصدقائي من الشعراء، وبحكم صداقتي القوية وعلاقتي الحميمة بهم كنت أواجههم ببعض الصفات المذكورة عنهم في سورة الشعراء.. خصوصاً أنهم «في كل واد يهيمون»، وهذه بالطبع لها تفسير كبير وجميعهم ينسبون أنفسهم إلى أهل «وادي عبقر»، وهذا وادي معروف بأنه مسكون بالجن والشياطين في عالم الشعراء.. وصدقت الآية التي أكدت أن «الشياطين» تتنزل عليهم وهم يعترفون خلال أحاديثهم بحضور «شيطان الشعر» عند كتابة القصائد.. أما الآية «يقولون ما لا يفعلون» فهي عين الحقيقة.. فإذارجعنا إلى معظم القصائد الشعرية العاطفية نجدها الراقي منها والهابط «كله كلام في كلام» فمنهم من «يتحدث» الى الطير.. ومنهم من يقول إنه «يحسب النجوم» ومنهم من «يطير بي فوق بي غرب السوق» ليلاقي محبوبه.. وكثير منهم من يخرج عن الملة ليدخل في وزن قافية شعرية.. وما أكثر هؤلاء. قربي الشديد من أحد الشعراء المعروفين جعلني أحاول مرارا وتكرارا أن أعرف «كلمة» قالها لمن كتب فيها القصيدة.. وللأسف ومنذ عشرات السنين عمر«الكلمة» وحتى اليوم لم يبح لي صديقي الشاعر عن الكلمة «دي شنو؟» عندما قال بنظم جميل ورائع: كلمتي مست غرورك وفرقتنا يا حبيبي.. مش خلاص كفرّت عنها بي تسهدي بي نحيبي.. بالليالي المرة عشتها وحدي في ناري ولهيبي.. وبرضو ما رضيان تسامح.. يا صباحي.. يا طبيبي». ثم عاد معتذراً عن «الكلمة» .. ولو في الكلمة أنا غلطان.. يا ما إنت خطيت وغلطت.. «ياما قلت كلام جرحني ياما قلت.. وياما قلت.. وكم أدميت بكلمة فؤادي علشان خاطرك استحملت.. عشان بهواك بشوفها رقيقة.. كلمات جارحة بيها نطقت». وما زالت الكلمة تايهة وغير معروفة وحتى لمن يغنيها بأجمل لحن وموسيقى وكل المستمعين لها يتمايلون ويرقصون طرباً ونشوة.. والكلمة ايضاً ما معروفة» .. أما صديقي شاعر «حاجات تانية حامياني» والذي تناول جملته هذه العديد من كتّاب الأعمدة الصحفية، فإنه أيضا لم يصرح بأي حاجة من هذه «الحاجات الحامياه دي» حتى اليوم. أحد الشعراء الفلاسفة الموضوعيين وفي لقاء تلفزيوني وبعد ان حكى عن قصيدة قال إنه كتبها لزوجته قبل ان يقترن بها وبعد الزواج منها بفترة طويلة قال لمضيفه في التلفزيون كتبت: «وشوشني العبير.. فانتشيت.. وساقني الهوي.. فما أبيت..» ثم سكت مطرقاً وقال: «وليتني أبيت »!! هذا قيض من فيض في بحور الشعراء وأوديتهم.. وبما أن رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم استحسن نوعاً من الشعر ودافع عنه حسان بن ثابت بشعر رصين ومتقن.. واستثنى القرآن في آخر آية من «سورة الشعراء» بعضهم بقوله: «إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون». صدق الله العظيم «وللحديث صلة بإذن الله تعالى».