هذه الليالي النضرات ليال عظيمة تتنزل فيها رحمة الله على عباده وعلى كائناته والمؤمن الحصيف هو من يفني ذاته تقرباً إلى الله، مستغفراً، تائباً، منيباً، مستغرقاً في الدعاء فالله سبحانه وتعالى يقول «قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم» الفرقان «77». إن البيئة التي نعيش فيها اليوم بيئة عدوانية بكل المعاني. الشرور تحيط بنا من كل جانب وأهواء النفس وخطراتها وما نشاهده من مرئيات ومسموعات ومغريات تجعل الحليم حيراناً والقابض على دينه كالقابض على الجمر. لقد خلق الله الآخرة من أجل الدنيا، ولم يخلق الدنيا من أجل الآخرة. فالثواب والعقاب والحساب في الآخرة كلها لتنضبط بها أمور الدنيا، فلو لم يكن هناك ثواب وعقاب وحساب لفقد الناس السيطرة على دنياهم. ولذلك خلق الله الأخرة بكل ما فيها لتنتظم أمور الخلق في الدنيا. تماماً مثل وضع المدرسة التي لولا وجود الامتحان في نهايتها لما اجتهد طالب أو دارس. فالامتحان وضع من أجل أن تنتظم أمور الطلاب والدارسين وهم قد علموا مسبقاً أن النجاح لا يحدث إلا من خلال الامتحان. ومشكلة العالم اليوم في الذين لا يؤمنون بالآخرة ولا يؤمنون بالحساب ولا يؤمنون بأن الله يبعث من في القبور. فما الذي يردعهم إذاً إذا كانت الدنيا أكبر همهم ومبلغ علمهم؟ «وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين» الأنعام. ولهذا فالدعاء هو سنام الإيمان. فإنك لا تدعو الله إلا إذا كنت مؤمناً به حقيقة، قولاً وفعلاً. وإنك لا تستغفر إلا إذا كنت مؤمناً أن هناك رباً يحصي الكبيرة والصغيرة وإنه غفور رحيم. ولهذا أكثروا من الإستغفار في هذه الليالي النضرة العطرة واربطوا إستغفاركم بالصلاة على نبيكم رسول الهدى والرحمة واربطوا كل دعاء تدعون به بالصلاة على النبي لأن الله سيستجيب لكم في الأولى «الصلاة على النبي» وأكرم من أن يردكم خائبين في الثانية. وإليكم من قطوف من هذا الإستغفار: اللهم يا حنان يا منان يا مالك الملك يا ذا الجلال والإكرام أسألك أن تصلي على سيدنا محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على سينا محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وأسألك برحمتك التي وسعت كل شيء، وبقوتك التي قهرت بها كل شيء، وخضع لها كل شيء، وذل لها كل شيء، وبجبروتك الذي غلبت به كل شيء، وبعزتك التي لا يماثلها شيء، وبعظمتك التي ملأت أركان كل شيء وبسلطانك الذي علا كل شيء، وبوجهك الباقي بعد فناء كل شيء، وباسمائك التي غلبت اركان كل شيء، وبعلمك الذي احاط بكل شيء، وبنور وجهك الذي اضاء له كل شيء، يا نور يا قدوس، يا أول الأولين ويا آخر الاخرين. اللهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم، اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل النقم، اللهم اغفر لي الذنوب التي تغير النعم، اللهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء، اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء، اللهم اغفر لي كل ذنب اذنبته وكل خطيئة ارتكبتها. اللهم اني اتقرب اليك بذكرك واستشفع بك الى نفسك واسألك بجودك ان تدنيني من قربك وان توزعني شكرك وان تلهمني ذكرك. اللهم اني أسألك سؤال خاضع متذلل خاشع ان تسامحني وترحمني وتجعلني بقسمتك راضياً قانعاً وفي جميع الاحوال متواضعاً، اللهم وأسألك سؤال من اشتدت فاقته، وانزل بك عند الشدائد حاجته، وعظم فيما عندك رغبته. اللهم عظم سلطانك وعلا مكانك وظهر امرك ، وغلب جندك وجرت قدرتك، اللهم لا اجد لذنوبي غافراً ولا لقبائحي ساتراً، ولا لشيء من عملي القبيح بالحسن مبدلاً غيرك، لا إله إلا انت سبحانك وبحمدك ظلمت نفسي وتجرأت بجهلي وسكنت الى قديم ذكرك لي ومنك علي اللهم ومولاي كم من قبيح من عملي سترته وكم فادح من البلاء صرفته عني، وكم من عثار وقيته وكم من مكروه دفعته وكم من ثناء جميل لست أهلاً له نشرته. اللهم عظم بلائي وافرط بي سوء حالي وقصرت بي اعمالي، وقعدت بي اغلالي، وحبسني عن نفعي بعد آمالي، وخدعتني الدنيا بغرورها ونفسي بخيانتها. فأسألك بعزتك الا يحجب عنك دعائي سوء عملي وفعالي، ولا تفضحني بخفي ما اطلعت عليه من سريرتي ولا تعاجلني بالعقوبة على ما عملته في خلواتي، من سوء فعلي واسائتي ودوام تفريطي وجهالتي وكثرة شهواتي وغفلتي، وكن اللهم بعزتك لي في كل الأحوال رؤوفاً وعلي في جميع الامور عطوفاً. الهي وربي من لي غيرك أسأله كشف ضري والنظر في امري، وقد اتيتك يا الهي بعد تقصيري واسرافي على نفسي، معتذراً نادماً منكسراً مستقبلاً غفرانك مستغفراً منيباً مقراً مذعناً معترفاً، لا اجد مفراً مما كان مني، ولا مفزعاً أتوجه إليه في امري، غير قبولك عذري وادخالك اياي في سعة من رحمتك. الهي فاقبل عذري وارحم شدة ضري وفكني من شد وثاقي، يا رب ارحم ضعف بدني ورقة جلدي ودقة عظمي. الهي وسيدي أسألك بالقدرة التي قدرتها وبالقضية التي حتمتها وحكمتها ومن عليه اجريتها ان تغفر لي في هذه الليلة في هذه الساعة كل جرم اجرمته، وكل ذنب اذنبته، وكل قبيح اسررته وكل جهل عملته، كتمته أو اعلنته، اخفيته أو اظهرته، وكل سيئة امرت باثباتها الكرام الكاتبين، الذين وكلتهم بحفظ ما يكون مني، وجعلتهم شهوداً علي مع جوارحي. وكنت أنت الرقيب علي من ورائهم والشاهد لما خفي عنهم، وبرحمتك اخفيته وبفضلك سترته، وان توفر حظي من كل خير تنزله، أو احسان تفضله، أو بر تنشره أو رزق تبسطه، أو ذنب تغفره أو خطأ تستره يا رب يا رب يا رب، يا الهي وسيدي ومولاي ومالك أمري، يا من بيده ناصيتي، يا عليماً بضري ومسكنتي، يا خبيراً بفقري وفاقتي. يا رب يا رب يا رب أسألك بحقك وقدسك واعظم صفاتك واسمائك ان تجعل اوقاتي في الليل والنهار بذكرك معمورة وبخدمتك موصولة، واعمالي عندك مقبولة، حتى تكون اعمالي واورادي كلها ورداً واحداً وحالي في خدمتك سرمداً. يا سيدي يا من إليه معولي، يا من إليه شكوت احوالي يا رب يا رب يا رب، قو على خدمتك جوارحي، واشدد على العزيمة جوانحي، وهب لي الصدق في خشيتك والدوام في الاتصال بخدمتك، حتى اسرح اليك في ميادين السابقين، واسرع اليك في المبادرين، واشتاق الى قربك في المشتاقين، وادنو منك دنو المخلصين، واخافك مخافة الموقنين. فإليك يا رب نصبت وجهي، واليك يا رب مددت يدي، فبعزتك استجب لدعائي وبلغني منادي، ولا تقطع من فضلك رجائي واكفني شر الجن والانس من اعدائي، يا سريع الرضا اغفر لمن لا يملك الا الدعاء، فانك فعال لما تريد ، يا من اسمه دواء وذكره شفاء وطاعته غنى، ارحم من رأس ماله الرجاء وسلاحه البكاء. يا سابغ النعم، يا دافع النقم، يا نور المستوحشين في الظلم، يا عالماً بكل شيء صل على محمد وآل محمد وافعل بي ما انت اهله ولا تفعل بي ما أنا أهله، وصلى الله على محمد والأئمة الميامين من آله وبارك عليه كما باركت على إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.