إهتزت أركان نهر عطبره شرق وغرب وخيم عليها الحزن والسواد بفقد قائد من قوادها والرائد الذي لا يكذب أهله إنه الشاعر الأديب رحمة الله عبد السيد ، نعته أخبار الخرطوم في اليوم الكعب تناقلت الأخبار عبر المحمول وغير المحمول . وكانت دامر المجذوب بأهلها فريقها وفروعها ... وهكذا الأتبراوي شرقه وغربه سالت دموع الرجال وسالت دموع الناعسات ، إنه فقد كبير أن يرحل أبو فاطمه وأبو السيد جبار الكسور وصاحب المواقف الشعرية التاريخية حينما جاء خزان خشم القربة ليدَّمر سكان ما بعد الخزان تدمر الزرع والضرع وإنتشر الهدام لتذهب الجزائر ويقف شبح المجاعة يهدد السكان ، جاء السيد حسين شرفي مدير المديرية جاء ميدانياً يطوف بالقرى يتفقد حالة السكان بعد أن كثرت صيحاتهم وخارج قرية قنقاري تجمع سكان القرية رجالاً ونساء وأطفال .. وتحدث الخطباء يصورون الحال ، وهنا إنبرى الشاعرالفريد رحمة الله ود عبد السيد بعد أن تحزم بثوبه الدبلان ممسكاً عكازه بيمينه وإتكل عليه قائلاً : خلاص يابحرنا الرى قفل سداكا * ودوك بى بحورا حفرتن كراكا ياحليل الجزيرة أم قنقرا بتاكه * صبحت قوز رمال فوقا العلال يرجاكا يوم الليلة أسعد يوم نترخ عيدو * جيتوا تعزوا في فقداً علينا شديد أكان المولى مو خالق قلوبنا حديد * أكنا نسوي شيتاً نقلع الفي اللِّييد ندور الرحلة خايفين من سواد تاريخه * قولت قام نمر من شندي باقية فضيحة سدوا بحرنا ما حلولنا أي مشاكل * بعد الليلة بنقلع عديل ونكاتل وهكذا وقف رحمة الله يشدوا ويوضح قضية نهر في إرتجال وقوة وشجاعة ... حتى حينما قال سدوا بحرنا ما حلّولنا أي مشاكل حسن تاني بنقلع عديل ونكاتل ، وحينما قال هذا الكلام شعراً أمام مجلس المديرية ويتبعه سلطات الأمن بمديرها ورئيس وقاضي المديريرة حينما قالع نحن بعده بنقلع عديل ونكاتل ، رفع عكازه الكبير في الهواء وتبن يده الشمال التي بها السكين والمعروف عن رحمة الله هذا شجاعه نادرة كان لا يتردد وهو الذي يتمثل بالقول : ( السيف أصدق أنباء من الكتب ) وحينما قال في شعره : إن المجلس الريفي في شندي يطوف علينا لتسديد الضرائب ونحن في هذه الحالة يا حكومة . وهنا وقف شرفي مدير المديرية بشجاعته النادرة وأعلن شطب كل الضرائب عن منطقة نهر عطبرة في كل المراحل التعليمية . هذا جزء من مواقف رحمة الله التي يتحدث بها أمام الحكام في شجاعة نادرة. وهنا كان بداية الشعراء حتى تبعه الشعراء يصورون قضية نهر عطبره نذكر منهم الشاعر الكبير عكير الدامر الذي ساهم مع أهله تصوير هذه القضية والشاعر الفذ فضل الله وغيرهم من الشعراء . إن قضية نهر عطبره إنتصرت ووضحت معالمها بفضل شجاعة وشعر رحمة الله عبد السيد وله مواقف أخرى في صور في غير هذا المجال ثم هو الذي أبدع في شعره عن أبو الوطنية الإمام السيد عبد الرحمن المهدي إمام الأنصار ، وفي صباه حيث تلك الأيام صور الطبيعة وإبداعها وقدرة الشباب وهو شاعر القصيدة الشهيرة التي تغنى بها الفنان أحمد الفحل فنان الدامر الأصيل وتغنى بها الفنان صلاح بن البادية وهي قصيدة إشتهرت بالسودان وخارج السودان وقد كانت من القاهرة تذاع مكررة في إذاعة ركن السودان وهي قصيدة : فقدي الليلة في الياقوت * خاتمي العاجب البنوت وهي تحكي قصة خاتمه الذي إفتقده في الساقية وذلك الخاتم كان به ياقوته وهو يعجب الناعسات اللائي يعجب بهن كغيره من الشعراء في زمن الشباب ، وبعد هذا الشعر كان كلما قال قصيدة يختمها قائلاً نستغفر الله إن للرائد رحمة الله مواقف تاريخية في نهر عطبرة وغيرها مما جعل فقده اليوم كبيراً في هذا البلد بصفة عامة وفي نهر عطبره بصفة خاصة . إن للشاعر رحمة الله عبد السيد خصوصية في العلاقة بيني وبينه هذا بخلاف السرارة والقرابة إنها خصوصية في العلاقة والخوة ، ومن العجائب إنني حينما زرته وهو طريح الفراش بمستشفى عطبره بعد أن ودعته ناداني راجعاً ومسك يدي قائلاً : ( ودعناك الله يا عمدة وما أظن تاني نتلاقى ) وتأثرت لهذا الكلام وإنهمرت دموعي وأنا خارج منه . وفي اليوم التالي سمعت إنه نقلوه من عطبره للخرطوم وأرسلت إبني عبد الواحد لزيارته فلما رأى إبني نزع الأكسجين الداعم من فمه وقال له : كيف حال أبوك العمدة ... وقال إبني عبد الواحد إستغربت من شجاعته يزيح الأكسجين الداعم حتى يسألني عن حال والدي . يا شيخنا رحمة الله الراحل المقيم إن مواقفك الوطنية وتصوير حالة الضعفاء في نهر عطبره ستكون في ميزان حسناتك بإذن الله . نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمدك برحمته وإن شاء الله من الفائزين وأبشر فإن اولادك من بعدك يسدون الفرقة وذكراك حية ، عليك الرحمة والرضوان .