درجنا ودرج جميع أولياء أمور الطلاب على اعتبار نتيجة الامتحان النهائي «الشهادة» لجميع المراحل أمراً «مقدساً» لا تعتريه الظنون من اية ناحية أو اتجاه، لذلك كانت النتيجة محل رضاء الناس وقبولهم. وهذه الثقة وهذا الاحترام والقبول لم يأت محض صدفة، بل لأن كل شأن متعلق بأمر الامتحانات كان محل تدقيق وحرص من مسؤولي التعليم. وكانت كل مراحل الامتحانات تؤخذ بجدية كافية، فاختيار المراقبين والمصححين ومسؤولي «الكنترول» كان يخضع لمعايير واضحة، وكان حرصهم على أداء هذه المهمة نابعاً من حرص عظيم على مستقبل الطلاب، لأن الخطأ هنا غير قابل للمراجعة والتصحيح، وقبل ذلك وبعده احترام المهنة وسمعتها وسمعة العاملين فيها، وعليها خط أحمر لا يستطيع أحد تجاوزه. وصاحبت إعلان نتيجة امتحان هذا العام لشهادة الأساس بولاية الخرطوم ظاهرة جديدة، وهي احتجاج كثير من أولياء أمور الطلاب الممتحنين، خاصة أولئك المتفوقين منهم والذين جاءت نتائجهم بعيدة كل البعد عما عرفوا به من نجابة وتفوق، الشيء الذي عضد لديهم، أي أولياء الأمور والمعلمين، أن ثمة أخطاءً كبيرة وقعت، وأنه ربما تم استبدال أوراق الطلاب خطأ بأوراق آخرين، مما أدى لبروز طلاب خامدين خاملين وحصولهم على درجات عالية جداً، بينما تخلف طلاب آخرون عرفوا بالتفوق والجد منذ دخولهم مرحلة الأساس وعلى مدى ثمانية اعوام بالتمام. وحتى هنا ما كان هناك ما يدفعنا للكتابة عن هذا الموضوع، إلا أن نجاح بعض أولياء الأمور في الحصول على فرصة لمعاينة أوراق الامتحانات المنسوبة لأبنائهم وتأكدهم من أن هناك أخطاءً قد ارتكبت بحق أبنائهم، أمر لا يمكن السكوت عليه. ولا أشك أن هذه القصص والحالات أو بعضها قد طرق باب أذنك وطرق باب مكتبك يا سيادة الوزير، وإن لم يكن ذلك كذلك، فها نحن نفتح باب النقاش فيها، وفيما أعلم أن هناك من سيكتب ويطرح هذا الموضوع بتفاصيل أكثر. ما هو مطلوب لتوضيح الحقائق وتهدئة خواطر اولياء الأمور المكلومين في أبنائهم الممتحنين؟ هي مجموعة أسئلة نطرحها على سيادة الوزير آملين في رد قاطع، وهو رد إما سيدفعنا للانقطاع عن الموضوع أو الاسترسال فيه: 1/ هل كل الذين أدوا أعمال لجنة الكنترول هم من المعلمين المتدربين على هذا العمل، أم شملت قائمة العاملين فيه موظفين من غير المعلمين؟ 2/ ما هي المعايير التي تم بناءً عليها اختيار العاملين جميعاً في الكنترول؟ 3/ وما هي طبيعة الأعمال التي أوكلت لأولئك الموظفين من غير المعلمين، إن وجدوا، وهل يمكن أن يكون هؤلاء الموظفون مصدر الأخطاء التي حدثت؟ 4/ لماذا لم يكوِّن السيد الوزير لجنة تحقيق في شكاوى هؤلاء الناس، حتى وإن عدت في عداد الشائعات، ليس بفرض تعديل النتيجة، وهو أمر غير ممكن، لكن بفرض إنصاف المتضررين، أو على الأقل لمعرفة مصدر الأخطاء ومعالجتها. 5/ وإذا تأكد يا سيادة الوزير لديكم وجود هذه الأخطاء، أما كان من الأجدى والأجدر تكوين لجنة لأخذ عينات عشوائية من أوراق الامتحانات لمراجعة ومطابقة الأرقام السرية مع بيانات الأوراق، لنعرف حجم الخطأ إن وجد. يا سيادة الوزير بين يدي حالات راجعت موقف أبنائها، واخرى لم تسعد بفرصة للمراجعة، ولكن قرائن الأحوال كلها تؤكد أن خطأً ما قد وقع. نحن نطرح هذه المشكلة ونعلم أن سبل المعالجة والتصحيح قد سدت، لكن لا بد من عمل جاد لتلافي أي قصور بمعالجة أسباب هذه الأخطاء. معلمو المدارس الخاصة.. الاستغلال والظلم: التعليم الخاص يلعب دوراً كبيراً في العملية التعليمية عموماً، وإن كانت ثمة ظلال وشكوك في قيامه بذات الدور في العملية التربوية !! هذه تجاربي وتجارب آخرين، ممن اضطرهم حال المدارس الحكومية أو جزء كبير منها، للولوج لباب التعليم الخاص بأكلافه المالية العالية. ورغم الدخل العالي لأصحاب هذه المدارس، إلا أن أهم عنصر في العملية التعليمية، أعني المعلم، ظل هو آخر المستفيدين مالياً من هذا المال الكثير الذي لا يتوفر إلا بجهده وتجويده ومثابرته. أليس من الغريب أن بعض المدارس لا تدفع مرتبات هؤلاء المعلمين في فترة الإجازة الصيفية؟ وهذا يتعارض حتى مع قوانين العمل، فضلاً عن تجافيه لكل معاني العدل والإنصاف. أليس من الغريب ان كل هؤلاء المعلمين لا تتم تغطيتهم بالتأمين الصحي، ولا يؤمن عليهم في صندوق الضمان الاجتماعي، وهذا يتعارض مع قوانين العمل. أليس من الغريب أن يتم تعيين هؤلاء المعلمين دون عقودات عمل قانونية؟ ألا ينص قانون التعليم الخاص على وجود نسبة من معلمين المدارس الحكومية كجزء من هيئة تدريس اية مدرسة خاصة؟ كيف يسمح بفصل المعلمين من المدارس الخاصة أثناء العام الدراسي. ما هو دور مكاتب التعليم في تعيين وتقييم أداء هؤلاء المعلمين؟ وما هو دورها عند فصل المعلمين بصورة متعسفة؟ وأخيراً لماذا لا يكون لمعلمي المدارس الخاصة شعبة خاصة بهم داخل نقابة المعلمين لتدافع عن الآلاف من عضويتها. وسؤال أخير سنجيب عليه لاحقاً وعلى مدى مقال بحاله.. كيف يتم تحديد رسوم المدارس الخاصة، وما هي مصروفاتها بالضبط، وهل غدت محض تجارة لا غير؟