الزيادة التي ظهرت في أسعار السكر في اليومين الماضيين عمَّت المدينة وأرجاءها وبلغت الأرياف البعيدة والنائية من بلادنا المترامية الأطراف، وكما تعوَّدنا منذ أمدٍ بعيد لم نتفاجأ بالزيادة ولا مبرِّراتها؛ لأنها أصبحت عادة سنوية تتكرَّر بذات السيناريو، وهي مبرِّرات في رأيي أضعف وأوهن من خيوط العنكبوت، السكر لم يشهد أي استقرار طوال فترة الأعوام الخمسة الماضية بأي حال من الأحوال وكان دائمًا وأبدًا بين مطرقة الشركات وسندان التجار والاحتكار في السوق السوداء، فالتجار تبرأوا من مسؤوليتهم في توزيع السكر بحسب تصريحات الأمين العام لغرفة صناعة ولاية الخرطوم وسحب الامتياز منهم عقب عدة أشهر سابقة، وألقوا بالمسؤولية على الشركات المنتجة وجهات التوزيع الحالية المتمثلة في المحليات واللجان الشعبية بالأحياء والتي أساءت توزيع السكر مما نتج منه الارتفاع الحالي والتصرف في كميات كبيرة بعيدًا عن أعين الرقابة ومن جانبها هبت الشركات المعروفة والمعلومة لدى الجميع دون الخوض أو الحاجة لذكرها للدفاع عن نفسها بأنها توفر الكميات المطلوبة للتجار وبالأسعار المحددة والمتفق عليها.. وفي ذات الوقت عقدت ولاية الخرطوم أمس الأول مع وزارة الصناعة وشركات إنتاج السكر اجتماعًا للتباحث حول الأزمة وأسباب تأخير دخول المستورد والإجراءات التي تمت تجاه تعبئة السكر خلال فترة عيد الأضحى فإذا كان هنالك فعلاً سعر محدد لعبوات السكر بدأ من الكيلو وحتى 10 كيلو فلماذا لا يتم الالتزام والبيع بالسعر المحدَّد؟ وخاصة لماذا لا تسنأنف الحملات التي نفذها من قبل جهاز الأمن الوطني للرقابة والمتابعة للسكر والقبض على المخالفين من التجار والسماسرة؟ باعتبار أن السلعة إستراتيجية لا تحتمل التلاعب وأين دور نيابة حماية المستهلك بالأسواق؟ والتي اشتكى المواطنون كثيرًا من انفلات الأسعار فيها في كافة السلع الاستهلاكية وأين دور جمعية حماية المستهلك والتي شهدنا لها موقفًا مشرفًا في قيامها بحملة «الغالي متروك» لمحاربة أسعار اللحوم ويمكنها قيادة مبادرة أخرى بشأن السكر وماذا عن الوزارة المعنية بالسكر وإدارة المصانع المعنية بالإنتاج؟ كل هذه الجهات أين هي من أمر الرقابة على السكر والحرص على مصلحة المواطن؟ ومصلحة الاقتصاد الوطني في بلاد تعاني من أوضاع قاسية في المجالات كافة، وقد آن الأوان لتفعيلها للقيام بدورها الفعلي للإشراف والمتابعة لأمر السكر فمن غير المعقول ولا المقبول أن يصل جوال السكر لمبلغ 150 جنيهًا في الخرطوم وربما يصل إلى أكثر من ذلك في الولايات والأقاليم وكله على حساب المستهلك والمواطن البسيط والسلعة لا يخفى على أحد أهميتها واستخداماتها المتعددة ولا غنى عنها عدد قليل في المجتمع وبما أن الجهات المسؤولة عن السكر متعددة ومتشعبة وتمتلك آليات الرقابة فنأمل في مراجعة سريعة وحاسمة لمحاربة الغلاء والطمع والجشع في السكر والخروج من هذه المتاهة.