من المهم ونحن نستقبل شهر رمضان المعظم شهر الرجوع الى الفضيلة والطاعات تنبيه الرأي العام السوداني الى ما استشرى في البلاد من غش تجاري بغيض يؤكد أن بعضاً من ابناء هذه الامة من التجار واصحاب الشركات ورجال الاعمال وشركاء السلطة الميسورين وصل بهم سوء الخلق درجة فظيعة لا توصف، حيث انتشر الغش التجاري ليشمل كل سلعة وكل خدمة ليحقق أصحابه الارباح الخرافية دون ان يرمش لهم جفن، مع علمهم التام بأنهم يمارسون الغش. بالأمس والناس يتزاحمون على احد المولات التجارية لشراء بعض مستلزمات الصوم، لاحظ الملاحظون قيام ادارة المول بممارسة الغش التجاري امام سمع وبصر المواطنين، حيث تم استبدال اللحوم المفرومة الحمراء وتم خلط اللحوم الحمراء المفرومة بالشحوم البيضاء المتبقية من اعمال الجزارة والناس ينظرون، ومن الواضح ان الادارة لجأت الى هذه الخديعة للاستفادة من ازدحام الناس وكثرة الطلب على اللحوم المفرومة، وقد كان منظر الشحوم المخلوطة كفيلاً بتراجع الكثيرين عن الشراء وهم ناقمون على تدني مستوى الاخلاق في البلد خصوصاً في شهر رمضان. وفي ميدان وسط الخرطوم تم نصب سرادقات كبيرة كتب عليها «سلع رمضانية بأسعار مخفضة» حيث يبيعون على سبيل المثال كيلو الطماطم بمبلغ اثني عشر جنيهاً، في حين ان سعر كيلو الطماطم المنتجة بواسطة صغار المزارعين القادمة الى الخرطوم لم يتجاوز ثلاثة جنيهات قبل ان ينتهي موسمها الطبيعي، ثم يبرز اصحاب «البيوت المحمية» لينتجوا للأسواق الطماطم المحورة وراثياً وفي غير موسمها ويبيعونها بثلاثين جنيهاً لم يرغب، ومن الواضح ان هؤلاء حينما اكتشف الناس سوءة الطماطم المحورة وكسدت بضاعتهم عمدوا الى التحايل على الناس في رمضان تحت ستار البيع باسعار مخفضة، ليثبتوا سعر كيلو الطماطم بما يحقق له ارباحاً خرافية، وهو بالطبع غش وتدليس في نهار رمضان وتحت سمع وبصر الحكومة ومنظمات حماية المستهلك الكسيحة والعاجزة. ولن ننسى الغش التجاري الذي تمارسه الشركات العاملة في مجال منتجات الألبان فهم يرفعون اسعار منتجاتهم كلما جاء شهر رمضان عكس ما تفعله الشركات الناجحة في كل دول العالم التي تعتبر مواسم اقبال القوة الشرائية عليها هي مواسم للتخفيضات وليس الزيادات، ولكن هؤلاء جبلوا على الطمع والشره والغش والرغبة في تحقيق الارباح باية وسيلة والعياذ بالله، وبرأيي ان سلوك الرعية من سلوك الراعي، فليحاذر الذين بيدهم السلطة من نتيجة انهيار مكارم الاخلاق في البلاد وتمكن الغش والتزوير والتدليس والرشوة والاختلاسات، فتلك شواهد سقوط الأمم والحكومات ودمارهما وهو كتاب منشور ومعاين، ولذلك كانت الحكمة من الصوم الرجوع الى الفضيلة كل عام مرة ومراجعة المسيرة. إن الحكومات لا تدعم مكارم الأخلاق وانما تعمل على نسفها عملياً على نحو ما هو مشاهد ومتابع من قبل ملايين المواطنين في المركز والولايات، ويبقى على الحادبين على مصلحة الشعب من المصلحين ان تتضافر جهودهم من اجل التنبيه وكشف مواطن الخلل، حتى لا ينطبق علينا قول الشاعر «فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا».. ورمضان كريم.