أعلن في الأيام القريبة الماضية أن مجلس الوزراء حول التعديلات التي اجريت على قانون الانتخابات للمجلس الوطني للتداول حولها واجازتها. وإن حزب المؤتمر الوطني كما هو معروف يملك أغلبية ميكانيكية داخل المجلس الوطني تمكنه من اجازة أي موضوع يعرض عليه بأغلبية مطلقة بسهولة ويسر لأن له داخل المجلس أكثر من تسعين في المائة من عدد الأعضاء بأغلبية تزيد على الثلثين بكثير. وقد وجهت قيادة البرلمان دعوات كثيرة شملت كل رؤساء وممثلي الأحزاب المسجلة وعددها كما هو معروف كبير. وضمت قوائم المدعوين المنشورة في الصحف عدداً كبيراًمن الاعلاميين والصحافيين والقانونيين وغيرهم من قادة المجتمع في شتى المجالات ومن ناحية عملية فإن ضيق الزمن لن يمكنهم جميعاً من إبداء اَرائهم حتى لو وزعوا للجهات وبالضرورة فإن الأولوية في الحديث تكون لأعضاء المجلس الوطني مما يعني ان الدعوات والمشاركة بصورتها تلك هي مسألة مظهرية ليقال إن التعديلات قد ساهم فيها ووافق عليها عدد كبير من شتى ألوان الطيف. وفي نهاية المطاف اجاز المجلس الوطني التعديلات والشيء الطبيعي بعد ذلك ان يشكر من حضروا من الذين وجهت لهم الدعوات حتى لو كانت مساهمتهم بالصمت والاستماع لضيق الوقت وقلة الفرص مع إلتماس العذر لمن غابوا «والغائب عذره معه» ولكن يبدو ان القائمين على أمر الدعوات من قيادات الحزب والبرلمان كانوا يأملون في حضور شخصيات معينة ليتم التركيز عليهم إعلامياً كما حدث في ليلة خطاب الوثبة ولعلهم حسبوا أن حضور هؤلاء سيعطي الموضوع زخماً اعلامياً ودعائياً، وأسفوا وعز عليهم عدم حضورهم ومشاركتهم التي لا يمكن ان تتم قهراً وقسراً!! وان عدد المعارضين ظلوا يرددون مُذ أمد بعيد إن أحزابهم ستقاطع الانتخابات القادمة وهؤلاء موقفهم ثابت وواضح اذا عدل قانون الانتخابات أو لم يعدل واسباب مقاطعة هؤلاء متباينة ومنهم من يقاطع لانه يدرك انه لن يحصل على دائرة واحدة جغرافية او نسبية وستكون محصلته اذا خاض الانتخابات القادمة عدة أصفار على الشمال وافضل وضع بالنسبة لهؤلاء هو وضعهم المائل اذا درج بعضهم على اطلاق التصريحات النارية وإحداث زوبعة وفرقعة إعلامية كأن له قواعد تماثل من حيث العدد قواعد حزب المؤتمر الهندي على عهد نهرو رغم ان قواعد أي حزب في هذه الأحزاب لو جمعت من كل انحاء السودان في مكان واحد فإنهم لا يملكون قاعدة واحدة واسعة وهم يحدثون جلبة وضوضاء أكبر من أحجامهم الطبيعية. وهناك نوع اَخر من المعارضين يحسبون انهم ما زالوا أهل الشعبية الأكثر والشرعية التي نزعت منهم بليل وهم في حفل عرس ساهون وساهرون قبل ربع قرن ويمنون أنفسهم بإعادة عقارب الساعة للوراء ليعودوا بذات الطريقة التي وصلوا بها للسلطة في عام 1986م وهم لا يوافقون على قيام أي انتخابات في ظل النظام الحاكم القائم وينادون بقيام انتخابات في ظل حكومة قومية انتقالية تماثل الحكومتين الانتقاليتين اللتين أعقبتا ثورة اكتوبر عام 1964م وانتفاضة رجب عام 1985م وهذا يعني ان تصفي لهم الانقاذ نفسها بعد كل السيطرة والتمكين الذي كرست له جهدها وفكرها وأموالها، ومن الواضح انها تقدر على التمسك بشرعيتها حتى انتهاء دورتها التي تنتهي بعد تسعة أشهر وتسعى بكل اجهزتها وكوادرها للفوز بأغلبية مربحة لاكتساب شرعية جديدة في الدورة القادمة التي ستمتد بين عامي 2015-2020م وتسعى عن طريق الحوار الوطني لاستقطاب آخرين توسع بهم دائرة المشاركة، ولكنها بالتأكيد لن تتنازل عن السلطة لأي حكومة انتقالية ولن تفرط او تتنازل عن الرئاسة وكابينة القيادة لاية جهة اخرى تطمح في ذلك ولكنها يمكن ان تمنحهم أي مواقع اخرى يريدونها مع بذل الأعطيات المالية السخية تحت أي غطاء. وصدح بعض المسؤولين على شرف الجلسة المشار اليها أن السيد الصادق المهدي ما زال مع الحوار الوطني محاولاً إيجاد مبررات بأن عدم حضوره لا يعني نفض يده عن الحوار وما أدراك ما الحوار. ولكن الامام الصادق قبل سفره الأخير شبه النطام الحاكم بقط«واستعمل كلمة كديس» في حالة جوع وضيق ووجد لبناً ولكنه بحركته المضطربة القلقة دفعه قبل أن يشربه وهو يشبه حال النظام بحال هذا القط، وحسب انه يمر بحالة ضيق ووجد ضالته في الحوار الوطني وحسب الإمام ان المخرج في تكوين حكومة انتقالية تجري انتخابات عامة ولكن النظام على حد تعبيره أجهض هذه الفرصة بتصريحاته مثل الكديس الذي دفق لبنه وهذا يؤكد بجلاء ان الطرفين كخطين متوازيين لا يلتقيان بهذه الطريقة ولكن بين الفينة والأخرى تجمع بينهما لقاءات تتخللها ضحكات وابتسامات تنقلها اجهزة الإعلام والصحف وتستمر الهدنة لفترة قصيرة «اذا رأيت نيوب الليث بارزة فلا تظنن ان الليث يبتسم»!! وتقود المخاشنات اللفظية ولعبة القط والفأر التي لا يكترث لها النظام كثيراً ولسان حاله يردد«ما لا يقتلني يقويني» وطق الحنك لا يسقط النظام ولكن لا بد لوضع حد لمسلسل توم اَند جيري الذي طال حتى اصيب الجميع بالملل والسأم ونأمل ان يحسم الإمام المثقف الموسوعي هذا الأمر بعد عودته من ندواته ومحاضراته الخارجية ليلتفت لقضايا الداخل ويتخذ موقفاً حاسماً إما باختيار الوقوف في المعارضة وقيادتها بعد تصفية خلافاته مع أحزاب تحالف المعارضة الأخرى أما بالوصول معها لأرضية مشتركة رغم التباينات والتناقضات العديدة بين الطرفين او إقامة منبر مستقل للمعارضة يقوده تحت أي رايات يرفعها كالجهاز المدني او غيره والقضية ليست هي مواجهة فرد مهما كان وزنه وثقله الذاتي لكنها قضية قواعد وجماهير حزينة من حقها ان تسعى لتنمية وتطوير مناطقها، ومن حقها ان تقف وقفات تأمل جادة لتقيم المواقف وهل تجدي المعارضة مع هذا النظام صعب المراس ام انها لا تعدو أن تكون تبديراً للوقف وانتظاراً للمجهول والبديل الآخر هو اختيار المشاركة شريطةً ان تكون مشاركة فصلية لا دكتاتورية الموسوعات والأجهزة السيادية والتنفيذية والتشريعية وفي كل الهيئات ومجال الادارات وغيرها وأقر في التعديلات ان تكون الدوائر النسبية مساوية للدوائر الجغرافية وهذا ينبغي أن يتبعه بالضرورة تقليص عدد الدوائر الجغرافية و توسيع مساحاتها الذي يتبعه زيادة الناخبين في كل دائرة.. وإذا لم يقلص الدوائر يقلص عدد الدوائر الجغرافية فان المجلس سيصبح مترهلاً وكلما انخفض العدد كان الاداء أفضل وأجود.. وأقر ان تكون الدوائر النسبية قومية وليست ولائية مع عدم التقييد بنسبة ال 4% ولئلا تفقد الولايات حقوقها فان العدالة تقتضي ان تمنح أي ولاية عدداً من الدوائر النسبية تتناسب وكثافتها السكانية وتقوم الكلية الانتخابية في كل ولاية بانتخاب مرشحي كل ولاية للدوائر النسبية وضمنهم للقائمة القومية الموحدة أي ان يكون لكل ولاية ممثليها في الدوائر النسبية القومية لئلا يهيمن المركز على اختيار كل القائمة لان في ذلك سلب لحقوق الآخرين. وان اختيار القوائم اذا تم بالانتخاب فيه عدالة لئلا تفرض بعض القوائم فرضاً ولا بد من تجديد الدماء والحد من الاحتكار والمجاملات والموازنات والترضيات. ومن القرارات الجيدة التي نأمل أن تطبق هو فرز الاصوات في نفس اليوم بحضور جميع وكلاء المرشحين فور الانتهاء من عملية الاقتراع ايقافاً للقيل والقال وإطلاق الاتهامات والحديث بالحق او بالباطل عن التزوير و ما ادراك ما التزوير. وان زعيم المعارضة يكون دائماً في النظم البريطانية حيث يتم انتخاب رئيس الوزراء داخل البرلمان ومن يليه في الترتيب يصبح زعيماً للمعارضة أي رئيس حكومة الظل والذين يأتون من بعده في الترتيب يمكن ان يكون كل منهم رئيساً للهيئة البريطانية المعارضة ولو كانت تضم اثنين فقط او ثلاثة او أكثر والشواهد على ذلك كثيرة في تاريخ البريطانيين. وفي عهد مايد لم يكن يوجد زعيم للمعارضة ولكن ابتكر عن وظيفة رقيب المجلس الوطني لابداء الرأي الآخر و قد يكون رقيب المجلس منتمياً للنظام الحاكم و جزءًا منه. والآن لا يوجد زعيم معارضة ولكن توجد اصوات لنوابها رضيت ومن خلفهم ان يعارضوا وهذا حق بالنسبة لهم وليس منحة ومن حقهم ان ينسقوا فيما بعد ويختاروا أحدهم ليكون رئيسا لهم ولكن من الناحية المنطقية لا يمكن ان يكون للحكومة داخل المجلس مئات النواب الموالين لها او يكون للمعارضة بضع ثوان قد لا تجمعهم هيئة واحدة ويمكن ان تكون لهم عدة هيئات تبعاً لولاءاتهم، ويطالب ممثلو الهيئات الصغرى بمنحهم ذات الفرصة والمدة الزمنية.