{ حينما يصرح بعض قيادات حزب الأمة القومي بأن تعيين ابن رئيس الحزب الذي كان قائداً لقواته في إريتريا وهي جيش الأمة، بأن تعيينه كمستشار لرئيس الجمهورية أمر لا يخص الحزب، باعتبار أنه مفصول منه منذ أن أعيد إلى الخدمة العسكرية قبل فترة، فإن السؤال يبقى هو لماذا يكون اختياره في هذا المنصب الدستوري إذا كان بالفعل قد اختير؟!.. إن ابن الصادق المهدي العقيد عبدالرحمن وشقيقه الملازم أمن البشرى من حقهما الوطني طبعاً أن يعملا في مؤسسات الدولة حتى ولو رفض هذا الأنصار في حزب الأمة القومي واعترضوا. وكانت الحجة المقامة على بعض الأنصار بعد إعادة عبدالرحمن إلى الجيش وتعيين البشرى في جهاز الأمن هي أنهما تقدما باستقالتهما للحزب. وهذا من حقهما وبعد ذلك لا ينبغي أن يستمر الاعتراض من الأنصار سواء من منطلق تنظيمي أومن منطلق معارضة ومعاداة الحكومة. أما الآن فإن حجة حزب الأمة القومي بأن تعيين ابن زعيم الحزب مستشاراً للرئيس أمر لا يخصهم، فإن السؤال لماذا كان اختياره من دون كبار الضباط ومن دون قدامى السياسيين؟! إن منصب المستشار الرئاسي يتطلب الخبرة الكبيرة التي تكتسب بالمدة الطويلة في العمل العام، والمؤتمر الوطني ليس في حاجة إلى مستشارين من خارجه، ومنصب المستشار ليس بذي أهمية مثل غيره. وإذا كانت استشارية عسكرية فإن هيئة الأركان كلها يمكن أن تقوم بهذا الدور، وإذا كانت استشارية سياسية فإن أهلها في المؤتمر الوطني «على قفى من يشيل»، ومازال السؤال لماذا يكون اختيار نجل رئيس حزب الأمة القومي مستشاراً للرئيس ممثلاً لنفسه وليس لحزبه الذي قال إن هذا الأمر لا يخصه؟! هل القول بأن الأمر لا يخص الحزب موجه إلى جماهير الحزب التي تعتقد أن قيادتها ترفض المشاركة وهي معها في هذا الموقف؟! وهل تعيين ابن الصادق يعني للمؤتمر الوطني جني ثمار المشاركة دون أن تكون هناك مشاركة؟! هل هي خطة سياسية ذكية تتوفر بها ترضية جماهير حزب الأمة القومي وتحقيق ما تصبو إليه الحكومة في اتجاه المصالحة الوطنية «الثانية»؟! فقد كانت الأولى مع نميري يوم السبعات الطويلة يوم 7/7/1977م. إن شباب حزب الأمة الآن لا تخدعه تصريحات قادة حزبه، ولا يمكن أن يصدّق أن تعيين ابن الصادق وليس ابن غيره أمر لا يخص الصادق وحزبه، أو لا يخص الصادق وحده. ولن يكون هناك منطقاً مقبولاً وسط جماهير حزب الأمة غير أن يعلن نجل الصادق انضمامه للمؤتمر الوطني، فقد عينه المؤتمر الوطني وهو بلا صفة سياسية. فشباب حزب الأمة القومي يصادف بعض القراءات لتي تقول بأنه خليفة والده في«الترشيح» لرئاسة الحزب. لكن حزب الأمة القومي يحتاج الآن إلى «ثورة تنظيمية» فهي أولى له من التجاوب مع الربيع العربي. ثورة تنظيمية لمعالجة كل المشكلات التنظيمية ومنها التصريحات حول تعيين نجل رئيس الحزب في الحكومة وهو الذي ربما يكون في المستقبل رئيس حزب الأمة القومي وربما إمام الأنصار. الشعب السوري بدلاً من أن يتحدث رئيس حزب البعث السوداني «الجناح الموالي لبعث سوريا» السيد التجاني مصطفى في اتجاه نصح الحكومة السورية بأن توقف حمامات الدم التي أسقطت قرابة أربعة آلاف مواطن سوري قتلى كانوا ضمن تظاهرات سلمية اندلعت في مختلف المحافظات السورية إلا أنه راح في إجاباته في حوار صحفي يسيء إلى الجامعة العربية ويستنكر موقف السودان من قرارات هذه الجامعة التي تهدف في خاتمة المطاف إلى وقف حمامات الدم وتحويل سوريا إلى منطقة كوارث وأزمات مثل افغانستان والعراق. ولا يمكن للجامعة أو السودان أن يكون موقفهما في اتجاه استمرار حمامات الدم التي هي ليست جديدة على الحكومة السورية الحالية بل منذ أول عقد الثمانينات حيث كانت مجزرة حماة الشهيرة، مع أن الفريق حافظ الأسد كان يبرر انقلابه من موقعه كوزير دفاع بما سماه «حركة تصحيحية». فهل مجزرة حماة تلك وحمامات الدم الآن هو التصحيح ؟!.. بالطبع هو التصحيح في أدبيات حزب البعث الدموي التصفوي. التجاني مصطفى قال إن في سوريا عمليات مسلحة تقوم بها بعض المجموعات الإرهابية داخل سوريا. وبالنظر إلى حجم المتظاهرين في المحافظات السورية فإن هذا يعني معظم الشعب السوري جماعات أرهابية وأن الموالين للنظام من الفرقة النصيرية هم وحدهم غير الإرهابيين. فمن يصدق هذا الافتراء في عصر عشرات القنوات الإخبارية؟ أكثر من ثلاثة آلاف وخمسمائة قتيل سقطوا في حمامات الدم، فهل هم مجموعات إرهابية؟! منهم نساء وأطفال وشيوخ، هل هؤلاء إرهابيون؟! يقول إن المجموعات الإرهابية هي التي أذهقت أرواح الأبرياء في سوريا، لكن لماذا لم تُخبر سوريا الجامعة العربية بذلك؟! أم أن هذا الافتراء صيغ خصيصاً للشعب السوداني البعيد من سوريا؟! ثم راح التجاني مصطفى يتحدث عما قدمته سوريا للسودان وكأنه يريد القول بأن هذا ينبغي أن يكلّفها الخروج على الإجماع أو موقف الأغلبية داخل الجامعة العربية التي يتهمها بأنها تمهِّد لتدخل عسكري أجنبي. يقصد تدخل يوقف حمامات الدّم ضد الشعب السوري، وإلا لماذا يكون التدخل؟! أليس هو كما يقول الصادق المهدي «تدخل حميد»؟ ثم يقول التجاني إن الشعب السوري قدم للشعب السوداني دون امتنان مساعدات ومواقف مشهودة. والتعليق على هذا هو على الشعب السوداني وقياداته أن يقف مع الشعب السوري في محنته في مناخ الربيع العربي حتى تتوقف حمامات الدم، ويذهب الدمويون إلى مذبلة التاريخ إلى جانب القذافي. فماذا كان يريد البعث السوري وجناحه في السودان من الجامعة العربية إزاء حمامات الدم في المحافظات السورية وسقوط عشرات المدنيين بشكل يومي؟! إن نظام البعث السوري لم يترك فرصة للجامعة لتضمن له بها موقفاً عربياً يدين الشعب السوري ويطالبه بالعودة من الشارع. أما السودان الذي يحب شعب سوريا، لا يمكن أن يحتمل تقتيلهم يومياً بهذه الصورة فليذهب النظام الدموي ويبقى الشعب الوفي ولا حاجة بعد ذلك إلى الغرب.