رأت المستشارة السابقة لرئيس الجمهورية والخبيرة في القانون الدستوري، الدكتورة بدرية سليمان أن التعديلات التي نص عليها قانون الانتخابات الأخيرة فرصة ثمينة للقوى السياسية لدخول البرلمان بعضوية معتبرة، وأكدت على مشاركة معظم القوى السياسية المعارضة في الحوار حول التعديلات، وعزت مسارعة مفوضية الانتخابات لإجازة التعديلات لكون الوقت المتبقي على الاستحقاق الدستوري للانتخابات في2015 لا يكفي المفوضية في إنجاز مهامها الفنية المتعلقة بإعادة تقسيم الدوائر ومراجعة السجل الانتخابي بعد فصل الجنوب. وقالت إن أية ترتيبات انتقالية يتفق عليها في الحوار السياسي تقتضي تعديلات سريعة في القانون لمراعاة الفترة المتبقية من أجل المؤسسات الدستورية. تعديل قانون الانتخابات أثار جداً كثيفاً، هل هذه أول مرة يُعدل فيها القانون؟ أبداً، القانون عُدل في عام 2011م لدواعي انفصال الجنوب، حيث تم حذف كل المواد المتعلقة برئيس حكومة الجنوب والجهاز التنفيذي للجنوب والمجلس التشريعي وأية إشارة لولايات الجنوب، لأن النصوص الموجودة في تلك القوانين كانت محكومة بأن الجنوب جزء من السودان، والمادة «286» من الدستور ذكرت أنه تحذف كل المواد من قانون الانتخابات والقوانين الأخرى إذا كانت نتيجة الاستفتاء فصل الجنوب، ولذلك كان تعديل القانون في عام 2011م لضرورة استبعاد كل النصوص المتعلقة بالجنوب من متن القانون. ولماذا جاءت المبادرة لتعديل القانون هذه المرة من مفوضية الانتخابات بالرغم من أن القانون وضعته مفوضية الدستور؟ جاءت من مفوضية الانتخابات لتمكين المفوضية من الاضطلاع بمهامها الفنية للإعداد والترتيب للانتخابات في وقت كافٍ، خاصة وأن الفترة المتبقية للانتخابات لا تمكن المفوضية من إنجاز مهامها إذا انتظرت فترة أكثر من ذلك لتعديل القانون. هناك من يرى أن التعديلات لم تحظ بدراسة وافية ومشاركة واسعة؟ قطعاً هذا الحديث غير صحيح، فأنا لا أدافع عن المفوضية لكن المفوضية أعدت ونفذت ورش عمل بفندق برج الفاتح المعروف حالياً بكورنثيا، وشارك في تلك الورش خبراء ومختصون في القانون وأكاديميون وممثلون لأحزاب سياسية معارضة وغير معارضة، واستمرت الورش لمدة ثلاثة أيام، وقد شاركتُ في هذه الورش التي خرجت بالعديد من التوصيات لتعديل قانون الانتخابات. ولكن التوصيات صارت قانوناً الآن؟ نعم، وكانت كلها تعديلات إجرائية حيث رأى معظم المشاركين في الورش أن قانون الانتخابات محشوٍ بكثير من النصوص التي كان من المفترض أن تترك للقواعد التي تصدرها مفوضية الانتخابات على اعتبار أن وجودها في القانون يعيق المفوضية في عملها. ما يؤخذ على المفوضية أنها انفردت بالتعديلات؟ بالعكس، المفوضية لم تقم بهذا الجهد لوحدها بل مجلس الأحزاب أيضاً مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي بالتعاون مع المفوضية عقدوا ورشاً أيضاً حول القانون في قاعة الصداقة بمشاركة الأحزاب السياسية، وقد قدمت في تلك الورش أوراق عمل من سياسيين وقانونيين حول رؤيتهم لتعديل القانون، وقدمت المفوضية التوصيات التي خرجت بها الورشة الأولى التي عقدت في فندق برج الفاتح، وهذا دليل على أن تعديل القانون حظي بمشاركة واسعة، وأن كل الأحزاب المعارضة وممثلي المجتمع المدني والفئات الأخرى شاركت في وضع وصياغة التعديلات. هناك من يرى أن التعديلات هي مبادرة لحزب سياسي بعينه ولذلك يرفضونها؟ أبداً هي ليست مبادرة حزبية ولا جهد مجموعة محدودة، إنما جاءت نتيجة لشورى ومشاركة واسعة من الجهات المهتمة بالقانون ومجلس الأحزاب ومفوضية الانتخابات لعلاقتهم الإشرافية برئاسة الجمهورية حيث وعدوا أن هذه التوصيات سترفع لرئاسة الجمهورية وقاموا برفعها حسب علمي التي أحالتها لوزارة العدل ووزارة العدل قامت بتنظيم تلك التوصيات وأجرت التعديلات في قانون الانتخابات وأودعته مجلس الوزراء والقطاع السياسي حسب اللائحة، ومجلس الوزراء وافق ثم بعث به للمجلس الوطني، والمجلس الوطني كما هو معلوم هناك لجنة التشريع والعدل وهي اللجنة المختصة بأمر قانون الانتخابات عقدت عدة اجتماعات وخلال جلسة مفتوحة للأحزاب كان المجلس قد قرر أن هذا القانون يجب أن يطرح في المجلس في شكل هيئة لذلك جاءوا بممثلي الأحزاب والناس سمعوا رأيهم وجاء هذا المشروع بهذه الصورة التي أجيز بها في البرلمان بأغلبية معتبرة وذهب الآن لرئيس الجمهورية لتكملة الإجراءات. فالرئيس من حقه إذا رأى أن لا يوقع على القانون ويرجعه للبرلمان يرجعه بملاحظاته والبرلمان بعدها ينظر فيه كمؤسسة تشريعية قومية، والآن الأمر كله بيد رئاسة الجمهورية. إلغاء النسبة المؤهلة أثار جدلاً كثيفاً في البرلمان برأيك ما هي المبررات لإلغاء النسبة المؤهلة؟ النسبة المؤهلة تحرم أحزاباً كثيرة من الدخول في البرلمان، ونحن نتحدث عن ضرورة دخول الأحزاب بتمثيل معتبر في البرلمان، ولذلك كان لا بد من مقترحات جادة تمكن الأحزاب من دخول البرلمان، ولذلك جاء إلغاء النسبة المؤهلة كواحدة من المقترحات. وفي الورش نادوا بتخفيض النسبة المؤهلة أو إلغائها هي أصلاً. وقد تم الغاء هذه النسبة والاتفاق على النظام المختلط وهي الدوائر الجغرافية زائداً التمثيل النسبي. برأيك لماذا تم ترفيع نسبة المرأة الى 30% وهناك من يعترضون على نظام الكوتة باعتباره يأتي بكوادر ضعيفة من قطاع المرأة؟ المبادرة أصلاً جاءت من الاتحاد البرلماني الدولي من خلال اجتماع الجمعية العمومية قبل دورتين الذي كان عن موضوع الانتخابات، وتطرق فيه المؤتمرون لنظام الكوتة بالنسبة للمرأة، وكانت التوصيات من الجمعية العمومية بأن نسبة الكوتة تصبح 30% وهذا الأمر طرح، ويبدو أن المشرع سار في هذا الخط، وأنا أعرف أن هناك منظمات مجتمع مدني كثيرة عملت في هذا الموضوع كاتحاد المرأة السودانية وبعض المنظمات النسوية وبعضهم كان يرى 50% وليس30% ولكن هذا إجحاف في اختبار شعبية المرأة وقبول المجتمع لتمثيلها؟ أنا أعتقد أن هذا عمل مرحلي والدستور يتحدث عن تميز إيجابي للمرأة لنظام الكوتة، فالمفروض يكون نظاماً مستمراً، ولذلك أنا مع من يقولون لا يُنص على نظام الكوتة في الدستور، لأن الدستور تعديله غير ساهل والأفضل النص عليه في قانون الانتخابات على أساس أنه عمل مرحلي لوقت قد لا نحتاج فيه لنظام الكوتة بعد تقبل المجتمع السوداني أن تنوب عنه امرأة في البرلمان بتمثيل نسبي أو دوائر جغرافية، فاذا وصلنا إلى هذه المرحلة سيلغى وسنتكلم عن ال 50% تمثيل نسبي، وتكون فيها المرأة من غير ما تحدد لها نسبة، ولكن الآن الأمر مرحلي حتى يتقبل الرجل السوداني كرجل شرقي نيابة المرأة عنه في البرلمان. وفي دستور 1998 كنا نترك قوائم المرأة تقترع فيها النساء فقط، وتدرجنا بعد ذلك، وقوائم المرأة كانت ثلث ال 25% في دستور 89م، ثم اصبحت 25% والآن أصبحت 30%، فهذا كله تدرج لكي تصل المرأة لمرحلة لا تحتاج بعدها لتمييز إيجابي ويكون المجتمع قد تقبلها. كيف تمكن النسبة المؤهلة الأحزاب الصغيرة من دخول البرلمان؟ أقول لك في السابق حين تتحدث عن فوز تقسم عدد المقترعين على عدد المقاعد المطلوبة في البرلمان، فلو لم يحصل الحزب على نسبة محددة من المقترعين يستبعد لأنه لم يحصل على النسبة المؤهلة، والآن تم إلغاء النسبة المؤهلة، وأي حزب سينافس في القوائم بحصوله على قوة المقعد، وقوة المقعد حسب عدد المقترعين على عدد المقاعد. فسري لنا التعديل المتعلق بإلغاء أعلى المتوسطات والاستعاضة عنها بأقل البواقي؟ أعلى المتوسطات تستبعد الأحزاب الصغيرة، والغرض من التعديلات أصلاً هو إتاحة الفرصة لعدد من الأحزاب لدخول البرلمان، وأقل المتوسطات يعني أن أي حزب صغير يجمعوا له بواقي أصواته في الدوائر التي تزيد من قوة المقعد، وهذه من الميزات، وبدلاً من أن تمشي بأكمل المتوسطات ستفوز بأقل البواقي، فأعلى المتوسطات محسوبة بمتوسط ما حصلت عليه.