من العبث أن تسأل والي شمال دارفور السلطان عثمان محمد يوسف كبر، عن ما هي الآلية أوالوصفة السحرية التي من خلالها استطاع البقاء على قمة الهرم الإداري طيلة المدة الطويلة، لأنه حتماً سيجيب بقدراته العالية وحنكته وحكمته المعروفة بأن الإدارة فن وعلم وليس كل شخص يمتلك القدرة في استخدام هذا الفن بالحجم الذي يؤهله للإحتفاظ بكرسي الحكم، ذلك بعد توفيق الله تعالى والمربوط باتخاذ الأسباب السليمة، ولكن لديّ سؤالان وفي تقديري هما أسؤالا جمهور كبير من المراقبين سيما بعد إعلان حكومته الأخيرة، والسؤالان هما: ماهي الإنجازات والنجاحات التي تشفع لمعتمد الفاشر السابق لتؤهله لرئاسة مجلس متخصص في الحكومة الجديدة والموقع تكليف وليس تشريفاً..؟!! أنا شخصياً حضرت مشكلتين ضمن أزمات الفاشر الكثيرة كادتا أن تعصفا باستقرار وأمن المدينة لولا لطف الله، الأولى كانت صراعاً مسلحاً إندلع نهاراً بين قوات حرس الحدود وقوات مني أركو مناوي بسوق المواشي داخل المدينة، فلم نجد إلا الوالي «كبر» وهو يدير الأزمة بنفسه ويدفع بالتصريحات التي تعزز الطمأنينة، وقتها افتقدنا المعتمد وهو المسؤول المباشر ورئيس لجنة أمن المحلية لكنه آثر الصمت، أما الأزمة الثانية فهي كانت المشكلة التي حدثت بين حرس الحدود وأحد الترزية بسوق الفاشر وراح ضحيتها الترزي، وكادت أن تحدث أزمة عندما قامت تيارات المعارضة باستخدامها كخطاب ضد حكومة الولاية بعد حملهم جثمان المتوفي فلم نجد وقتها إلا الوالي «كبر» وحيداً داخل السوق، فأوقف عبث المعارضة والمتاجرة بدماء الأبرياء عندما استلم الجثمان وحمله بسيارته الخاصة بدون أي اسقاطات اخرى، فغاب المعتمد وقتها، ومنذ ذلك التوقيت ظلت مساهماته متضائلة حتى الآن فما هو الجديد الذي جعله يحتفظ بهذاالموقع ولم يغادره؟! الأمر المدهش الآخر هو الذي خلفه في المنصب عيسى محمد عبدالله وهو من خارج دائرة ومخابئ مدينة الفاشر، حيث تحتم المعادلة السياسية والواقع الأمني بأن يكون المعتمد من أبناء المحلية ليكون معروفاً ولديه احترام وتقدير وسط اهل المدينة، حتى يستفاد من موقعه الاجتماعي وعلاقاته بين المواطنين في بسط هيبة الدولة والأمن ولا قدر الله إذا حدث أي طارئ امني يخرج للناس لأنه معروف لديهم، بل سوف يقوم المجتمع بالتفاعل معه وحمايته، غير أن المعلومات المتوفرة تكشف بأن القادم بطيخة مقفولة لدى أهل المحلية التي تعتبر محلية رئاسة يديرها شخص يسد الفرقة إذا غابت مهارات وقدرات الوالي او المسؤول الاول، لأن موقع معتمد محلية الفاشر لا يقل بأي حال من الأحوال عن موقع الوالي، كان أهل فاشر السلطان يطمحون في معتمد قدر المكان ومتناسب مع الزمان أخشى ان يكونوا احبطوا، واذا كان الأمر كذلك اقترح على الوالي «كبر» أن يستمر في إدارة شأن الفاشر على الأقل يرتب الأوراق وإذا اخلاها تماماً وجردها من أي مسؤول دستوري يكون بذلك قد كسب التعاطف والرهان وأعاد الثقة لأهل السلطنة..! ذلك كان جزءاً من حراك سلطة علي دينار ولاية شمال دارفور، لنعود منها الى سلطنة سنار وقبل أيام أقال واليها السيد احمد عباس وزير الشؤون الاجتماعية فضل المولى الهجا، في توقيت غير مبرر وهو رجل مشهود له بالعمل الدقيق المنظم ولكن تسريبات وليست اعترافات قالت إن «الهجا» خرج بسبب وشايات وصلت السيد الوالي، بأن للرجل طموح في الجلوس على كرسي رئاسة الولاية، وتصاعدت الوشاية حتى صدقها «الوالي» وأطاح به في صمت برغم قناعة الناس به والنجاحات التي أحدثها وذلك بشهادات آخرين لكنها لم تشفع له، ذلك امر يجعلنا نسأل «الوالي» القلق أحمد عباس وماذا لو كان «الهجا» يحمل طموحاً ويحلم بمنصب «الوالي»..؟! وماذا اذا كانت المؤسسات والآليات المنوط بها اختيار الولاة قد اختارته..؟! أليس من حقه؟! أيها «العباس» أنت تحكم سلطنة ومنها تعلم الناس أسس الحكم وفنون الإدارة والزهد، فلا تضيِّق واسعاً ويقيني أنك بعد مراجعة وتدقيق، أدركت ان الرجل أبعد ما يكون عن الوشايات، وهو من اقرب الشخصيات اليك ومن المنافحين ولكن جماعة الشر قصدت ان تباعد بينكما ويفسح المجال لدخول شخصيات طفيلية لا تعمل الاّ وفق مصالحها ولا تهمها مصالح العامة.. مثل هذه الحالات التي حدثت في شمال دارفور وسنار تأذت منها مؤسسات وولايات كثيرة، أن يتسلط لوبِّي معين ويفرض رأيه واستراتيجيته على المسؤولين ويجبرون صاحب القرار على إبعاد أصحاب الكفاءة والقدرات ويضع الشخص غير المناسب في المكان المناسب، وفق لغة العواطف والمصالح والمجموعات ويبقى البقاء للأسوأ وليس للأفضل، وبذلك تضيع المصالح الكلية للعباد، وينمو الفساد ويكثر المفسدون في الارض. نحن بحاجة الى تحسين الصورة والعمل وفق المنهج الذي يبعد العقليات المزاجية، ويمكن للحق كي يسود بدلاً عن الأفكار القاتلة للمبادرات والرؤى والطموحات، أخيراً اقول لم أتعمق في شمال دارفور وهيكل حكومتها المترهل والمفروض بواقع ومبررات، بمقدورها ان تجبر أي شخص وضع في موقع واليها أن ينحني للعاصفة ويعمل وفق الذي جرى، ولكن الفلاح في أن تختار أفضل وأحسن الخيارات المتاحة حتى تخرج بأقل الخسائر.