بجدارة واستحقاق فاز المريخ ببطولة سيكافا بعد انتصاره على الجيش الرواندي بهدف نظيف أحرزه المهاجم وانقا من تمريرة رائعة لراجي عبدالعاطي ليتوشح الأحمر بالذهب ويفوز باللقب وينال احترام الأفارقة والعرب بعد ملحمة كروية بذل فيها اللاعبون الجهد والعرق وقاتلوا ببسالة للمحافظة على هدف الفوز لما يقارب السبعين دقيقة وسط هجوم متواصل وتشجيع داوي لأكثر من 40 ألف رواندي ليخرج المريخ مرفوع الرأس ويتسلم كأس البطولة من رئيس رواندا الذي جاء لتتويج جيش بلاده بالكأس ولكنه خذله فخرج وهو في قمة الغضب والاحباط من خسارة البطل الرواندي على أرضه ووسط جماهيره.. لقد أعاد المريخ بفوزه بسيكافا ذكريات الكأسات المحمولة جواً وفي مقدمتها كأس مانديلا وبطولات سيكافا الثلاث والتي كان لي شرف مرافقة المريخ في البطولة الأولى بتنزانيا عام 1986م موفداً من جريدة الصحافة حيث كانت فرص السفر توزع على العاملين بالقسم الرياضي بالتناوب ودون اي اعتبار للانتماء لأن تغطية الرحلات عمل مهني ينبغي ان يؤديه المحرر بكفاءة ومسؤولية بصحبة أي نادي ولذلك لم تكن في ذلك الزمن الجميل عصبية أو تطرف أو محاولات للاستهزاء بين الأقلام الزرقاء والحمراء أو تبخيس لانتصاراتهما وانجازاتهما ولعل أبلغ دليل على احترام الأندية للصحافيين وعدم التمييز بينهم بالولاءات والانتماءات ان الأستاذ أحمد محمد الحسن أحد رموز الصحافة المريخية قد رافق الهلال في رحلاته الخارجية أكثر من مرة دون أي اعتراضات أو احتجاجات من الأهلة لأن الأقلام كانت تكتب بأمانة وموضوعية متجردة من كل عواطف وانحياز وسأضرب مثالين يدلان على المهنية العالية والبعد عن العصبية العمياء الأول هو المانشيت الذي خطه يراع القلم المريخي الأستاذ أحمد محمد الحسن عندما أوقف الهلال انتصارات المريخ الثمانية بالفوز بهدف أحرزه جكسا في بداية مشواره مع الأزرق والذي قال فيه »جاب الهلال جكسا الحريف واجه دفاع ساهل ضعيف وأنهى الصراع بقون نضيف« والمثل الثاني عندما أصدر الأستاذ أحمد محمد الحسن رئيس تحرير جريدة المريخ عدداً خاصاً عن فوز الهلال ببطولة الدوري عام 1967م وقد كان لهذه اللفتة الرائعة صداها عند الأهلة الذين اقبلوا على شراء العدد الذي نفد من الأسواق في زمن وجيز، والمؤكد ان رئيسي تحرير جريدتى الهلال والمريخ لن يستطيعا الاقدام على مثل هذه الخطوة في هذا الزمن والتي قد تكلفهما وظيفتهما أو ربما تؤدي لنقلهما للمستشفيات للعلاج من اصابات خطيرة..! لا جدال في ان فوز المريخ بسيكافا التي يلعب فيها باسم السودان هو انتصار للوطن والكرة السودانية بكل اتحاداتها وأنديتها وجماهيرها وعليه فان انجاز المريخ لا يغيظ الأهلة ولا يقلل من شأن ناديهم الذي يفخرون ويعتزون بوصوله مرتين لنهائي بطولة الأندية كبرى البطولات الافريقية وكان من الممكن أن يفوز باحداهما او كليهما لولا ظلم الحكام الأفارقة والذين سرقوا عرق الهلال وجهد لاعبيه بالاعترافات الصريحة لحسن شحاتة ومصطفى يونس باحدى القنوات المصرية قبل عدة أشهر والتي أكدا فيها ان الحكم المغربي لاراش قد حرم الهلال من الفوز بالبطولة بعدم احتسابه لهدف وليد طاشين الصحيح، عموماً ففوز المريخ بسيكافا هو في مصلحة الهلال لأنه سيكون دافعاً وحافزاً له لتحقيق حلم الانجاز الخارجي حتى لا يصبح المريخ وحده في ساحة البطولات الخارجية..! واذا كانت مباديء الرياضة وأهدافها تدعو لتوطيد علاقات الاخوة والصداقة وترسيخ قيم التنافس الشريف وروح التسامح والبعد عن المكايدات وتصفية الحسابات فان فوز المريخ بسيكافا يجب ان يوضع في مكانه الصحيح وسياقه السليم كانجاز للوطن ولكل الرياضيين وليس للمريخ الذي لا يمثل نفسه في هذه البطولة التي لعب فيها باسم السودان العزيز الذي نفرح جميعاً لفرحه ونحزن لحزنه لأنه الكل وما عداه الجزء ولأنه الأصل وما عداه الفرع ولذلك فان التقليل من شأن البطولة هو تقليل من شأن الوطن ومكاواة لا تليق بقامة ومكانة الهلال الذي صرع أكبر وأقوى وأعرق الأندية الافريقية من مصر وتونس والمغرب ونيجيريا وساحل العاج وغانا وجنوب افريقيا وزامبيا والذي احتل المركز السادس من بين 68 نادياً في كبرى البطولات الافريقية ويتطلع للجلوس على عرش الكرة الافريقية في الموسم القادم بحول الله.. التهنئة الحارة للمريخ ادارة ولاعبين ومشجعين وجهاز فني على هذا الانجاز الذي أسعد الشعب السوداني المطحون بغلاء الأسعار وانقطاع الكهرباء والتحية لرئيس المريخ جمال الوالي الذي عمل من اجل الإنجاز الخارجي طوال العشر سنوات الماضية التي أعطى فيها النادي بلا حدود من وقته وصحته وماله حتى يحقق صعود المريخ لمنصة التتويج والذي تحمل في سبيله كل ألوان الهجوم والاساءة والتجني والجحود لتنصفه المستديرة بإنجاز سيسكت الكثير من الأقلام والألسن التي لا ترى في جمال شيئاً جميلاً حتى لو فاز المريخ ببطولة افريقيا والعالم..!