حافظ الهلال على صدارته للممتاز بفوزه المستحق على هلال الفاشر بثلاثية نظيفة افتتحها المهاجم الواعد محمد عبد الرحمن بهدف رائع من رأسية خادعة لعبها يمين الحارس، وأحرز الهدفين الثاني والثالث النجم المتراجع المستوى كاريكا الذي استعاد ألقه وبريقه كمهاجم خطير صاحب حضور وذكاء يمكنه من الاستفادة من انصاف الفرص بسرعة التصرف والقدرة على الوصول للمرمى بأسهل الطرق. لا جدال في أن الهلال قد حقق فوزاً غالياً عزز به صدارته للممتاز بعد أن لعب بمستوى أفضل من مبارياته السابقة من ناحية الجماعية وسرعة الحركة والتأمين الدفاعي والنهاية الجيدة للهجمات، ولكنه لا يستحق ذلك الثناء المبالغ فيه لأنه لم يقدم المستوى الذي يليق بقدرات وامكانات لاعبيه الكبيرة والتي ظلت في تراجع مستمر فترة طويلة، وإذا كان ما وصف بالعرض الرائع هو أفضل ما لدي الهلال في مواجهة فريق ضعيف القدرات مثل هلال الفاشر، فإن مسيرته ستعترضها الكثير من العقبات أمام أندية صاحبة مستوى أفضل من الخيالة، فنحن لسنا ضد أن ينال اللاعبون حقهم من الاشادة في حالة الاجادة، ولكن في المستوى المعقول الذي لا يجعلهم يعتقدون أنهم قد وصلوا قمة العطاء، وهي مسألة خطيرة على مستقبل الفريق إذا اعتقد اللاعبون أنهم قادرون على هزيمة أي فريق ما دام كل عناوين الصحف الزرقاء تتحدث عن إبداعهم وروعتهم وسطوتهم وضربهم للخيالة في مقتل وعزفهم للمزيكة التي ترددت أصداؤها في كل أنحاء الوطن. صحيح أن النصر قد أسعد الجماهير بعد أن رفض الحكم احتساب ضربة جزاء أوضح من الشمس لمريخ الفاشر أمام مريخ العاصمة، ولكن هذا ينبغي ألا ينسينا أن الهلال قد كسب معركة ولم يكسب الحرب، وأن أمامه مباريات قوية يحتاج لتحقيق النصر فيها لمزيد من البذل والعطاء والقتال الشرس لتتويج جهوده لاستعادة الممتاز الذي احتكر الفوز به لسنين طويلة، ولذلك لا بد من الابتعاد عن الغرور والثقة المفرطة بالنفس التي تدفعهم للاستهانة بالخصوم، وتضيع جهودهم وأحلامهم وتطلعاتهم لموسم حافل بالانتصارات والبطولات إذا ساورهم الإحساس للحظة واحدة بأنهم قد أصبحوا سادة الكفر، وأن انتصارهم على أي فريق هو في حكم المضمون ولا يحتاج لأي جهد، فحذار من الانسياق وراء حملات الاشادة التي قد تهدر كل ما بذل في اعداد الفريق من جهد ووقت ومال، لأن كرة القدم لا تعطي إلا من يبذل ويجتهد ويعرق، أما إذا اعتمد النادي على الأسماء والنجومية والأمجاد فسيجد نفسه خارج منصات التتويج، وعندها لن ينفع الندم والبكاء على اللبن المسكوب. خلاصة القول إن الخطر الحقيقي على الأزرق إذا ظن اللاعبون أنهم قد وصلوا قمة العطاء أمام الخيالة والذين انتصر الهلال عليهم بسبب ضعفهم وليس لقوته الخارقة، ولذلك ينبغي أن تعكس الصحافة ما يدور داخل الملعب بأمانة وشفافية، حتى لا ندفع الهلال نحو المجهول بالمبالغة في الإشادة التي ستلحق ابلغ الضرر بمسيرته.