كتبنا كثيراً ننادي بضرورة جمع الصف الوطني لمجابهة المهدِّدات الخارجية التي تحيط بوطننا، وضعنا من ضمن أهداف منبر السلام العادل المصالحة الوطنية وجمع الصف الوطني أهدافًا رئيسية يسعى المنبر لتحقيقها.التقى المنبر من خلال ذلك قيادات الأحزاب الرئيسية في الساحة السياسة منبهاً الجميع أن الحل الوحيد للمشكلات السودانية يأتي من الالتقاء على كلمة سواء والتوافق بين الحكومة والمعارضة.عندما طرحت الحكومة فكرة المشاركة للأحزاب السياسية من خلال حكومة عريضة رأينا في ذلك مجالاً لجمع الصف لمجابهة تحديات المرحلة الحالية وإيجاد الحلول المشتركة للمشكلات التي تحيط بالبلاد. ولا شك أن في ذلك فرصة للأحزاب للتواصل مع قواعدها والتوافق فيما بينها والعمل على لمّ شمل شتاتها والاستعداد للانتخابات القادمة التي من خلالها تبدأ مسيرة الديمقراطية وتبادل السلطة والحكم سلماً. رأينا في ذلك مجالاً لوضع الخلافات والمرارات جانباً والعمل على مجابهة التحديات الداخلية والمهدِّدات الخارجية. لم يكن الناس يتوقعون أن تتمسك الأحزاب بعد نداء الحكومة العريضة الذي طرحه الحزب الحاكم بمكاسب شخصية ومطالب حزبية تتمسك بها وتتشدد في تمسكها دون مراعاة للمصلحة الوطنية. إن في استجابة الاتحادي الديمقراطي لنداء جمع الصف الوطني والمشاركة في الحكومة العريضة موقفًا مشرفًا لهذا الحزب وخطوة مباركة نرى فيها مصلحة كبيرة ستعود عليه بمكاسب كثيرة من خلال الانتخابات القادمة. لقد غاب حزب الوسط صاحب التاريخ العريق والمسيرة الطيبة عن قواعده خلال السنين الماضية حتى كاد أن لا يكون له وجود في بعض المناطق. الحزب الاتحادي وهو الحزب الذي خرجت منه معظم الأحزاب الموجودة الآن في الساحة بما فيها المؤتمر الوطني الذي إذا رجعنا إلى تاريخ قياداته لوجدنا معظمهم ينحدر أو يرتبط بصورة أو أخرى بالحزب الاتحادي الديمقراطي أو بالطريقة الختمية وإذا لم يكن ذلك في شخصه فمن خلال أسرته. إن الحزب الاتحادي هو الحزب الوسطي الذي يمكن أن يلعب دورًا كبيرًا في الساحة السياسية ويمكن أن يكون له تأثير كبير في مسيرة الحكم مشاركاً أو معارضًا. إن غياب الاتحادي عن قواعده وعدم الاهتمام بالتواصل معها أفقده الكثير من تلك القواعد، وقد رأينا ذلك في الانتخابات الماضية بصورة واضحة في دوائر كانت مقفولة له لم يحرز فيها نسبة عشرة في المائة من جملة الذين صوتوا.. إن ما حدث في دائرة مروي والدبة خير دليل على شتات الحزب الاتحادي وخروج قواعده من بين يدي قياداته، وكانت النتيجة في تلك الدوائر مهينة لحزب عريق في قامة الاتحاد الديمقراطي. لقد وقفنا على تلك الانتخابات وكنا مقتنعين بأن مرشح المؤتمر الوطني سيفوز ليس لأنه مؤتمر وطني ولكن لأنه من أبناء الدائرة الذين قدموا لمواطنيها خدمات كبيرة كانت مكان تقدير واحترام.. ومع ذلك كنا نتوقع أن تكون المنافسة كبيرة في تلك الدائرة ولكن فوجئنا بأن الحزب العريق صاحب القاعدة الكبيرة كانت قواعده غائبة أو رأت أن تقف مع من ينفع الناس. إن في مشاركة الاتحاد الديمقراطي منافع كثيرة له ستعود إليه بنجاحات في الانتخابات القادمة بالإضافة إلى ما سيعود عليه على المستوى القومي لاستجابته لنداء المشاركة. إن الذين يعارضون مشاركة حزبهم في هذه المرحلة يعيشون على آمال من أبراج عاجية لم نجدهم بين قواعدهم في يوم من الأيام طوال عقدين من الزمان ولا تواصل لهم مع تلك القواعد، وهذا حالهم حتى عندما كانوا من قبل في الحكم. مطلوب من الحزب الاتحادي بعد المشاركة وفي المرحلة القادمة: { أولاً: السعي للمّ شمل الحزب ليعود إلى سيرته الأولى حزبًا وطنيًا وسطي التوجه صاحب برامج تلبي مطالب قواعده. { ثانياً: التواصل مع قواعده وجمع شملها وتلمس مشكلاتها. { ثالثاً: الإعداد المبكر للانتخابات القادمة مستفيداً من وجوده في السلطة. إن الحزب الاتحادي الديمقراطي أمامه فرصة ذهبية بعد مشاركته في الحكم لإعادة بناء الحزب من جديد ولمّ شمل شتاته والتراضي مع قواعده والحوار الهادئ مع قياداته التي خرجت من صفوفه والعمل من خلال وجوده في الجهاز التنفيذي لخدمة الشعب السوداني بمختلف توجهاته والتعاون مع الحزب الحاكم في حلحلة القضايا القومية، ولا شك أن في ذلك خيرًا كثيرًا للحزب والوطني الاتحادي. { إننا نتطلع أن نرى الحزب الاتحادي الديمقراطي يعود إلى سيرته الأولى وإلى جماهيره. نتطلع أن يكون حزبًا قويًا مؤثرًا في الساحة السياسية له القدرة والرؤية الصائبة حاكمًا أو مشاركًا في الحكم أو معارضًا مؤثرًا من داخل قبة البرلمان. إنني في غاية السعادة وأنا أرى حزب الاستقلال يقبل بالمشاركة في الحكم والمشاركة في التصدي للقضايا الوطنية والعمل على إعادة الحزب سيرته الأولى ليكون له تأثيره الكبير في مسيرة الحكم وإرساء قواعد الديمقراطية. ونأمل أن يكون المؤتمر الوطني صادقًا في تعامله مع الحزب الاتحادي، جادًا في التعاون معه، مشاركًا له في القرار والخطط والتنفيذ، مساعدًا له في حل مشكلاته ولمّ شمله ليعود حزباً قومياً ويعود سيرته الأولى. التحية لمولانا محمد عثمان الميرغني وهو يقدم على هذه الخطوة ليكون مشاركًا في الحكم.. والتحية لقيادات الحزب التي قادت المفاوضات وصولاً للاتفاق مع الحزب الحاكم. والنداء نرسله لبقية قيادات الحزب التي لم توافق على المشاركة لمراجعة مواقفهم.. ونرسله أيضاً للذين خرجوا عن الحزب وأسسوا أحزابًا فرعية باسم الاتحاد الديمقراطي للرجوع والوفاق مع الأصل والعمل على لمّ الشمل. نسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه خير الناس والوطن.