أنهى المؤتمر الوطني مؤتمره العام الرابع، وأسدل الستار على كثير من القضايا التي كانت تثير الحساسية داخل الحزب أو خارجه، كمرشح الوطني للرئاسة. انتهى المؤتمر الوطني دن حدوث أية مفاجآت، مما جعل كثيراً من المراقبين يصفون انعقاد المؤتمر بأنه جاء تنفيذاً للوائح الحزب فقط، أي لم يأت بما تردد عن ضرورة إصلاح الحزب وتغيير الوجوه. «الإنتباهة» جلست مع القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبد العاطي، واستنطقته حول ما يجري في الساحة السياسية. تعليقك على الممارسة الشورية التي تمت خلال المؤتمر العام للوطني؟ من الأشياء اللافتة حرص العضوية ذات العددية الكبيرة من الولايات والقطاعات الوظيفية على حضور كل الفعاليات، وما يثبت ذلك عدم مفارقتهم أروقة المؤتمر إلا القليلين، فقد كان هناك حرص شديد على ممارسة الحق الشوري، وكان المؤتمر بمثابة مظاهرة مرئية واستفتاء بالنظر يشير إلى أن عضوية المؤتمر الوطني كبيرة بالنظر إلى أن الحضور هم فقط المصعدون، كذلك لفت انتباهي المسألة الإجرائية، حيث كانت محط التركيز من قبل العضوية برغم تقديم أوراق عمل ناقشت قضايا ثرة وحيوية حول مستقبل البلاد ودور الحزب في المرحلة القادمة، والمرء لا يشعر بدرجة الاهتمام التي حظيت بها الإجراءات في بناء الهياكل، وما جرى في مجلس الشورى. أما إعادة ترشيح البشير فقد كان مظهر صناديق الاقتراع المفتوحة للجميع واضحاً للممارسة الشورية بشفافية من دون ضغوطات، لذلك لن نستطيع القول إن هناك ضغطاً أو استقطاباً، فالشخص يحصل على خصوصية في التصويت ويكتب على ورقته «رافض» أو «قابل» أو «محايد» دون أي تدخلات خارجية. أما ما تم خلال انتخابات مجلس الشورى فلا يزال التركيز على شخصيات ومناصب ووجوه بعينها. الوطني تحدث كثيراً عن التجديد والإصلاح، وهذا ما لم نلمسه في المؤتمر العام من خلال ترشيح البشير؟ الإصلاح في الأصل لا يمكن أن يحدث في مؤتمر، ولكن الفترة القادمة سوف تعتبر فترة اختبار لوثيقة الإصلاح والتغيير، وما حدث في المؤتمر من تكالب على المناصب والازدواجية في معايير اختيار المناصب وتكريس للمناصب جميعها تحديات ظهرت، ورئيس الجمهورية هو المسؤول عن تقويم مظهر أي اعوجاج، وهنا يمكننا فقط التنبؤ بأن تسير الوثيقة نحو الإصلاح أو أن نضعها تحت الأقدام، والتحدي أمام الرئيس كبير خاصة بعد حديثه عن مراكز القوى التي ظهرت في الولايات وإصرار بعض الأشخاص على تولي أكثر من منصب. حديث الرئيس البشير حول مراكز القوى، هل هي موجودة بالفعل؟ مراكز القوى التي أشار إليها الرئيس هي العيوب التي أشار إليها رئيس الجمهورية، والتي ظهرت خلال مؤتمر الشورى، والتحدي إما أن نضرب تلك المراكز وإما أن نتركها تنتشر لتصبح مثل نبات المسكيت الذي استعصى علينا محاربته. كذلك في اعتقادي إذا نظر للقضية من زاوية أخرى نجد أن ظهور مراكز للقوى أمر إيجابي لظهور العلة التي كانت تحول دون الإصلاح وتقف أمامه كحجر عثرة وهي التي عناها الرئيس في حديثه. ومراكز القوى على مستوى الولاية والمركز إذا تم القضاء عليها سيمهد الطريق لوثيقة الإصلاح نحو التنفيذ، وفي حال لم يتم القضاء عليها ستؤخذ الوثيقة من تحت الأقدام وترمى في مكب النفايات. في اعتقادك، من الذي يقف خلفها وكيف تحارب؟ بشر ضعاف النفوس، يقودون تلك المراكز، ونحن أمام تحدٍ عظيم، ولذلك ينبغي حشد كل الجهود، فالمؤتمر الوطني ليس حزباً ملائكياً، ولكن العبرة في المسعى والتوجيهات بالقضاء عليها لأن من يمثلون الوطني أفراد من الشعب والناس لا يتطابقون في نواياهم. ترشيح البشير هل جاء محاولة لعدم إحداث انشقاق داخل الحزب؟ من حيث استطلاع أجريته اتضح لي أن البشير لم يكن راغباً في أمر الترشيح مرة أخرى، لكن الواضح أن المسألة سبقتها دراسة دقيقة بأن المرحلة القادمة مرحلة وحدة صف وقبول للآخر واستصحاب الآراء السياسية التي قبلت وارتضت الحوار والاستفادة من الخبرات. فالبشير يعد المخرج الرئيس لكل تلك القضايا، ولذلك هذه الأسباب هي التي قادت الكثيرين بضرورة تقديم البشير لهذه المرحلة باعتباره رأس الرمح. والكرة اليوم في ملعب الرئيس، هنا يجب تعيين الأمانات، وأن تكون هناك مهمة الرجل الواحد، وأن تتجه الولايات للقومية والفصل بين المشرع والمنفذ، وأن يعطى الخبز لخبازه، وهذا هو التحدي. أما إصلاح وإما إهدار وتخريب، فإما صعود إلى السماء وإما تغوص بنا الأرض إلى أعماقها. مقاطعة. ولكن د. نافع تحدث عن ظهور بعض الخلافات حول الترشيح أسفرت عن بعض التيارات؟ أنا مع التنوع.. ولا أقول ظهور تيارات ولكن التكامل والتنوع في الآراء ظاهرة صحية والخطورة تكمن عندما يكون الجميع «حارقي بخور وكسارين تلج». وأتمنى أن يسير الإصلاح في اتجاه المزيد من التنوع والبناء والتوجيه لأن الرأي لا يقبل إلا بالرأي الآخر، لذلك ينبغي ألا تكون هناك تيارات معاكسة، ولمن في اتجاه الصعود والبناء. هل تتوقع تغييراً في الجهاز التنفيذي في المرحلة المقبلة؟ لا بد من ذلك.. في الجهاز التنفيذي والحزبي وإلا كان الأمر كأنك يا زيد لا غزيت ولا جربت الغزو، وإذا لم يتم ذلك ستظل مراكز القوى والوثيقة في مكانهما والأمور كما هي، وأي نوع من التباطؤ والتراخي والمياه الراكدة ستصبح آسنة، لذلك نسعى الآن نحو الإصلاح، ونتوقع بانتهاء هذه الفترة أن تكون الوثيقة نفذت بحذافيرها ولا نقبل التعلل بأعذار ولا مجال للعلل. الاتجاه لتعديل الدستور لتعيين الولاة بدلاً من انتخابهم كيف تقرأ هذه الخطوة؟ أنا مع قومية الولاة لأن ما ظهر من الترشيحات والتوجهات القبلية في أمر اختيارهم أدعو أن يكون الولاة قوميين، لأن الولاية جزء من السودان وليست جزيرة معزولة، ونحن مع القسمة العادلة للسلطة والثروة والخدمات. الحوار الوطني الذي تبناه الوطني، هل في اعتقادك المناخ مهيأ لانطلاقه؟ أصلاً العمل الآن جارٍ على تهيئة الأجواء وتنقيتها وهي من الأجندة التي ينبغي أن تضع في الحسبان، ولا يمكن القول إنه مهيأ، ولكن كلما السعي لإقناع الحركات، وكلما كان هناك إصرار على حتمية الحوار والوصول إلى مخرجات والقضايا المختلف حولها من دستور وعلاقات خارجية، كل ذلك مؤشر واضح بأن المناخ في طريقه للتحسن. ولكن هناك بعض القوى السياسية ترى أن الوطني وضع نقطة في آخر سطور الحوار الوطني بترشيح البشير مرة أخرى؟ القوى السياسية وكل الأحزاب لها الحق في ترشيح من ترغب في ترشيحه، وليس هناك حزب لديه إمرة على حزب آخر وهي في نهاية المطاف منافسة وإذا رفض البشير الترشيح له حق الترجل، والتنافس هو الذي يظهر الفاشل من الذي حقق الانتصار فإذا كانت الأحزاب لديها المقدرة والإمكانيات في تقديم المنافس المؤهل والجدير فمرحباً بها. كيف تقرأ مطالبة بعض الأحزاب بتأجيل الانتخابات، هل يمكن أن يجد هذا المطلب أذناً صاغية في المرحلة المقبلة؟ الوطني اليوم رأى ألا يحكم السودان بعد نهاية الفترة المحددة له والتي بموجبها منح التفويض من الشعب لذلك إذا توصلت القوى السياسية إلى ضرورة تأجيل الانتخابات فلا بد من إيجاد المخرجات القانونية والدستورية، لأن رؤية الوطني تقوم على عدم حكمه للبلاد دون شرعية، لذلك إذا اتفق الجميع عليهم إيجاد المخرجات والأمر في النهاية مسؤولية مفوضية الانتخابات، واعتقد أن الأمر ليس عصياً، ولكن المشكلة تكمن في كيفية التوافق على أرض الواقع.