قد يكون خبر اعتزام مشاركة الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل في الانتخابات القادمة في موعدها الذي يرشد إليه الدستور الانتقالي الحالي، قد يكون مبعث استياء سياسي لبعض القوى السياسية في الساحة، بل ربما بعض قيادات وجمهور الحزب نفسه. لكن زعيم الحزب محمد عثمان الميرغني لا يجد أمامه ما يجعله يركب موجة رفض إجراء الانتخابات في مواعيدها المحددة دستورياً مع تلك القوى التي تحسب حسابات عدم امكاناتها لكسبها، وترى أن ما يمكن أن تجنيه بتأجيل الانتخابات أكبر بكثير مما سيتوفر لها بعد اجرائها في موعدها المحدد في أبريل 2015م. لكن الميرغني نتذكر إنه زهد عن منصب «الرئيس» في العهد الديمقراطي الثالث عام 1986م فقد قدّم المرحوم أحمد الميرغني ليكون رئيساً لمجلس رأس الدولة رغم أنه هو زعيم الحزب، ورغم أن هذا كان قبل قرابة ثلاثة عقود من الزمان، أي في عمر الطموح. ثم إن الميرغني يشارك الآن ابنه في السلطة، ولو كان يحسب أن إجراء الانتخابات في موعدها سيكون على حساب وجود ابنه في هذا الموقع الرئاسي لربما ركب موجة تأجيل إجرائها في هذا التوقيت الدستوري، فحتى لو لم يترشح هو أي ابنه للرئاسة، وهذا المرجح، فإن حبل الود السياسي سيكون مبسوطاً بتجديد تعيينه. إذن يبدو أن حسابات الميرغني للمشاركة في الانتخابات قد خلصت الى الموافقة، فمقاطعتها قد تقود الى عدم التجديد لابنه جعفر الصادق في القصر، وهو «ولي العهد» في الحزب والطائفة.. الطريقة الختمية، ولذلك لزم استمراره تحت الأضواء «الرئاسية» الباهرة والجاهرة.. والقرار سليم وموفق. أما بالنسبة للسيد الصادق، فإن هناك سؤالاً مطروحاً بقوة يقول: على أي أساس اُختير ابنه ضابط الجيش العميد الركن عبد الرحمن الصادق المهدي ليكون مساعداً لرئيس الجمهورية؟! هل يمثل حزباً مسجلاً كما كان مبارك المهدي حينما انشق عن حزب الأمة بمجموعة ضخمة تناثرت الى أحزاب لاحقاً؟!.. هل يمثل حركة متمردة؟! فقد تم حل جيش الأمة الذي كان يقوده، وقد فات على الصادق المهدي أن جيش الأمة كان يمكن التحاور معه على طريقة المفاوضات مع الحركات المتمردة لتكون مشاركة ابنه في السلطة مثل مشاركة أركو مني مناوي مثلاً، أو أبو قردة أو موسى محمد أحمد. لكن هذا كان يتطلب تفكيراً سياسياً عميقاً، اذ يقول حينها إن «جيش الأمة» يرفض نداء الوطن ويستمر في التمرد مع مؤتمر البجا وقتها. ويقول الصادق المهدي إنه يتبرأ من استمرار نشاطه. كما يقول الآن إن ابنه لا يمثل إلا نفسه في السلطة. ترى لو كانت الحكومة الظريفة والطريفة هذي اختارت اللواء فضل الله برمة ناصر أو الفريق صديق اسماعيل ليكون مساعداً للرئيس ماذا كان سيكون رد الصادق المهدي على هذه الخطوة؟!. هل سيكون مماثلاً لرده على خطوة تعيين ابنه دون أن يكون ممثلاً لحزب ذي مجموعة مسلحة، أو حتى لواحدة من منظمات وهيئات المجتمع المدني؟! ربما حسب الصادق المهدي أن اجراء الانتخابات في وقتها سيعجل بإنهاء مشاركة ابنه في السلطة. والصادق يقول إن ابنه لا يمثل حزب الأمة، ولا يمثله هو. اذن يمثل من ويمثل ماذا؟! أما بالنسبة للترابي، لا نقول: «العرجاء لمراحها» كما يقول المثل، فهو لم يعد إلى المؤتمر الوطني والى موقعه الذي ألغي، وهو منصب الأمين العام، ولن يعاد الى موقعه التشريعي، وهو رئيس المجلس الوطني بعد أن أطيح منه بقرارات الرابع من رمضان التي أثمرت على الصعيد الداخلي الانفتاح السياسي الذي تطور منذ 12 ديسمبر 1999م، ومضى في تطور الى أن وصل مرحلة تعيين نجلي الصادق المهدي والميرغني مساعدين للرئيس في القصر، ليوضعا تحت الأضواء الرئاسية تمهيداً لاكتساب الكاريزما لوراثة الزعامة مستقبلاً من والديهما. وبعد خمسة عشر عاماً ستكتمل بعد أقل من شهر ونصف لا أظن أن الحركة الاسلامية من ناحية قيادة فكرية في حاجة إلى الترابي، فالناحية القانونية في حكم البلاد ليست فيها مشكلة، أما الأمن والاقتصاد فليست للترابي أفكار ثاقبة بشأنهما، بل إنه يعتبر جزءاً من مشكلة البلاد الأمنية إذا نظرنا الى نشاط حزبه من خلال حركة العدل والمساواة واعتقالاته بعد تكوين هذه الحركة.