لم تكن العملية التي قامت بها قوات جهاز الأمن والمخابرات الوطنى بولاية نهر النيل من إحباط محاولة تهريب كمية من السلاح للعاصمة في الأيام الفائتة بالغريبة، حيث أفادت المصادر أنه تم ضبط المركبة البوكس وبداخلها 120 قطعة رشاش كلاشنكوف و20 قرنوف وكمية كبيرة من الذخائر. المتابع للخبر يجد أن إحباط جهاز الأمن والمخابرات لعمليات تهريب الأسلحة بولاية نهر النيل لم تكن الأولى من نوعها، فقبل أشهر تمكن الجهاز من إحباط عملية تهريب لكميات من الأسلحة الخفيفة شملت «61» قطعة بندقية كلاشنكوف و«4» مدافع قرنوف و«56» خزنة كلاشنكوف، وألقت القبض على عدد من المتهمين والمركبات بإحدى الجزر الواقعة بمنطقة الباقير بمحلية الزيداب بولاية نهر النيل. وحتى لا يتبادر للأذهان عن أية اتجاهات سياسية تقف خلفها سارع والي نهر النيل الفريق ركن الهادي عبد الله مؤكدا أن الأسلحة المضبوطة جزء من عمليات التهريب غير المشروع وتجارة خطرة، مؤكداًعدم وجود أية أبعاد سياسية تقف خلفها. المراقب يجد أن ولاية نهر النيل أكثر الولايات التي تكررت هذه العملية فيها خاصة خلال السنوات الأخيرة. مراقبون يرون أن هذه العمليات انتشرت مع انتعاش عمليات التعدين والتنقيب عن الذهب الذي تزخر به ولاية نهر النيل انتشرت تجارة الأسلحة بصورة كبيرة. وبحسب أحد المنقبين الذين يعملون بتلك المناطق، فقد أكد أن عمليات النهب المسلح من قبل مجموعات انتشرت بصورة كبيرة، وما أن يسمع أن هنالك منطقة تم اكتشاف الذهب فيها بصورة كبيرة إلا تؤخذ بعين الحذر والحماية جراء أية هجمات مسلحة، لذلك يسعى هؤلاء المنقبون لحماية ممتلكاتهم من هؤلاء المسلحين. ومع كثرة هذه العمليات يبدو أن الذهب حول ولاية نهر النيل إلى منطقة تهريب أسلحة. ففي وقت سابق طالبت شرطة ولاية نهر النيل بإنشاء نقاط حدودية تنسيقية بين الولاية والولايات المتاخمة لها لاحتواء أية خروقات أمنية للقضاء على تجارة المخدرات وتهريب البشر والأسلحة. ولم يقف الأمر عند ولاية نهر النيل، ففى منتصف سبتمبر الماضى تمكنت شرطة مكافحة التهريب بولاية النيل الأبيض من القبض على عربة دفار محملة ب «37» قطعة سلاح و«24630» قطعة ذخيرة بكوبري كوستي فى طريقها للخرطوم. وبعدها بأيام معدودة تمكنت شعبة الاستخبارات العسكرية في الفرقة «18» مشاة بولاية النيل الأبيض من القبض على شاحنة صغيرة «دفار» محملة ب«69» قطعة سلاح »كلاشنكوف« و»1000« قطعة ذخيرة بكوبري كوستي متجهة للخرطوم، وكانت تلك هي المرة الثالثة التي يتم فيها القبض على أسلحة متجهة الى الخرطوم، إذ أن المرة الأولى كانت عندما أعلنت إدارة مكافحة المخدرات بولاية النيل الأبيض ضبط وتوقيف شاحنة »دفار« محملة بالأسلحة والذخائر في طريقها للخرطوم بكوبري كوستي قادمة من ولاية جنوب كردفان من منطقة الضلمة. وكشفت إدارة مكافحة التهريب أن الشحنة المضبوطة حاول المتهمون التمويه عليها بشحن »30« من الخراف على ظهر »الدفار«، وتم إخفاء السلاح في أسفل العربة، وكان مخبأً داخل مربعات من الحديد وسط »رمل«، وتمت تغطية المربعات بلوح من الصاج تم لحامه. وأخفيت بداخله »34« قطعة كلاش و»2630« طلقة و»13« خزنة وكمية من الحشيش، غير أن هذه العملية نفسها كانت قد سبقتها عملية أخرى بتاريخ 18 سبتمبر 2011م وتم فيها ضبط أسلحة خبئت داخل عربة »تانكر« ومنها تبرز عدة استفهامات من أين تأتي هذه الأسلحة وأين تذهب وما مدى مساهمتها فى عدم الاستقرار فى مناطق النزاعات؟ الخبير العسكري اللواء عباس إبراهيم قال فى حديثه ل «الإنتباهة»: السودان محاط بعديد من الدول بها العديد من المشكلات والنزاعات القبلية منها ما هو قديم ومنها ما هو حديث وما هو متعلق بالنزاعات القبلية والجهوية فجميعها مجتمعة تحتاج إلى تحقيق تطلعاتها الى استخدام العنف والاستعانة بالسلاح والجهات الأجنبية لتحقيق غاياتها، مبيناً أن السودان محاط بالعديد من الدول التى بها العديد من النزاعات لذلك تلجأ هذه الجهات للاستعانة بجهات خارجية للحصول على السلاح خاصة أن السودان مساحاته واسعة وبه العديد من المناخات التي توفر تغطية لإرسال هذه الأسلحة للجهات الطالبة لها، ويتم ذلك بواسطة جهات خارجية لها مصالح فى المنطقة، واضاف قائلاً إن أكثر الدول التى يكثر بها تداول الأسلحة ليبيا خاصة في عهد القذافى إضافة الى تشاد وإفريقيا الوسطى وإثيوبيا واريتريا، مبينا ًأن كثرة السلاح تغرى الحركات المسلحة في استخدام مزيد من العنف، مؤكداً ان القوات الأمنية بحسب إمكانياتها المحدودة لا تستطيع ان تغطى كل أراضى السودان، مضيفاً ان المكتشف من هذه الأسلحة يعتبر جزءاً قليلاً من الكثير، كما أن النزاعات القبلية والجهوية داخل السودان تؤجج الحرب بهذه الأسلحة المرسلة لها مما أرهق الحكومة السودانية وقللت من إمكانيتها الاقتصادية بكثرة الصرف لمواجهة ذلك. وأردف اللواء عباس قائلاً إن القوانين السودانية السابقة تحتاج الى تغيير كى تكون أكثر تشدداًَ لمكافحة تلك الظاهرة.