هذه الحياة لا تستحق شيئاً، زايلة أم بناياً قش، عشان ما تشيلوا فيها هم إن الله يرزق الطير في عشه تنقل له أمه الحَبَّ في منقارها ليأكل في عشه وهو صغير، ويرزق الدودة في الحجر. أرأيت جحافل النمل الصغير وهي تسير في صف منتظم؟ هذه النملة تخزن أكلها ليأكل صغارها. وهذه الدنيا ممر لتلك الآخرة عشان كده على عباد الله أن يعملوا صالحاً ليجتازوا الصراط الذي هو أحدَّ وأرقَّ من السيف يجتازها السعداء مروراً وجرياً إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. والحياة تستحق البسمة ولا تنفع التكشيرة والغضب.. فقد جاء رجل للرسول صلى الله عليه وسلم وقال: أوصني يا رسول الله. قال: لا تغضب. قال: أوصني ثانية يا رسول الله. قال: لا تغضب إذاً فإن الغضب من الشيطان وبسببه ترتكب الجريمة ويقتل الإنسان أخاه الإنسان. وبسبب الغضب كانت الجريمة، وإذا سبك أحد وشتمك لا تغضب لترتكب جريمة بسبب الغضب ابتسم لتطفئ نيران هذا الغضب. وكما قال الشاعر قديماً إيلياً أبو ماضي: هو عبء على الحياة ثقيل ٭٭ كيف تغدو إذا غدوت عليلا والذي نفسه بغير جمال ٭٭ لا يرى في الوجود شيئاً جميلا كن هزاراً في عشه يتغنى ٭٭ لا غراباً في البين يبكي العلولا لله درك من شاعر ذي حكمة إيليا أبو ماضي. كما تقول والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئاً جميلاً انظر إلى الشمس حين تشرق في هذا الكون، استمع إلى العصافير وهي تغرد، انظر إلى الخضرة والماء والوجه الحسن، والمؤمن أمره كله خير إذا أصابه خير حمد الله وإن أصابه قضاء في فقد عزيز قال الحمد لله على حكمه. وإذا كنت في عمل تعيش منه وشالوك لأي سبب من هذا العمل قل الله كريم يمكن يفتح علىّ بأحسن، هكذا يجب على الإنسان أن يقابل المشكلات باسماً. يعني مثلاً في مجريات العمل السياسي اليوم إذا عين أحدهم وزيراً يفرح ويحتفل وهات يا عربات مكندشة ومكتب مكيف وحرس يحرسه في المنزل وفي المكتب ويأتي إليه المنتفعون من وزارته للتهانئ ويكون فرحاً بهذه الوزارة والكرسي ثم يذهب في الأرض مرحاً ويفصل نفسه عن مقابلة المساكين ذوي الحاجات.. ولكنه يقابل الكبارات والوجهاء. وفجأة يصدر قرار جمهوري برفته ويصبح بين أسرته وأطفاله في محنة. ومن الطرائف في هذا المعنى أنني قرأت كاريكاتيراً لإحدى زوجات وزير رفتوه وهي لابسة أسود وقالت لها جارتها في الشارع مالك لابسة أسود قالت أبو الأولاد رفتوه من الوزارة. وأنا حسب تقديري إذا رفتوه من الوزارة لا يصبح في محنة وسط أسرته بل يقول لهم إن شاء الله ربنا يقسم لي رئاسة الجمهورية بدل هذه الوزارة التي طارت بي فوق بي شارع السوق وخلتني أسوي القوق. كما قال الفنان إبراهيم الكاشف الذي طار بي فوق بي شارع السوق ومعناها أن السعيد في هذه الدنيا يصبر ويبتسم عند المصائب والله سبحانه وتعالى يقول: «وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا للَّّه وإنا إليه راجعون». وأنا كاتب هذه السطور كنت عمدة ورفتنا الشيوعيون بقيادة النميري وكان مرتبي فقط سبعة جنيهات ونصف، ولما فتح النميري باب البرلمان ترشحت مع غيري من رجال الإدارة المرموقين وفزت بدائرة الدامر الجغرافية والمرتب من سبعة جنيهات صار مليوناً إلا ربع، ثم كنت رئيس اللجنة الشعبية للإنقاذ للإقليم الشمالي لم أتسلم عربية أو مخصصات وكنت شغال إيماناً بالإنقاذ وفد مرة سمعت أن ناس الأمن ذهبوا لمنزلي بعربة البسلي وفتشوا المنزل وكسروا الدولاب وشالوا السلاح بتاعي وهو مرخص والحمد لله ولم أدر ماذا عملت وجئت إلى أهلي في القرية الذين سمعوا القرار وتوافدوا علي كفارة يا عمدة كفارة ما تستاهل وقلت ما في عوجة يمكن الله يقسم لي وزارة أو معتمد ولكنني بالرغم من هذه الرفتة لم أتخل عن ثورة الإنقاذ وجمعت أهلي بنهرعطبرة وكلهم وقلت لهم أحسن من هذا النظام ما في وسرت في ركاب الإنقاذ وأنا مرفوت بقرار جمهوري ذلك لإيماني بالمبادئ وما قامت به الإنقاذ من ربط السودان بالشوارع المسفلتة والكباري في أغلب أنحاء السودان، وإنها قدمت بعض الخدمات ذلك أن الحكومة في الماضي ماعدا حكومة الزعيم الأزهري الذي رفع علم السودان وأعطانا الاستقلال كما قال زي قدح الصيني لا فيهو شق ولا طق. بل كانوا يحكمونا بالبركات والحركات ويقولون كان .. كان أبي.. إنني في هذا المقام أكن تقديراً للسيدين الأوائل الأجلاء السيد عبد الرحمن المهدي الذي ساهم وكافح لاستقلال السودان ومولانا الحسيب النسيب السيد علي الميرغني ساهم لينال السودان استقلاله. ثم التحية والتقدير للمعلم الزعيم إسماعيل الأزهري ورفاقه الأجلاء في خط الحزب الوطني الاتحادي. إن ثورة الإنقاذ إذا انحرفت عن مسارها فإننا نقدر ماضيها وننتقد حاضرها بكل شجاعة وليست هي مقدسة عن الخطأ، فإن أي عمل كبير قد تصحبه بعض الأخطاء ثم إن دعوة البشير لالتئام الشمل هي دعوة صريحة ومع ذلك بعض الذين لديهم أغراض ينكرونها. وإنني في هذه قد مررت بكل الزعامات السودانية ونصحتهم حسب معرفتي وقلت لهم قول ود ضحوية: ما بابا الرفيق بي فقرو من سمسار قوالة ولا رفيقي بعقروا بنطح لجة الوعد البحلق صقرو قلبي بكره الناس السوا وبتنقروا كل رئيس ذهبت له في منزله الصادق والترابي والسيد أحمد المهدي وغازي صلاح الدين وقابلت الرئيس البشير الذي ينادى بجمع الشمل نصحتهم بمنعرج اللوى راجياً أن يقبلوا نصيحتي قبل ضحى الغد. نصحتهم والنصح أغلى ما يباع ويوهب.. نسألك الله اتفاق كلمة السودان من أجل هذا الشعب الذي لا يكل ولا يمل. ياريس خليهم يشاركوا في حكومة قومية كما طلبوا ونحن نعرف ماضيهم وحاضرهم.