٭ إن وثيقة الإصلاح إلتى حررها المؤتمر الوطنى بمحض إرادته لم تجد احتراماً ولا تقديراً دعك من أى التزام بها من قبل ما سمى الكليات الشورية بمناطق الخرطوم المختلفة، وإلتى عهد إليها اختيار ممثلى المؤتمر الوطنى للترشيح بالدوائر الجغرافية الولائية والقومية. ٭ وأول ملاحظة أن تلك الكليات الشورية قد جرى تصميمها بحيث تسير فى اتجاه زيد وعبيد وعمرو، وحدث ولا حرج في ما يظهر من اتجاه مناطقى وقبلى قد لاح بكل جلاء فى الأفق باستبعاد القيادات المعروفة من قوائم الترشيح، بل وحتى تجاهل تلك القيادات فى الاجتماعات والمؤتمرات، بسبب الخوف من مزاحمتها من يريد أن يكوش على كل منصب فهو رئيس للمؤتمر الوطنى، والمصعد للولاية، والمصعد للمؤتمر العام، والمصعد للشورى، والذى ينبغى اختياره ليكون مرشحاً للدوائر الجغرافية، والأسوأ من ذلك بأن سدنة التكويش والاستئثار بالمواقع بالرغم من إعطائهم الفرصة فى الدورة السابقة للرئاسة، وتمثيل المؤتمر الوطنى على كل المستويات قومياً وولائياً، مازال لعابهم يسيل للبقاء على رأس المؤتمر الوطنى، بالمنطقة والمحلية والولاية، ويصرون كذلك على الترشح للمجلس الوطنى القادم والمجلس الولائى، وهو أمر يثير السخط والاستنكار، ويبعث على إزكام الأنوف والتقزز والاشمئزاز لفرط عدم الخشية والحياء، وتلك علة أصابتهم وأفقدتهم أقل قدرٍ من الشعور والإحساس. ٭ ولقد أصيبت ولاية الخرطوم، بذات الداء الذى أصاب الولايات عندما انعقدت المؤتمرات، وكان الترشيح لمنصب الوالى هدفاً للعصبيات والقبليات ومن يدفع واستبعاد من لا يدفع، حيث سافرت المبادئ وقتلت العقيدة الفكرية، مما اضطر السيد رئيس الجمهورية لتعديل الدستور وإعطائه حق تعيين الولاة تجنباً لهذا الذى أوردنا مورد التهلكة، وقذف بنا إلى نتانة العصبيات والجهويات. ٭ ونحمد الله الذى دفع السيد/ رئيس الجمهورية لاكتشاف العلة وتشخيص الداء وتوصيف العلاج . ٭ والآن ينتقل ذات الفيروس إلى الكليات الشورية، ويحاول رؤساء المؤتمر الوطنى بالمناطق والمحليات والولاية، استبعاد أهل الفكر والرأي، وتجميع من يقولون نعم بغير علمٍ ولا هدىً ولا كتاب منير، ليأتى من كان رئيساً رئيساً ومن كان نائباً نائباً، ومن كان عضواً فى مجلس الشورى عضواً، وهذا هو عين التمترس وعين الكنكشة التى حاولت وثيقة الإصلاح معالجتها، ولكن من يقول البغلة في الأبريق، وحالنا اليوم مثل الذى يؤذن فى مالطا كما يقولون. وكلمة الحق التى نوجهها للسيد رئيس الجمهورية وهو يتقدم لولاية ثانية، بأن يحذو ذات الحذو الذى أدى إلى تعديل الدستور بتعيين الولاة، وأن ينطبق ذات الحال على كيفية الترشيح للدوائر الجغرافية القومية والولائية والقوائم النسبية، وذلك تجنباً للوقوع فى فك القبلية والجهوية الذى سبب لنا الأذى وقضى على عصارة الفكر، وأبدل هيئتنا بهيئة لا تشبهنا، ولا نشبهها، وهى تلك إلتى قسمتنا إلى زعماء يجلسون على العرش، وآخرون هتيفة وأتباع، وإن لم نفعل ذلك كما فعلناه على مستوى رؤساء المؤتمر بالولايات، فإن قاصمة الظهر وما يعصف بالوحدة سينتقل إلى حواضرنا ومناطقنا الحضرية، بمثل الذى يحدث هذه الأيام مما نسميه الكليات الشورية، وهى فى الأصل لا تمت إلى الشورى بصلة، وإنما هؤلاء جماعة فلان وأولئك جماعة علان، والمخلصون الذين يهمهم مشروع الدولة وبناء المجتمع، يتفرجون على هذه المسرحية سيئة الإخراج. وتخيلوا معى أن هناك جماعات تطوف بالليل لاستبعاد شخصيات بعينها، حتى لا تنافس ولا يتم اختيارها، وفى منطقة من مناطق الخرطوم، يتم استبعاد أحمد إبراهيم الطاهر وحامد صديق وكوكبة أخرى من الذين لا يشق لهم غبار، وكل ذلك من أجل أن يأتى ديناصورات مردوا على قيادة قطيع بالإغراء والإغواء، وتجردوا من الحياء، حتى خشيت من أن يكونوا فقدوا الإحساس والمشاعر كالسائل الذى يأتى يوم القيامة وليس فى وجهه مزعة لحم. أوقفوا هذه المهزلة يا قادة المؤتمر الوطنى، حتى لا تتهموا بأن وثيقتكم للإصلاح ما هى إلا ذرٌ للرماد فى العيون. ٭ إنها كليات للإقصاء وليست للشورى بأى معيار أو مقياس.