الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يستقبل رئيس وزراء السودان في الرياض    طلب للحزب الشيوعي على طاولة رئيس اللجنة الأمنية بأمدرمان    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية تنفجر غضباً من تحسس النساء لرأسها أثناء إحيائها حفل غنائي: (دي باروكة دا ما شعري)    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    البرهان : " لايمكن أن نرهن سيادتنا لأي دولة مهما كانت علاقتنا معها "    يوفنتوس يجبر دورتموند على التعادل    نادي دبيرة جنوب يعزز صفوفه إستعداداً لدوري حلفا    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    "مرصد الجزيرة لحقوق الإنسان يكشف عن انتهاكات خطيرة طالت أكثر من 3 آلاف شخص"    د.ابراهيم الصديق على يكتب: معارك كردفان..    رئيس اتحاد بربر يشيد بلجنة التسجيلات ويتفقد الاستاد    عثمان ميرغني يكتب: المفردات «الملتبسة» في السودان    خطوط تركيا الجويّة تدشّن أولى رحلاتها إلى السودان    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اندلاع السلام (نيفاشا) ..الحلقة الخامسة
نشر في الانتباهة يوم 03 - 12 - 2011

عقب «اختبار» جاك دانفورث طلب الأمريكيون من السويسريين المساعدة في التفاوض على اتفاق لوقف العدائيات. «تم هذا بدون التشاور مع الترويكا، ليفاجأ البريطانيون والنرويجيون مرة أخرى» دارت المحادثات في سويسرا لثلاثة أسابيع، وانتهت باحتفال التوقيع في 19 يناير 2002م،
وقد كانت تلك هي المرة الأولى التي ينخرط فيها الأمريكيون في المفاوضات بين الأطراف السودانية. وقد أداروا ذلك بطريقة اعتبرها الطرفان عادلة، مما عزز فرص المزيد من الارتباط الأمريكي، لاقى الدور السويسري التقدير وكانوا حريصين على القيام بالمزيد. لكن الحماس لتوسيع الترويكا كان محدوداً، فكان السؤال إلى أين ينتهي ذلك التوسيع؟ وبالإضافة إلى تعقيد إدارة المجموعة، فإن التوسيع كان يعني المجازفة بسرية المحادثات وبمستوى ارتباطنا، وكان ينبغي تمثيل الأمم المتحدة من وقت لآخر. وكان للاتحاد الإفريقي الحق في إرسال مراقبين مثلما هو الحال مع بلدان الإيقاد، وكذلك كان لإيطاليا رئيسة منبر الشركاء وضع المراقب.
جاءت اتفاقية جبال النوبة لوقف إطلاق النار مفاجئة لمعظم المراقبين، وكانت واعدة جداً. فإذا نجحت الاتفاقية فستصبح أساساً هاماً للتعاون بين الأطراف، وللدعم الدولي لمفاوضات السلام. وقد حشدنا من خلال منبر شركاء الإيقاد الدعم لمراقبة وقف إطلاق النار، طالبين من كثير من الدول المساهمة مالياً ومادياً، بما في ذلك المساهمة بالمعدات ونشر أفراد الشرطة والجيش وكانت الردود إيجابية فقد دعمت الولايات المتحدة وكندا والعديد من البلدان الأوربية البعثة بالأفراد والموارد، وكونت لجنة عسكرية مشتركة من الطرفين ونشرت وحدات مدمجة في المنطقة.
قاد الجنرال النرويجي يان اريك ولهيمسن عملية المراقبة باقتدار، وكان مقره كادوقلي، وقد عين نتيجة لمناقشات داخل الترويكا، وكان الجنرال قد سبقت له المشاركة في طيف من العمليات الدولية تحت مظلة الأمم المتحدة، وكان مسؤولاً عن بعثات المراقبة في الكثير من البلدان بما في ذلك الوجود الدولي المؤقت في الخليل بالأراضي الفلسطينية، وبعثة الأمم المتحدة في السلفادور، وعلى الرغم من أنه كان يملك القليل من الخبرة بإفريقيا ولا يملك أي معرفة بالسودان، سرعان ما اتضح أن الشكوك حول تعيينه لم تكن مبررة، استلم ولهيمسن مسؤولية البعثة، واستثمر كثيراً من الوقت والطاقة لكي يفهم الوضع في البلاد وفي إقليم جنوب كردفان، ولكي يحصل على ثقة الطرفين، مثلت اللجنة العسكرية المشتركة نجاحاً عظيماً، وستصاغ العديد من عناصر بروتوكول الترتيبات الأمنية في اتفاقية السلام الشامل بناء على نموذج تجربة جبال النوبة. ظل جنود كل من الجيش السوداني والحركة الشعبية يمثلون أقيم ما في عملية المراقبة فقد دربوا سوياً ليقوموا بالدوريات والمراقبة والتدخل، واضطلع المراقبون الدوليون بوظائف الدعم. خلق هذا النموذج الجديد، بذلك جسماً دولياً «خفيف الوطأة» بلا سلاح مركزاً على الحاجة لبناء الثقة بين الأطراف المحلية.
عندما زرت المنطقة في 19 فبراير 2003م، تحدثت مع الكثير من فرق المراقبة المشتركة التي نشرت في المنطقة، وقد دهشت وأنا أسمع كيف عملت هذه الفرق بسلاسة وقد أكد الطرفان ذلك، فبعد تردد قصير في التعامل مع الأعداء السابقين نجحوا في بناء علاقات عمل في الميدان، جلست وأنا أقترب من محطة ليست بعيدة من كادوقلي مع اثنين من رجال الشرطة يمثل كل واحد منهما أحد الطرفين، وبعد أن تجاذبنا الحديث، سألتهما لماذا يرتديان زياً موحداً، أجابني جندي الحركة الشعبية الذي تحول إلى شرطي «لقد وعدنا بزي شرطة جديد، لكنه لم يصل بعد فأعارني أخي هنا زياً حكومياً، وهو على مقاسي، نحن نعمل قبل كل شيء في نفس المهمة، ضحكنا جميعنا، بالنسبة لي كانت تلك أولى بوادر السلام. لقد ساعدت ترتيبات المراقبة والحوكمة الفريدة على خلق مناخ من السلام والأمل في جبال النوبة خلال كل فترة المراقبة رصد القليل من الحوادث أو الانتهاكات الخطيرة لاتفاق وقف العدائيات قاد نجاح اللجنة العسكرية المشتركة إلى نقاشات كثيفة داخل قسم عمليات حفظ السلام بالأمم المتحدة حول العملية التالية لحفظ السلام في السودان وخلال عامي 2004م 2005م نادت الأطراف والدول التي تقف وراء نموذج جبال النوبة بتبني نموذج «خفيف الوطأة» مشابه في كل الجنوب، لكن بلا جدوى، إذ ستنشر بعثة حفظ سلام تقليدية ستكون فاعليتها محلاً للشك في عدة مناسبات.
الحروب الأهلية الأخرى
كانت هناك مناطق نزاع أخرى لها ذات أهمية نزاع جبال النوبة، ففي جنوب النيل الأزرق وشرق السودان وأبيي والأخيرة منطقة تشهد تنافساً حاداً على الحدود بين الشمال والجنوب مقاومة مسلحة لحكومة الخرطوم تدعمها الحركة/ الجيش الشعبي، وقوات الحركة الشعبية موجودة في كل هذه المناطق ما عدا أبيي، طالبت الحركة الشعبية وقاومت الحكومة بإدخال جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق وأبيي في مفاوضات الإيقاد، وقد طرح الجنوبيون على الطاولة نفس مطالبهم تقريباً التي طرحوها في مفاوضات اتفاقية أديس أبابا، ورفضت بالمثل، الآن يعكس موقف الحركة الشعبية رؤية قرنق للسودان الجديد، التي تتمتع وفقاً لها كل المناطق المهمشة بنصيب عادل في تقرير شؤون البلاد، ونصيب عادل من مواردها. كانت المنطقة المشار لها باسم جنوب النيل الأزرق تقع في الشمال الشرقي من جنوب السودان، وكانت أجزاء منها «مناطق مقفولة» خلال فترة الحكم الثنائي، عندما تعرضت لتأثير شيء من المسيحية والتعليم الغربي، وكما في جبال النوبة غرب إدخال الزراعة الآلية الواسعة واستخدام السخرة المزيد من السكان، وبدأت المقاومة ضد سياسات الخرطوم. جاءت الحركة/ الجيش الشعبي إلى المنطقة لأول مرة في 1985م. لكن نفوذها تمدد خلال الحرب. وقد جندت الحركة مقاتليها من مختلف الأديان، فرجل الحركة القوي في المنطقة والحاكم الحالي للولاية، مالك عقار، مسلم. وتحالف السكان المحليين، الذين يعدون أنفسهم «عرباً» مع الحكومة سيطرت الحركة منذ 1997م على مناطق واسعة نجحت في الدفاع عنها، جزئياً بدعم إثيوبيا المجاورة ضد هجمات الحكومة المتكررة.
خلفية النزاع على أبيي فريدة فأبيي أصغر مساحة من المنطقتين الأخريين، ودينكا نوك، سكان المنطقة، «جنوبيون» يعيشون في محافظة كردفان «الشمالية» والمنطقة المعنية هي تقليدياً أراض لمشيخات دينكا نوك التسع التي حولت إلى كردفان في 1905م وخلال المرحلة الأخيرة من العهد الاستعماري، رفض زعيم دينكا نوك البارز دينق مجوك فكرة ضم أبيي إلى بحر الغزال، فظلت تائهة، وصلت الحرب الأهلية الأولى إلى أبيي في 1965م فدعم دينكا نوك المتمردين، في حين عاون جيرانهم عرب المسيرية البقارة الحكومة. كانت النتيجة حربًا أهلية داخل الحرب الأهلية وكان عبدالله دينق ابن دينق مجوك واحداً ممن فقدوا حياتهم.
وبمقتضى شروط التسوية السلمية في 1972م وعدت أبيي باستفتاء لتقرر ما إذا كانت تريد الانضمام للجنوب، لكن هذا الاستفتاء لم يجر أبداً، بل كان لأبيي وضع خاص، فقد حصل الجنوبيون على الوظائف الإدارية في المنطقة، وشغل جنود الأنانيا المواقع في الحاميات المحلية، وظهرت العداوات الإثنية مرة أخرى، فقد تزايدت قطعان البقارة بدرجة كبيرة بعد الاستقلال وطاقة أراضيهم على استيعاب الماشية تتراجع بسبب الجفاف وزحف مشروعات الزراعة الآلية، وبدأ البقارة كرد فعل على هذا التهميش، تنظيم أنفسهم في مليشيات سميت بالمرحلين فتزايدت وتيرة وشدة الصدامات مع نوك والشرطة المحلية، وبدأ دينكا نوك، الذين حرموا من الاستفتاء، في حمل السلاح وتنظيم مليشياتهم الخاصة، وأصبح العديد من القادة المحليين أعضاء في الحركة/ الجيش الشعبي، وأصبحت أبيي بسكانها «الجنوبيين» ونفطها المكتشف حديثاً قضية مهمة للحركة، أجبر نوك بقسوة على النزوح، وأصبح الإقليم يجسد استغلال أنظمة الخرطوم المتعاقبة لموارد الجنوبيين، بغض النظر عن التكلفة، وقد برهنت قضية أبيي على استعصائها خلال وبعد مفاوضات السلام فحولت في خاتمة المطاف إلى محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي. من وجهة نظر الحركة الشعبية يتطلب الوضع في المناطق الحدودية إدخالها في أي مفاوضات سلام، فالحركة لم تعرف نفسها أبداً بوصفها «جنوبية» وكانت شعوب الأقاليم الحدودية «شماليين» بالمعني الرسمي للحدود الاعتباطية التي تعود إلى أيام الاستعمار لا غير، لكن الحكومة لم تعترف بحق الحركة الشعبية في التفاوض نيابة عن شعوب الحدود، كما لم يتضمن إعلان المبادئ الذي رسم حدود المفاوضات، المناطق الحدودية وقد تصاعدت الضغوط على الحركة/ الجيش الشعبي من جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق عقب وعد برتوكول مشاكوس للجنوب بالاستفتاء كان ممثلو هاتين المنطقتين يريدون إدخال قضاياهم في المحادثات، والاعتراف بحقهم في تقرير المصير، فقد خشوا أن يجدوا التجاهل في مفاوضات منفصلة، وقد قررت الحركة أن تضم قادة من جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق في فريق مفاوضاتها، وعندما التأم الطرفان في جولة ثانية في أغسطس 2002م، ضغطت الحركة الشعبية بشدة لتكون المناطق الثلاث جزءاً من المفاوضات. كانت الحكومة متعنتة، وقلقة من أن تؤدي المفاوضات الواسعة حول حقوق تقرير المصير لأقاليم أخرى إلى «بلقنة» البلاد. فقد قدموا تنازلهم فيما يتعلق بالحق في تقرير المصير في الجنوب وانتهى الأمر.
دارفور قصة مختلفة
تعود التوترات الإثنية في إقليم دارفور الغربي إلى عهود ما قبل الاستعمار، وطالما حلت القضايا المتصلة بالمياه وحقوق الرعي والسلطة السياسية بالطرق السلمية إلى حد كبير، ويمثل الفور والمساليت والتنجر الرعاة المستقرين، أما العرب فكانوا بقارة «رعاة أبقار» أو أبالة «رعاة إبل». كانت العلاقات جيدة، وعززت الكثير من التفاعلات الاجتماعية من الشعور بالجماعة وكانت الكثير من القرى في دارفور متنوعة اثنياً، وكانت الهويات الاثنية في حالة من السيولة بالفعل وكل الناس مسلمين.
عانت دارفور مثلها مثل جنوب السودان من الإهمال، خلال وبعد العهد الاستعماري. وقد كانت الفترة الاستعمارية قصيرة على وجه خاص في دارفور فقد هزمت دولة الفور المستقلة وضمت أراضيها إلى السودان المصري فقط في 1874م، وبعد انهيار دولة المهدية في 1898م 1899م واجه الحكم الثنائي الإنجليزي المصري عودة دارفور كسلطنة مستقلة بالصمت، ولم يكن هذا يعني وضع اعتبار للسكان المحليين، وإنما على العكس، كان يعني العزم على عدم تحمل مسؤولياتهم إدارياً ومالياً، ولم يتغير في الأمر شيء حين غزا الحكم الثنائي وفتح دارفور خلال الحرب العالمية الثانية، فقد أحيلت دارفور إلى الحكم غير المباشر الذي أقر سلطة زعماء القبائل «قننها نوعاً ما»، بغرض تفادي الإدارة «البيروقراطية» «التي يبدو أنها شجعت في وادي النيل» وأماكن أخرى من الإمبراطورية البريطانية» صعود «طبقة» منبتة قبلياً من الموظفين المحليين المعرضين لتأثير المشاعر القومية والمناهضين للاستعمار.
وقد ظل الإقليم بسبب بعده، وقلة سكانه، وافتقاره لأية موارد ذات قيمة، متخلفاً بالكامل وتأتي دارفور، من ناحية مؤشرات التقدم الاجتماعي، الصحة والتعليم على سبيل المثال، بعد الجنوب المهمل كلية. وحتى منذ ما قبل الاستقلال كانت الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي خلقت ما سميت «أسوأ كارثة إنسانية في العالم» تتراكم سلفاً، وكانت دارفور، شأنها شأن معظم أفريقيا جنوب الصحراء، تعاني التدهور عبر قرن من الجفاف، وفي ذات الوقت استمر تزايد الطلب على موارد الإقليم المائية المتناقصة، في حين نمى عدد السكان والأكثر أهمية تزايد حجم قطعان حيواناتهم الهائل، ومن ثم فقد أصبح توزيع الأرض مصدراً رئيسياً للتوتر، خاصة والمراعي تصبح أكثر ندرة، فتزايد بالتالي الضغط من أجل الحصول على الأرض وأصبحت المجموعات الإثنية التي كانت تهاجر في الماضي موسمياً أو في أوقات الأزمات فيما مضى، تريد الاستقرار بشكل دائم بعيداً عن مواطنها التي جف ماؤها، ومن الناحية الاثنية فهذا يعني هجرة رعاة الإبل جنوباً إلى مناطق الفور والمساليت الرعوية والزراعية المستقرة، وكان احتمال ظهور معادل اثني لهذه الأزمة الاقتصادية جلياً، وقد استفاد المتفلتون من هذا الوضع بدعم من الخرطوم.
لدارفور التي لم تكن أبداً أرضاً للوفرة تاريخ من الجفاف والمجاعات والانتعاش، حيث مضى أهلها وحيواناتها صعوداً وهبوطاً استجابة صعبة للضغط البيئي، لكن عندما وقعت إحدى أسوأ المجاعات في تاريخ دارفور في 1984م 1985م كان الزمن قد تغير، كانت حكومة الخرطوم في حالة من الضعف الشديد، وانعكس عجزها عن إدارة «أكثر من قمع» المنطقة، في ظهور قوات الفور والمساليت للدفاع عن النفس والمليشيات القبلية، وقد حصلت هذه الجماعات على السلاح بسهولة من تشاد والدول الأخرى المجاورة حيث كانت الكثير من التمردات تشق طريقها من ليبيا ومن مصادر أخرى وقد عدت أنشطة بعض المليشيات خاصة في الشمال البدوي من الإقليم مجرد نهب مسلح تقريباً، وأصبحت تلك المليشيات تسمى الجنجويد، المعروفة الآن بغاراتها المميتة، وقد اكتسبت فظاعاتها غطاءً شوفينياً، لخصه المراقبون غير النقديين بوصفه صراع «عرب» ضد «أفارقة» وكما أشار خبيران لهذه الأزمة، فقد ثبت أن تزاوج الحركة المسماة ب«التجمع العربي التي تقوم على تفوق العرب، والإسلام المتطرف، وتجنيد أعضاء المجموعات الاثنية المحبطين الذين شهدوا بأم أعينهم تدهور معاشهم مع تدفق السلاح، هو تزاوج قاتل. وسيصبح استخدام المليشيات العربية منهجياً مع مجيء نظام الجبهة الإسلامية القومية التي استولت على السلطة في 1989م بانقلاب عسكري. وأصبح من الصعب التمييز بين ما يسمى قوات الدفاع الشعبي والمليشيات القبلية والجنجويد وقد برز موسى هلال زعيم الرزيقات الأبالة بتسهيله تدريب زمر الشباب في ليبيا، ونقل السلاح وتجنيد الأفراد للمليشيات العربية في دارفور، وقد منحت فكرة التفوق العربي أساساً أيديولوجياً طاغياً لحركة طرد السكان الأفارقة من الإقليم كلياً.
مقاومة دارفور والكتاب الأسود
قوّت السياسات الصادرة من الخرطوم، بالتوازي مع الصراع على الأرض، من يد الجماعات التي تزعم أصولاً عربية. وقد صدر القرار بالسيطرة على الغرب بعد إجهاض حملة الجيش الشعبي في جنوب دارفور في 1991م، فقسمت الحكومة دارفور، إلى ثلاث ولايات ووضعت «الترابية القبلية» التمييزية في سياق رسمي، وقسم الفور في الولايات الثلاث. فأصبحوا في التو أقلية أينما كانوا وأسست وظائف إدارية جديدة لضمان الأغلبية لذوي الأصل العربي وبعض المعنيين الذين لم يكونوا دارفوريين حتى وإنما كانوا أفراداً قدموا من تشاد، وقد غير هذا من موازين القوى كلية. وحفزت الصراع الإثني الدائر سلفاً، وتدفق السلاح ونمو المليشيات القبلية. وفكرة تفوق العرب الفظيعة رد الفعل، فتأسست بدءاً من 1997م المزيد من المجموعات المسلحة المنظمة وسط السكان غير العرب، وقد برز عبد الواحد محمد النور في ذلك الوقت، وسيصبح شريف حرير، المحاضر في جامعة بيرغن الذي سفر إلى إريتريا للمساعدة في بناء التحالف الديمقراطي الفيدرالي، شخصية مهمة في المعارضة الدارفورية.
لقد نظر لزغاوة شمال دارفور بوصفهم حلفاء محتملين للتجمع العربي، لكن مسار الأحداث قوض هذه الفرضية فقد اشتكى شيوخ الزغاوة منذ 1991م إلى الرئيس من آبارتهايد «وليد» استمرت الغارات المتفرقة، وبعد نقض العديد من اتفاقيات السلام المحلية، بدأت المقاومة المسلحة، وقد انتهت الاتصالات التي بدأت مع الفور في منتصف يوليو 2001م، مع تدهور الأوضاع في دارفور، إلى تأسيس حركة مقاومة مشتركة، وقد فاجأ هذا التطور نخبة الخرطوم السياسية والأمنية، وفي غضون ذلك غذت تجربة الزغاوة تمرد حركة العدل والمساواة بقيادة خليل إبراهيم.
على خلفية هذه الأحداث نشر «الكتاب الأسود اختلال السلطة والثروة في السودان» بدون توقيع في مايو 2000م وقد تفادى الكتاب الرقابة الحكومية إذ صورت أوراقه ببساطة ودُبِّست. ويشرح الكتاب بالتفصيل احتكار السلطة السياسية والاقتصادية في البلاد عن طريق مجموعة صغيرة من الناس ينتمون إلى ثلاث مجموعات اثنية هي الجعليين والشايقية والدناقلة، وكلهم من الشمال النيلي، وكل الوظائف المهمة من مجلس الوزراء إلى قوات الشرطة والجيش، والهيئة القضائية والإدارات الولائية يمسك بها «أبناء الشمال النيلي» ومعظمهم من نفس النواة الإثنية وقد أوضح الكتاب كيف أن كل الأقاليم الأخرى قد هُمِّشت بالمقارنة. لم يكن كل ذلك جديداً، لكن حتى ذلك الوقت لم يكن أي شخص قد وضع كل تلك المعلومات على الورق بشكل منظم ولأغراض سياسية مؤلف الكتاب محل اختلاف لكن نظمت مجموعة من العدل والمساواة توزيع الكتاب بل قيل إن حسن الترابي كان وراء الأمر برمته.
لقد لمس الكتاب الأسود بلا شك عصباً حياً، فقد كان بعض من انضموا إلى الحركات المسلحة في وظائف حكومية لكنهم حُرموا من الترقي، وبعضهم لاقى تمييزاً منهجياً بسبب المزايا الوظيفية والمرتبات الأقل وتأخيرها المتكرر والحقوق الأقل في أماكن العمل مقارنة بمن ينحدرون من أصول «عربية» وبعضهم رأى أطفاله الموهوبين يفشلون فجأة في الامتحانات بينما ينجح من هم أقل منهم اجتهاداً بيسر لا تفسير له لكن الكتاب الأسود ضفر كل هذا معاً بشكل يفسر غضب السنوات الأخيرة الأشد خطورة.
توصل مؤتمر ممثلي الطرفين في نرتتي في أغسطس 2002م إلى اجماع حول كل القضايا، وقد كذبت سهولة الاتفاقية نوايا بعض المشاركين، وقيل إن التجمع العربي، بالتعاون مع أمن الدولة، قد عقد مؤتمره الخاص للمليشيات بعد شهر من ذلك وفسر الكثير من الفور ذلك المؤتمر بوصفه «إعلان حرب» في غضون ذلك اتسعت قوات موسى هلال والتجمع العربي بشكل كبير فأصبح ما كان مليشيا تعمل مستقلة قوات أكثر تنظيماً، يسندها إمداد خارجي وتدريب ونقل للسلاح ويبدو أن ذلك كان تحضيراً، كما هو ظاهر، لعمليات أوسع نطاقاً، وبدءاً من سنة 2000م حين عين أبالي رزيقاتي حاكماً لشمال دارفور، بدأت المعدات العسكرية تطير من العاصمة مباشرة.
هجمات مسلحة في الجنوب
بوصفنا شركاء دوليين كنا على دراية بأن شيئاً ما يختمر في الإقليم الغربي في أوائل عام 2002م لكن تركيزنا كان منصباً على الحرب الأهلية الأطول في إفريقيا، أي النزاع في الجنوب، وفي الوقت الذي كان فيه الكينيون والمراقبون الدوليون يحضرون للجولة الأولى من المفاوضات في إطار الإيقاد ويتشاورون مع الأطراف عقب قمة يناير 2002م بدأت مروحيات حكومية، فجأة بالتحرك في جنوب السودان وفي 9 فبراير هوجمت نيمين، كما هاجمت مروحية مسلحة، في العشرين من الشهر نفسه، مركز التغذية التابع لهيئة الأمم المتحدة في باي وقتلت أربعًا وعشرين امرأة وطفلاً على أقل تقدير قبيل ذلك الهجوم، كان وزير الخارجية مصطفى عثمان إسماعيل قد اعتذر عن القصف السابق ووضع اللوم على «خطأ فني» فيما عزت توضيحات لاحقة القصف إلى أنه كان رداً على هجمة أرضية قام بها الجيش الشعبي لتحرير السودان وإلى نقص التنسيق من جانب القادة الميدانيين.
تلا ذلك انتقادات حادة واحتجاجات مكثفة في كل من أوربا وشمال أمريكا، «كانت أكبر الاستجابات في أمريكا، حيث تمسك اللوبي المناوئ للخرطوم بهذه الأحداث لوضع المزيد من الضغوط على الإدارة من أجل رد فعل قوي» أدانت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية هذه الأحداث بوصفها جزءاً من «نسق من الهجمات الوحشية عديمة المعنى من جانب الحكومة ضد مدنيين أبرياء» وعوضاً عن الانسحاب كلياً من عملية السلام كما طالب بعض النواب في الكونغرس، قرر الرئيس بوش «تعليق المشاركة الأمريكية».
على الرغم من أن ثلاثة من «اختبارات» دانفورث كانت ذات نتائج ايجابية، فإن الاختبار المتعلق بالقصف الجوي وحماية المدنيين لم يكن كذلك بالتأكيد، فقد كانت عمليات القصف تلك جزءاً أساسياً من تكتيكات الخرطوم العسكرية، وهي كما وصفها أحد الخبراء» إذا تخلت الخرطوم عن مهاجمة المدنيين، كان سيتعين عليها التخلي عن إستراتيجيتها العسكرية الحالية في حقول النفط، إذ تقوم استراتيجيتها برمتها على تشريد السكان الذين يعيشون حول حقول النفط» لقد كانت الهيمنة الجوية واحدة من الميزات الأساسية التي تتمتع بها القوات المسلحة السودانية أثناء الحرب الأهلية. ولكن رغم أن مسؤولي الحكومة عبّروا عن أسفهم عن حوادث القصف بالمروحيات إلا أن توقيت هذه الهجمات وضع التزام الخرطوم بعملية السلام موضع الشك.
كان هنالك العديد من التكهنات حول أن هناك أوساطًا معينة في الخرطوم تحاول تقويض المفاوضات حتى قبل أن تبدأ، من هم، وعلى أي درجة من الأهمية كانت مناصبهم؟ كانت هناك شائعات تدور حول النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان طه، وحول ضباط من الرتب العليا في الجيش وأعضاء من جهاز الأمن، والدكتور غازي صلاح الدين الذي كان دوره على الرغم من تواصله مع المجتمع الدولي، بوضع التكهنات ولكن لم يكن أي منا في الواقع على دراية بحقيقة الأمر.
وسيزور جون قرنق على نحو مفاجئ مدفوعاً ربما بحوادث باي، الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لطلب الدعم، وفي شهر مارس أطلعت كلير شورت على المستجدات حول المبادرات التي قمنا بها وشرحت لها ذلك قبيل زيارة جون قرنق لقد اطلعنا على تحرك من جانب الحكومة السودانية فيما يتعلق باختبار دانفورث الرابع، وأملنا أن يكون دانفورث قادراً على تقديم تقرير إيجابي للرئيس بوش، ومن ثم الفوز باستئناف المشاركة الأمريكية لقد أخبرت كلير بأنه عقب ذلك يجب أن نضغط من أجل مفاوضات مباشرة بأعجل ما تيسر، وأن نهدئ الضغوط في واشنطن، اقترح والتر كانستاينر اجتماعاً مع كلير وشخصي لمناقشة افكار حول تعزيز إطار التفاوض وصياغة إستراتيجية لمقاربة المحادثات.
لقد مثلت حادثة باي نكسة حقيقية، ولاحقاً سوف تقع سلسلة من الحوادث المشابهة، وسوف تمر شهور عديدة قبل أن نكون قادرين على إنعاش العملية ولم يكن بمقدور النرويج والمملكة المتحدة المضي قدماً بدون الولايات المتحدة، لكننا كنا بحاجة إلى نقطة دخول موثوقة للأمريكيين لاستئناف مشاركتهم، في تلك الأثناء ركزنا على طلب دعم دولي عريض من أجل تنفيذ اتفاقية جبال النوبة لقد كان رد الفعل على المحادثة هو ما أرغم الخرطوم على أخذ اختبار دانفورث الأخير مأخذ الجد شهدت بدايات مارس علامات الرغبة في التفاوض، وسرعان بدأت المحادثات عقب ذلك لقد انتهى الأمر بالحكومة إلى التنازل وبنهاية الشهر وقّع الطرفان على اتفاقية حماية المدنيين، كان على المراقبين واحد في الجنوب والآخر في الشمال، على إثر هذا الإنجاز وتقرير جاك دانفورث إلى الرئيس بوش في 14 مايو، تلقى المبعوث الخاص الضوء الأخضر لعودة المشاركة الأمريكية.
بحلول ذلك الوقت كان المجتمع الدولي منخرطاً في العديد من عمليات المراقبة، وقد مثلت البعثة المشتركة لمراقبة اتفاق وقف اطلاق النار في جبال النوبة نجاحاً مبكراً كانت فرق مراقبة حماية المدنيين، وهي فرق شكلت من أجل انتشار سريع في حالة وقوع هجمات على المدنيين، مدعومة بالأساس من الولايات المتحدة وبينما كانت المساعدات الدولية تحشد لهذه الجهود ولسكرتارية الإيقاد، واصلت دول الترويكا محاولاتها لبدء مفاوضات الإيقاد، لقد ركزنا على الدعم العملي لإطار التفاوض وعلى تأمين حضور مراقبين في المحادثات.
بوصفي رئيسة مشاركة للجنة السودان في منبر شركاء الإيقاد كنت على اتصال مستمر مع الحكومة الكينية والجنرال سيمبيو، الذي اعتقدنا أنه كان الشخص المناسب للتوسط في المفاوضات، كان سيمبيو عضواً في البعثة الكينية في الاجتماع الأول للإيقاد، وأتذكر بوضوح شديد انبهاري الشديد به. حتى ذلك الحين تحدثت معه حول امكانية القيام بدور الوسيط، آخذة في الاعتبار معرفته بالنزاع وبالعديد من القادة، وبعد رفضه لدعوة قدمت له عام 1998م، وافق سيمبيو في أكتوبر 2001م على أن يكن خلفاً للمفاوض السابق دانيال موبيا، لم تكن خلفيته العسكرية وقربه من الرئيس موي فقط هما مصدر الجنرال سيمبيو، ولكن كانت له أيضاً شخصية قوية واستقلال في الرأي، لقد كان صلباً ولا ينحني بسهولة تحت الضغط، كانت هذه الخصائص حاسمة في نجاح المفاوضات.. كان الجنرال سيمبيو متلهفاً للبدء، ولكن لم يكن الطرفان مستعدين، ومن وجهة نظرنا لم يكن هناك معنى لعقد جولة من المحادثات لا تحقق تقدماً يُذكر، لقد كانت هناك حاجة إلى صيغة مختلفة وأكثر دينامية، وكانت هذه الصيغة قيد التحضير علاوة على ذلك عقب القمة في يناير كانت الإيقاد بطيئة في إعادة تنظيم نفسها بحيث أهدر وقت ثمين في تلك الفترة لكن في بداية مارس 2002م بدأ الجنرال سيمبيو في المشاورات مع الطرفين وقدم لرئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، ورقة حول القضايا الرئيسية فُسِّرت من جانب الحركة على أنها متحيزة لطرف واحد كما تم تسريبها إلى الجمهورية قاد ذلك إلى المزيد من التكهنات حول ما إذا كانت الإيقاد، تحت النفوذ الأوربي تتخلى عن الحق في تقرير المصير، لم يكن ذلك هو الحال، لقد كانت الورقة من إنتاج القائد ميارديت نفسه، ولم يكن أي منا قد قرأها أو طلب منه التشاور حول مضمونها، النتيجة كانت في نظرنا أن سكرتارية الإيقاد وفريق التفاوض كانا في حاجة إلى المزيد من الدعم، وهكذا قررنا أن نعطي المحادثات دفعة قوية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.