ولاية النيل الأزرق من الولايات التي لها خصوصية، بحكم طبيعة تركيبتها السياسية، التي تنشط ونشطت فيها الحركة الشعبية من قبل، فضلاً عن موقعها كولاية حدودية مع دولة الجنوب. وكثير من القضايا جعلتنا نحرص على لقاء أحد قيادات الولاية، من بينها بعض الاتهامات التي ثارت بشأن عمليات تزوير في قيام المؤتمر العام للوطني والكليات الشورية، بجانب مطالبة الحركة الشعبية بحكم ذاتي في المنطقتين، وإلغاء الشريعة بهما. «الإنتباهة» تمكنت من استنطاق نائب الوالي ووزير التربية والتعليم بولاية النيل الأزرق بشير البطحاني حول كل القضايا اعلاه، فضلاً عن قضايا الراهن السياسي، حيث اجاب عن الاسئلة بكل رحابة صدر وحنكة ودراية. مطالبة قطاع الشمال بالحكم الذاتي في المفاوضات الأخيرة هل تعتقد انها رغبة ام مزايدة؟ اولاً ليست هناك جهة معينة تنوب عن المواطن لتحدد له نمطاً من انماط الحكم، وانا افتكر الحق حق المواطن، ومن قبل حينما طرحت المشورة الشعبية كان اخواننا في الحركة الشعبية يملون على الناس للمطالبة بالحكم الذاتي، لكنهم حصلوا على نسبة ضعيفة توافقهم في ذلك الرأي، حيث كان اكثر من 70% يتحدثون عن الحكم الفيدرالي، مع مزيد من التنمية والصلاحيات، لكن الحكم الذاتي لم يكن يوماً مطلباً جماهيرياً ولا مطلب المواطنين، وأنا اعتقد ان الحكم الذاتي مالاته معروفة، لذلك نقول ان الحكم الفيدرالي هو الأنسب. هل تريد أن تقول إن الحكم الذاتي سيقود للانفصال؟ مؤكد انه يقود للانفصال لاحقاً، وقد تكون المطالبة به خطوة اولى نحو الانفصال، ولذلك حتى ان لم تكن تلك النوايا مع ظروف السودان الحالية فإن الحكم الذاتي ليس هو الأسلوب الامثل للحكم في السودان، وانما الحكم الاتحادي مع مزيد من الصلاحيات للولايات وتفعيل القوانين مع تفعيل الموارد لإحداث تنمية فيها للإنسان، هو الحكم الراشد والأمثل للبلاد وللولايات المختلفة. وولاية النيل الأزرق ليست نشازاً عن بقية الولايات لتطالب بالحكم الذاتي، لأن الحكم الذاتي مرفوض من جماهير الولاية، ونعتقد ان الحكم الفدرالي هو الحكم الامثل للولاية والسودان. وماذا بشأن المطالبة بإلغاء الشريعة؟ نعتقد أن سكان ولاية النيل الازرق مثلهم مثل معظم سكان السودان هم مسلمون، والدستور السوداني والقوانين تعتبر الشريعة هي مصدرها الاساس، لذلك اي حديث عن الغاء الشريعة هو طعن في الدستور، ومعروف وسائل تغيير الدستور، والدستور لا يغير في المفاوضات، ومطلب كهذا لا يتناسب مع الدستور ولن يجد شخصاً يستمع له. كيف مضت إعادة بناء حزب المؤتمر الوطني في دورته الجديدة بالنيل الأزرق؟ إعادة بناء الحزب في ولاية النيل الأزرق تمت اعتباراً من شعبة الأساس مروراً بالمنطقة والمحلية حتى المؤتمر العام، وفقاً للنظام الأساس ولوائح الحزب والدليل التنظيمي المعتمد، والتوصيات كانت من رئيس الحزب بالولاية، وهي توصيات مستمدة من اللائحة والموجهات العامة بحفظ حقوق العضوية كاملة في ان تختار من تريد وتقدم من ترغب فيه وتراه مناسباً لاي مستوى من المستويات التنظيمية دون حظر لأحد او اقصاء لأي عضو مهما كان وضعه وهو ما تم. ما هي المراحل التي سبقت عملية البناء؟ سبق عملية البناء تكوين اللجان الإدارية، حيث تكونت اللجان التحضيرية اعتباراً من مؤتمرات شعبة الأساس حتى المؤتمر العام، وذلك وفق اللائحة التي تحدد هذا التكوين وتحدد مهام وصلاحيات هذه اللجان، وتلك اللائحة معلومة للجميع، وتم تمليكها لكل القيادات بل ومجموعة من عضوية الحزب، وبعد تكوين اللجان التحضيرية تم اعتماد اللجان الفنية التي تشرف فنياً على عملية البناء، وباشرت مهامها بحيادية تامة على كل المستويات، حتى أن اللجان الفنية التي باشرت الانعقاد للمؤتمر العام مكونة من المركز برئاسة د. الحاج آدم، وهي اللجنة التي أشرفت على مؤتمر الولاية. رغم كل ذلك هناك تشكيك في عدم حيادية اللجنة المركزية؟ كل من يشكك في أن اللجنة لم تمارس عملها بعدم حيادية او بصورة غير لائحية او ان هناك عملية اقصاء لم يكن متابعاً لعملية البناء، فلم يكن هناك اقصاء لاي عضو من قيادات الحزب في اية مرحلة من مراحل البناء، وانما قواعد الحزب هي التي اختارت من تراه او من يمثلها في المستويات الاعلى، والكلمة الأولى والأخيرة كانت للعضوية والقواعد، وانا أؤكد للمرة الاخيرة أنه لم تتم أية توصية من رئيس الحزب ولا توصية من نائب رئيس الحزب لا تصريحاً او تلميحاً لاي مستوى من مستوياتنا التنظيمية لإقصاء أحد من القيادات. من أي مستوى تم تصعيد القيادات؟ التصعيد تحكمه لائحة، واللائحة تحدد حتى النسب العادلة لكل مؤتمر، فكل مؤتمر يعرف حسب عضويته انه يصعد كم عضو للمستوى الاعلى، وتم تحديده حسب النسبة العادلة، وهي معلومة للقيادات والقواعد وعضوية الحزب في اي مستوى من المستويات، وهذا حق، ومعروف أنه لا يوجد شخص يفرط في حقه. وبالنسبة للقطاعات ايضاً تم تكوينها في الحزب حسب اللائحة، وهي لديها عدد تصعده للمؤتمر العام حسب النسبة المقررة لها، وهي محددة باللائحة والنسبة العادلة، وكذلك الشورى السابقة لديها تصعيد نسبة مئوية محددة للمؤتمر العام، وهو أمر ليس فيه اجتهاد لأنها نصوص ولوائح. هناك جدل ثار حول تكوين الشورى الجديدة؟ للشورى الجديدة وتكوين عضويتها يتم اختيارها من المؤتمر العام الذي حضره 84% من العضوية، وتحت اشراف اللجنة المركزية برئاسة د. الحاج آدم الذي اشرف على قيام المؤتمر ومخرجاته، وتم كل ذلك بشفافية وحرية كاملة، بل المؤتمر قرر زيادة الشورى، اقترحنا الزيادة ب «200» عضو، لكن المؤتمر قرر زيادة «300»، وتم اعتماد الثلاثمائة، وتم اختيار عضوية الشورى وتوزيعهم، كل ذلك وفق لائحة، ولا يوجد شخص يتحدث عن خرق اللوائح او اقصاء في البناء التنظيمي. وهو ما أفرز القيادات الحقيقية التي جاءت برغبة القواعد للحزب، ولم نتدخل لإدخال اي احد بالشباك. وماذا عن الكليات الشورية؟ الكليات الشورية الغرض منها اختيار المرشحين للدوائر الجغرافية سواء المجلس الوطني او المجلس التشريعي او الدوائر النسبية وقواعد المرأة، والكليات تم تكوينها بحسب ما جاء في المواد «12، 13، 14 ، 16» من لائحة ادارة الانتخابات العامة التي اصدرها الحزب كمرشد للانتخابات، علماً بأن جميع هذه الكليات تم اعتمادها من قبل المجلس القيادي للحزب ولجنة انتخاب الولاية، وهذه اللجنة مكونة بحسب اللائحة ومعتمدة من مجلس شورى الولاية، فهذه الكليات تحكمها لائحة ومعتمدة من جميع اجهزة الحزب، فهذه اللجنة مناط بها اعتماد الكليات الشورية بعد اعتماد المجلس القيادي، وجميع هذه الكليات الشورية باشرت مهامها تحت إدارة واشراف لجنة فنية، بمعنى أن هذه الكليات الشورية مهمتها اختيار ثلاثة لأي مقعد من المقاعد، وباشرت هذا العمل تحت إشراف لجنة فنية، وهذه اللجنة الفنية كونت بمستوى عالٍ واعتمدت من لجنة انتخابات الولاية، بمعنى انه حتى اللجنة الفنية التي اشرفت على عملية الانتخابات في الكليات الشورية تم اعتمادها من لجنة انتخابات الولاية، وهذه تم اختيار عناصر لها من اشخاص لهم خبرة ودراية ومعرفة، ولكي تكون هذه اللجنة الفنية محايدة حدد لأية لجنة أن تعمل في نطاق او دائرة لا تنتمي لها، يعني اي دائرة فنية يختارون لها اشخاصاً خارج نطاق دائرتها لمزيد من الشفافية ومزيد من الحيادية. وبعد ان اكتملت هذه العمليات بواسطة الكليات الشورية تحت اشراف اللجان الفنية المحايدة، قدمت واعتمدت من لجنة انتخابات الولاية، اذ كانت الدوائر الجغرافية الست الخاصة بالمجلس الوطني او الاربع وعشرين دائرة الخاصة بالمجلس التشريعي الولائي او دوائر المراة او دوائر القوائم كلها قدمت واعتمدت من الكليات الشورية ولجنة انتخابات الولاية. هل تسلمتم اية طعون؟ نعم تسلمنا طعنين من جملة المقاعد البالغة «56» مقعداً. هل فصلتم فيهما؟ نعم.. لجنة انتخابات الولاية كونت لجنة للنظر في تلك الطعون، وهما طعن في الدائرة «13» شمال الدمازين السريو، وطعن من الدائرة «6» جنوب الروصيرص، وهي دائرة الهجرة «ب»، وباشرت هذه اللجنة عملها فوراً بعد ان امتلكت جميع المستندات واستمعت لجميع الافادات، وقررت اعادة الانتخابات للكلية الشورية في دائرة جنوب الروصيرص، ورفضت قبول الطعن المقدم في الدائرة «13» شمال الدمازين، لأنها وجدت الطعن غير موضوعي وليست له تبريرات تؤدي لإلغاء نتيجة الانتخابات. لكن هناك من تحدث عن تزوير؟ لا توجد اية عملية تزوير تمت، لأن الكلية الشورية يحضرها كل الناس بمختلف مستوياتهم، وكل الناس المذكورين في اللائحة ومعهم عشرة اعضاء آخرون وفي بعض الدوائر عشرون عضو آخرون كلهم أناس مسؤولون وعلى مستويات تنظيمية في الحزب، لذلك ليست هناك عمليات تزوير، لأنه اذا حصلت اية عملية كل الناس بكونوا عارفنها وبتكون مرفوضة. كيف تسير علاقة المؤتمر الوطني مع الأحزاب الاخرى؟ نحن في النيل الأزرق تربطنا علاقات طيبة جداً، وعلاقات تنظيمية ممتازة مع الاحزاب الاخرى، وتتويجاً لهذه العلاقة تم تكوين مجلس سميناه مجلس تنسيق الأحزاب، يضم كل الاحزاب الموجودة في الولاية ماعدا ثلاثة احزاب فقط، والأحزاب الموجودة في الولاية لقاءاتنا مستمرة معها على الدوام، وحتى في مستويات مختلفة، بجانب المستويات الاخرى من اجل المصلحة العامة سواء أكان للولاية او السودان، وننتهز هذه السانحة لنشيد باحزاب الولاية لأنها احزاب لها رؤية وطنية ومواقفها اتسمت بالوطنية حتى كانت تتحاشى الخلافات الحزبية الصغيرة، ونحن لدينا ثلاثة احزاب مشاركة في الحكومة، ونتمنى في الحكومة القادمة ان تزيد عدد الاحزاب المشاركة خاصة الاحزاب التي لديها وزن جماهيري بالولاية. لكن حينما تزيد مشاركة الأحزاب تزيد الوزارات وترهق الميزانية العامة؟ ليس بالضرورة أن تكون زيادة مشاركة الاحزاب تعني زيادة الوزارات، وانما حصة الوطني يمكن ان تنقص، ولا ضير ولا غبار في ذلك. ماذا تقول لمن يحمل السلاح من أبناء الولاية؟ نحن نناشد ابناءنا واخواننا الذين يحملون السلاح بأن يعودوا إلى حضن الوطن، ونفتكر عملية الحوار الجاري حالياً يجب ان يباشروها بأنفسهم دون وكلاء، فهم المعنيون بهذا الأمر، وهذه الولاية وكل ولايات السودان تحتاج لابنائها، إذ أن الحرب لم تحل يوماً مشكلة، والحوار هو الخيار الأول والأوحد لحل جميع المشكلات، ولكي نوفر السلام لا بد من الحوار، ولتوفير الأمن لا بد من السلام، وبالسلام يتحقق الاستقرار والتطور للجميع، ونقول لهم تعالوا وجميع أهلكم في انتظاركم.