ولاية النيل الأبيض ازدادت أهميتها السياسية والإستراتيجية والاقتصادية بعد انفصال الجنوب بحكم جوارها له وكذلك احتضانها لمشروعات سودانية حيوية حيث ينعقد الأمل عليها بعد القضارف في تأمين الغذاء وتوفير المحاصيل النقدية التي توفر العملة الصعبة للخزانة العامة، فهذه المسؤولية القومية التي تضطلع بها الولاية بفضل الموارد والموقع جعلها تنظر إلى هذا الهم بقلق في ضوء شح الإمكانات وضعف التأهيل، إزاء هذا الهم الوطني فإن الازدواج في المهمة المتمثل في المساهمة المنتظرة من الولاية في تأمين القوت وتوفير العملات الضرورية لحركة الاقتصاد علاوة على أنها تستقطب العديد من أبناء السودان للعمل في مشروعاتها القائمة وتلك التي قيد التنفيذ، فلا أحد ينكر التأثير السالب للاضطراب وعدم الطمأنينة إلى مجمل الحراك الاقتصادي بهذا الإقليم المهم الذي يمثل قلب السودان، فالأمن الهش في الجنوب وحاجته للغذاء خطران يحيقان بولاية النيل الأبيض فإن تقوية تجهيزاتها لمواجهة أي تهديد ضرورة قومية فالتهديدات الأمنية أمر واقع ومحتمل ويستدعي الاستعداد اللازم حتى لا يضطر الأهالي لحمل السلاح دفاعاً عن وجودهم وممتلكاتهم، فالمنطقة المتاخمة لمقاطعة شمال أعالي النيل تزخر بثروة حيوانية هائلة علاوة على الأراضي الخصبة في منطقة التبون وجودة ومشروعات الزراعة المروية في جودة وكيلو «4» وعرفت هذه المنطقة بإنتاجها الغزير للأقطان الجيدة وفوق ذلك كله تأمين خط نقل بضائع الصادر من السودان إلى دولة الجنوب عبر البر عبر طريق ربك الرنك وقوافل البواخر النيلية إلى ملكال انطلاقاً من ميناء كوستي النهري، وما يجب الإشارة إليه أن المنطقة بها تداخل قبلي كبير وعلاقات رحم فرضها التعايش والمصالح من قبل وأخذت الطابع المدني فدخول الجيش الشعبي هو اتجاه لم تألفه المنطقة من قبل، تبعاً لهذا التطوّر الجديد باتت هناك ضرورات للتأمين للحفاظ على السلام الاجتماعي الذي كان سائداً، فوجود وحدات الأمن المختلفة من شرطة وجيش وأمن ضرورة حياة واستقرار في هذه المنطقة المهمة من السودان. إذن فإن هذه المهمة الجسيمة تضع حكومة ولاية النيل الأبيض أمام مسؤولية وطنية تستدعي طي الخلافات والاصطفاف من أجل الذود عن مواطنيهم وأراضيهم ولعل دور النيل الأبيض قد تغيَّر بعد انفصال الجنوب فإن الاختلاف يجيء بمثابة التقاعس عن مهمة وطنية تبدأ بإعداد القوافل من أجل إقامة علاقات اجتماعية لضمان النشاط البشري وتوفير الحماية الاجتماعية له فالعمل المدني يمثل حجر الزاوية للتعايش والتمازج علاوة على توفير أسباب القوة الضرورية للتأمين، فالوالي يوسف الشنبلي ينبغي ألا يُترَك وحده حيال الوضع الناشئ عن تداعيات انفصال الجنوب فإن الاشتباكات التي حدثت الأسبوع المنصرم في منطقة جودة والتي وقف الوالي شخصياً على تداعياتها من خلال تفقده للمنطقة وكذلك الجنود المرابطين هناك بغية رفع الروح المعنوية وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم فهذه الزيارة خلصت إلى إيجاد طوق أمني قوي على النحو الذي يضمن توفير الأمن والأمان للسكان هناك، ولقد شهدت منطقة الجبلين هجرة لأولئك الذين كانوا يعيشون شرق الرنك وتحملت حكومة الشنبلي من قبل إيواء هؤلاء النازحين عبر توفير مساكن لهم في الجبلين إضافة لخدمة الطوارئ من علاج وغذاء لقد طالبنا من قبل بضرورة دعم ولايات التماس لتضطلع بمهام قد لا تترك لها جهداً ولينصرف الولاة لمهام المحلية أيضاً التي تأخذ كل استعدادهم. فعلى الحكومة المركزية أن تأخذ هذا التطوُّر على النحو الجاد فالمسائل الكبيرة بدأت صغيرة وتطوَّرت على النحو المزعج والمكلف فيما بعد.