إن أصدق ما وصفت به هذه الاتفاقية هي الكلمات التي صدر بها الأخ البروف أحمد علي الإمام شفاه الله ورده سالماً غانماً ومتعه بالصحة والعافية صدر الندوة المشتركة التي أقامتها السكرتارية الدائمة لدراسة الاتفاقيات الدولية بالتعاون بين هيئة علماء السودان والمجلس العالمي للعالمات المسلمات وصندوق دعم تطبيق الشريعة آنذاك حيث قال الأخ الدكتور مستشار التأصيل: «إن سيداو أرادت أن تكون رسالة بعد الرسالة الخاتمة» وكانت الندوة قد عقدت بقاعة الشهيد الزبير للمؤتمرات يوم السبت 29 نوفمبر 2000م وقدمت في الندوة مجموعة من الأوراق وأصدرت كتابين عن المعيار الفقهي للاتفاقية كتبه مولانا محمد إبراهيم محمد وكتاباً آخر دراسة نقدية لاتفاقية من إعداد السيدة الفضلى فريدة إبراهيم قاضي المحكمة العليا والآن ما هي هذه الاتفاقية؟ وما فحواها وما هي أهدافها؟ أولاً الاسم سيداو جاء اختصارا لاسم الاتفاقية الطويل وهو Convention About Elimination of All Forms of Descrimination Against Women [CEDAW] نبذة عن سيداو: يعود تاريخ الاتفاقية إلى عام 1953م عندما أعدت مفوضية المرأة بالأممالمتحدة معاهدة حقوق المرأة السياسية ثم تطور الأمر إلى إعلان إزالة التمييز عام 1967م. ويبدو أن هذا التتابع والتسارع قد فتح شهية الناشطات في مجال المرأة ودعاهنّ إلى التفكير في إعداد معاهدة أكثر تطوراً وأشد تطرفاً في المطالبة بحقوق المرأة فبدأت في الإعداد لها في العام 1973م وفرغت منه في عام 1979م حيث اعتمدت من الأممالمتحدة في نفس العام بتاريخ 28/12/1979م ولم تصبح سارية المفعول إلا بعد توقيع خمسين دولة عليها بتاريخ 3/12/1981م. قامت هذه الاتفاقية على مجموعة صكوك وقوانين وعهود صادرة عن الأممالمتحدة في مجالات شتى من ميثاق الأممالمتحدة وحقوق الإنسان والعهد الدولي الأول والثاني وغيرهما والملاحظ أن صكوك ومعاهدات الأممالمتحدة أصبحت أقل عناية وأقل احتراماً لوجهات النظر المختلفة والنابعة من اختلاف الأعراف والثقافات والديانات. وهذا نفسه مخالف لميثاق الأممالمتحدة.. وقد بلغ هذا التطور شأوه ومداه الأعلى في اتفاقية سيداو [CEDAW] ولعل السبب في ذلك هو النفوذ المتنامي للصهيونية الدينية والصهيونية السياسية التي أخذت تطبق قبضتها على حكومات ومنظمات وهيئات الدنيا كلها ولقد ظل هدف الصهيونية الثابت والقديم هو السيطرة على العالم.. وهذا ما يمكن أن توفره هذه الاتفاقية. { محتوى الاتفاقية: تتكون الاتفاقية من ثلاثين مادة ومع كل مادة ديباجة فيها مزيد من الشرح والتوضيح.. من هذه المواد تتعلق ست عشرة مادة بالأحكام الخاصة بالتمييز وأربع عشرة مادة متعلقة بالرقابة ولجان المتابعة والتحفظ والتحكيم. إن الاتفاقية تتخذ لنفسها طابعاً سلطوياً لا يقبل النقض ولا المناقشة وبمجرد توقيع الدولة العضو على الاتفاقية تمت المصادقة عليها لتصبح الاتفاقية أعلى حاكمية من الأعراف والتقاليد والثقافة بل والشرائع السماوية التي تدين بها الدولة المصادقة. وقعت وصادقت على الاتفاقية مجموعات من الدول الأوروبية والآسيوية والإفريقية كما وقعت بعض الدول العربية والإسلامية ضحية مكايد الناشطات المسترجلات فوقعت منهن مجموعة وصادقت مجموعة.. وتحفظت كثير من الدول على بعض المواد التي تمس العقيدة الدينية. إلا أن في الاتفاقية نصوصاً تمنع التحفظ على المواد المتعلقة بالتمييز والتي تعتبر هي صلب والعمود الفقري للاتفاقية مثل المادة «2» والمادة «6». إن الجهل الصراح الذي لا يفارق الاتفاقية ولا ينفك عنها يقابل الناظر فيها منذ العنوان والاسم وهو اسم ليس فيه أي قدر من التوسط أو الوسطية أو افساح المجال لأي رأي آخر.. فهو يتكلم عن القضاء وهو غاية من التطرف «وجميع» وهو أيضاً بعيد عن التوسط وهو غاية ونهاية الاستعلاء. والقضاء يصعب على جميع أنواع الظلم بل على التمييز أي الاختلاف أي أن ااتفاقية تدعو إلى التطابق والمثلية بين الرجل والمرأة. وهذا المنحى لا يخالف الدين فحسب.. بل يخالف العقل والعلم وقد دللنا على ذلك بالحركة المغزلية التي يدور بها الكهرب في مجال الطاقة الفرعي في أية ذرة من ذرات المادة.. فالكهرب «Electron» هو أصغر جزء من المادة ويحمل شحنة سالبة.. بهذا التوصيف لا يمكن التمييز بين كهرب وآخر إلا إذا وجدا في ذرتين مختلفتين أو في مستويات طاقة مختلفة. فكيف إذا وجد اثنان منهما في مستوى طاقة فرعي واحد.. ثم حصل بينهما تزاوج.. وهو أمر معروف عند علماء الدراسات النووية.. بل هو معروف عند طلاب الفيزياء والكيمياء في السنوات الأولى من الدراسة. ومعروف أن هذا التزاوج يولد تنافراً بين الكهربين بسبب الشحنة الكهربية المتماثلة. لذلك وربما لأسباب أخرى اقتضت مشيئة الخالق أن يتحرك كل كهرب في حركة مغزلية Spin movenient مضادرة في الاتجاه لحركة الكهرب الآخر حتى لا يحدث تنافر بينهما.. وليس هناك طريقة للتفريق بين كهربين في مستوى طاقة فرعي إلا بالحركة المغزلية.. وبهذا نستطيع أن نقول إن المطالبة بالقضاء على جميع أنواع التمييز والاختلاف بين كائنين متشابهين.. ومن نوع واحد هو ضرب من المستحيل بل الجهل بل الغباء. فكيف نطالب بالقضاء على جميع أنواع التميز بين كائنين مختلفين في الشكل والمضمون.. في الأجزاء الحيوية وفي الأعضاء وفي الدماغ وفي الهورمونات وفي كل شيء.. أليس هذا هو الجهل الصراح؟! إن الاتفاقية في جزئها الأول تدعو إلى إلغاء الأدوار النمطية ProtolyPe Roles للمرأة وهي الأدوار التي تقوم بها المرأة لأنها امرأة.. وتترك للمرأة الخيار في القيام بهذه الأدوار أو رفض القيام بها. والأدوار المقصودة هي دور الزوجة ودور الأم ودور المرضع وهذا الكلام قد لا يصدقه الإنسان العادي إلا إذا قرأ تعريفات الأسرة في مشروع الاتفاقية.. فالأسرة ليست هي الأسرة التي قامت عليها حضارة الإنسان بل هي أسرة بتعريف جديد.. بين رجل ورجل وبين امرأة وامرأة ويمكن أن تكون بين رجل وامرأة ويمكن أن ترفض الزوجة دور الأم وتتجه الأسرة إلى التبني. إن الاتفاقية في نظرتها التحكمية لا تعطي أدنى اعتبار للأعراف ولا التقاليد ولا المعتقدات.. بل ترسم طريقها بغض النظر عن مخالفته لنصوص القرآن والسنة أو أية معتقدات أخرى سماوية أو غير سماوية مع أن المعروف أن العلاقات الشخصية يتحاكم فيها الناس إلى معتقداتهم وهو اجماع عالمي لم يخرج عليه أحد قبل سيداو. إن الاتفاقية هي القانون الذي تسعى من خلاله الصهيونية إلى تحويل المرأة إلى سلعة.. وهي في سبيل ذلك تستخدم كل أنواع الخداع والغش والتحايل. فمثلاً تدعو الاتفاقية إلى وقف الاتجار بدعارة المرأة.. فيظن من يطلع على هذا المبدأ أن الاتفاقية تحارب الدعارة.. ولكنها في واقع الأمر تحارب «تجارة الدعارة» وهو مصطلح غير منضبط وغير مفهوم هل هذه التجارة باسم شركات مثلاً أو أسماء أعمال» أو أعمال فردية أم هي مسألة «قوادة» والعياذ بالله. الإتفاقية لا تحارب الزنا.. بل هي تحافظ وتدعو إلى صيانة حقوق المرأة بغض النظر عن حالتها الزوجية.. وذلك في حالة الحمل أو الإنجاب أو الإرضاع.. فكأن الاتفاقية تمهد الطريق وتهيئ الأسباب للنساء لعدم تهيب نتائج الزنا إذا أدى إلى حمل أو إنجاب أو إرضاع!! وسنعود إلى ذكر وتسمية المواد التي جاءت في الاتفاقية ناسخة للشرائع والأديان. { الهوية الجنسية جاءني مايلي من الدكتورة منيرة مصطفى البدوي وهي طبيبة قالت: «كنت أفتش في كتب علم النفس بمناسبة مقالك اليوم. وكلامهم حول أن احساس الإنسان يكون ذكراً أو أنثى أقوى من الصفات البيولوجية فيه جانب من الصحة.. وموجود في كتب علم النفس تحت عنوان «الهوية الجنسية» ولكنه يعتبر من الاضطرابات وله أسبابه ويحتاج إلى علاج نفسي طويل لتقنع الرجل أنه ليس أنثى وأن الأنثى أنها ليست ذكراً.. وهو أكثر في الرجال ونادر في النساء. وسألتها عن النسبة المئوية فقالت إنها ضيئلة جداً. ووعدت بالكتابة مطولاً بعد يومين حول هذا الموضوع.