وقائع العنف بالجامعات ليست بالشيء الجديد، ولكن الأحداث الأخيرة التي شهدتها عدد من الجامعات وفي مقدمتها الخرطوم التي أُغلِقت جرّاء التظاهرات التي عصفت بها مؤخرًا، لعلها هي العامل الذي حرّض الاتحاد العام للطلاب السودانيين لتخصيص منبره الدوري لتناول قضية«العنف الطلابي.. الدوافع والآثار وآفاق الحل». التي خاطبها عدد من ذوي الشأن، قدم للملتقى رئيس الاتحاد العام للطلاب محمد صلاح مشيرًا للعنف الطلابي بوصفه جزءاً من الاحتقان السياسي الذي مرّت به البلاد في المراحل السياسية المختلفة، ومن الخطوات التي طرقها الاتحاد لإزالة هذا الاحتقان التعامل مع الهيئات النقابية للطلاب بالجامعات،القائمة في جامعات الولاية ال «13» باستثناء ثلاث فقط، وفي تعليقه على دور الشرطة في الأحداث الأخيرة فقد أثنى على جهودها إلا أنه تحدث عن تصرفات وصفها بالفردية لبعض عناصرها تتعامل بعنف زائد مع الطلاب، ودعا الشرطة أن لا تأخذ البريء بجريرة المذنب. وبصفته أستاذاً جامعياً ذهب أمين الشؤون العلمية بجامعة الخرطوم البروفسير سامي شريف إلى أن الجامعة مؤسسة تعليمية تعزز النمو الفكري، وبالتالي فهي معنية بإدارة الخلاف الفكري، ويعتبر غياب هذا المفهوم السبب الرئيسي للعنف في الجامعات، فظلال الحرية المتاحة دفعت الأحزاب المعارضة والحاكمة لاستغلالها لتحقيق أهدافها السياسية عبر توجيه الطلاب، دون أن يسمحوا للطلاب بإدارة اختلافهم بإشراف أستاذتهم، ويضيف شريف أن ضعف النشاط اللاصفي بالجامعات«الأنشطة الثقافية، الرياضية...» من العوامل التي تعزز التوجه للعنف، علاوة على انعدام التواصل بين الطلاب وهيئة التدريس وإدارة الجامعة، وفي كلمته قال ممثل وزير التعليم العالي البروفسير محمد عبد الحافظ إن آثار العنف ليست قصرًا على الأضرار المادية فقط، فثمة أضرار أدبية حيث تتوارى إنجازات الطلاب. من جهته صنّف أستاذ العلوم السياسية علي حسن الساعوري المسألة إلى عنف بين الطلاب، وآخر بين الطلاب وإدارة الجامعة والثالث بين الطلاب والشرطة. مبدياً قلقاً متعاظماً مما أسماه ظاهرة عدم اعتراف الطلاب بالحق في حرية الرأي والتصرف لنظرائهم، وأن تعاملهم مع الآخرين يأتي من منطلق الاحتكار والإقصاء للطرف الآخر، وضرب المثل بعدم الاعتراف برؤية الآخرين حال مخالفتهم لإضراب معلن سلفاً، مشيرًا لحداثة هذه الظاهرة. وشدد الساعوري على أهمية إجراء دراسة متأنية لمعرفة كيف تأتّى للطلاب أن يمنعوا زملاءهم من حرية التصرُّف والاختيار، وقال إن خطورة هذه القضية تتبلور في أنها قضية وطن، فكيف سيدير أولئك الطلاب البلاد مستقبلاً؟ وتطرّق البروفسير مالك عبد العزيز لجملة من المطلوبات التي تفضي للحلول المرجوة، ومنها تأهيل الأستاذ الجامعي ودعا الحكومة لأن تحتمل المعارضة، وتسعى لتحجيم الأسباب التي أدت البعض لحمل السلاح ضدها. مدير شرطة الخرطوم محمد عبد الحافظ أوضح أن مهمة العمل الشرطي إنفاذ القانون، وأنها تفعل ذلك بمهنية عالية، مدللاً باأنه وعبر 230 عملية شغب في العاصمة العام الماضي لم تحدث حالة قتل أو أذىً جسيم، وأضاف أنهم خلال ثلاثة الأعوام الأخيرة لم يتدخلوا لفضِّ أي نشاط طلابي في الجامعات. مشاركة الحضور نثرت الأسئلة التي رد عليها كل وفق تخصصه، محمد صلاح نفى أن تكون أحداث الخرطوم من صنع المناصير، وقال هناك من تزعمها باسمهم لأغراض سياسية، محمد شريف أشار لصعوبة الرد على سؤال: متى تفتح جامعة الخرطوم؟ الحافظ قال لن نعتذر لأحد، ومتى ما ثبت أن فرداً من الشرطة أو أفراداً تجاوزوا ولكن من يتجاوز القانون ستتم محاسبته وفق القانون، ووعد بالنظر في تطوير الحرس بالجامعات، والتفكير في أن تكون فرقة مكافحة الشغب في الجامعات تختلف عن غيرها.