شهدت العلاقات السودانية الصينية تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة خاصة في المجال الاقتصادي والتي بدأت منذ العام 1970 حيث قدَّمت الصين العديد من المساعدات الاقتصادية، والمنفعة المتبادلة ظهرت مؤخرًا في مجال إنتاج النفط، ومن خلال ذلك التعاون ارتفع الميزان التجاري بين البلدين، تجيء هذه المرحلة في تطور العلاقات للوصول إلى الشراكة الإستراتيجية التي بدأت منذ التسعينيات وأحدثت تحولاً نوعيًا كبيرًا في العلاقات حيث جاء التطور مواكباً لتطورات مهمة أسهمت في هذا التحول أولها رسوخ سياسة الانفتاح الاقتصادي وبناء نظام السوق المشترك والتي نجم منها إصلاح نظام المساعدات الصينية للدول النامية عبر القروض التفضيلية والأمر الثاني دخول الصين عالم المستوردين للنفط لمواكبة النهضة الصناعية الكبرى بها مما دفعها للبحث عن أسواق مضمونة لاستيراد النفط وترتب على هذا ترسيخ استثمار الصين في مجال استخراج النفط في الدول الصديقة وفي مقدمتها السودان، كما كان لنمو العلاقات السودانية الصينية ونشاط حكومة السودان في مجال استغلال ثروات البلاد النفطية بالاتجاه شرقاً مع دول آسيا والصين عاملاً ودفعاً.. كل هذا أحدث نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين والعبور بها من مرحلة المساعدات الاقتصادية التقليدية إلى مرحلة الاستثمار المشترك القائم على مبدأ الجدوى الاقتصادية والمنفعة المتبادلة، ومؤخراً اتجه البنك المركزي لتقديم طلب رسمي للصين للتعامل من خلال اليوان الصيني والجنيه السوداني بدلاً من الدولار.. بحجة أن الدولار اعتراه ضعف واضح في السنوات الماضية، وعدم صلاحيته ليكون مخزنًا للعملة.. ورهن محافظ البنك المركزي د. محمد خير الزبير التحكُّم في سعر الصرف وتوحيد السعر الرسمي مع الموازي في سوق موحَّد بوصول العون الخارجي الذي طلبته الدولة من بعض الدول العربية والصديقة. وتشير المعلومات إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ عشرة مليارات دولار في عام 2010 بزيادة بلغت 35% مقارنة مع عام 2009م.. وتقوم شركات صينية ببناء مشروعات في السودان في مجالات النفط والمياه والكهرباء والطرق والجسور والاتصالات. وخلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2011 زادت واردات الصين من الخام السوداني بنسبة 5.5% عن الفترة نفسها من العام الماضي لتبلغ 11.1 مليون طن، أي نحو 5% من إجمالي واردات الصين النفطية. وتباينت ردود الأفعال وسط المختصين في هذا المجال عن اتجاه الدولة للتحول للتعامل باليوان الصيني بدلاً من الدولار بين مؤيدٍ ومعارض حيث يرى الخبير الاقتصادي والأستاذ بجامعة إفريقيا العالمية د. حسين القوني في حديثه ل (الإنتباهة) أن الاتجاه يساهم بصورة كبيرة في تنشيط التعامل التجاري خاصة أن شح النقد الأجنبي يحد من ذلك النشاط بجانب أن السودان يعاني من مشكلة الحصار الاقتصادي ووصفها بأنها سياسة جيدة للخروج من العزلة. وقال القوني: بالرغم من ذلك فإن المصلحة الأكبر تصب في صالح دولة الصين مبينًا أن السودان يستورد من الصين أكثر وتنشيط النشاط التجاري الغرض منه تصريف المنتجات ولكن لضعف الإنتاج محلياً فإن حجم التبادل التجاري بين السودان والصين لم يكن متكافئاً، وأضاف: للوصول إلى مصلحة البلدين لا بد أن يكون النشاط التجاري يشمل السلع الرأس مالية وأن تكون ذات عائد تنموي ولكن إذا اقتصر التبادل في السلع الاستهلاكية فلن يكون ذا فائدة تعود على مصلحة البلاد اقتصادياً. وقال: مثل هذه السياسات تمكِّن الدولة من التعامل مع الدول ذات الإنتاج السلعي وليس لديها ارتباط باللوبي الغربي والتي تساهم في التنمية بشراكة اقتصادية مبينًا أن أغلبية الدول ترتبط في تعاملاتها بالدولار مما يستدعي الإسراع في تنفيذ الخطوة المقترحة. ورأى الخبير الاقتصادي د. محمد الجاك أن التحول للتعامل باليوان الصيني لن يساهم في الاقتصاد أو يحل مشكلة المقاطعة الاقتصادية للسودان مضيفًا أن الدولار يكتسب أهميته من القوة الاقتصادية لأمريكا لذلك مهما تحاول الدوله تجنب التعامل به ستجد نفسها تتعامل بالدولار بطريقة غير مباشرة خاصة أن كثيرًا من البلدان تتعامل تجارياً بتلك العملة، والمعروف أن الصين جزء كبير من تجارتها مرتبط بصورة مباشرة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية.. وقال: اتجاه الدولة لتغيير العملة لن يحل المشكلات الاقتصادية للسودان مشيرًا إلى أن البلاد اتجهت في السنوات الماضية إلى تغيير التعامل من الدولار إلى اليورو بغرض إخراج البلاد من العزلة الاقتصادية إلا أن تلك التجربة لم تحقِّق النجاح المطلوب.