«من مشكلات الديمقراطية في السودان أنها غالبًا ما تفرز حكومات ائتلافية تشتهر بالمشاكسة وهي تجربة سيئة وغير مطمئنة» هكذا ابتدر أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين د. أسامة زين العابدين حديثه ل«الانتباهة» عند سؤاله عن امكانية توفر فرص الانسجام امام الحكومة التي تشكلت مؤخرًا وشارك فيها عدد من الاحزاب والحركات في مقدمتها الاتحادي الاصل - اقطاب الحكومات الائتلافية السابقة والذى أعادت مشاركته للاذهان خلافات تلك الحكومات وكيف انها ساهمت باختلافات احزابها ووزرائها في افشال حكمها والصاق تهمة التشاكس على كل حكومة ائتلافية، واكثر ما اعاد للاذهان خلافات تلك الحقب المواجهة الساخنة بين نائب رئيس المؤتمر الوطني نافع علي نافع والقيادي بالاتحادي الاصل عثمان عمر الشريف الذى عين مساء ذات اليوم وزيرًا للتجارة.. تلك المواجهة التي جاءت فور توقيع حزبيهما على اتفاق للشراكة بينهما وفقًا لبرنامج الحكومة العريضة خاصة وان الوقت القريب شهد خلافات حادة في الشراكة بين الوطني والحركة الشعبية، وتوقع بعدها الكثيرون ان تشهد هذه الحكومة نوعًا من الاختلاف في وجهات النظر ربما كان فيها وزير التجارة عثمان الشريف بمثابة خميرة عكننة لتلك الحكومة بمثل ما كان عليه الامين العام للحركة باقان اموم ودينق الور وفي وقت لاحق د. لوكا بيونق في حكومة الوحدة الوطنية التي اعقبت اتفاقية نيفاشا، وقبل ذلك نائب رئيس الامة القومي مبارك الفاضل الذي شارك في الحكومة بحزبه «الأمة الإصلاح والتجديد» في منصب مساعد رئيس الجمهورية ودخل بعدها في خلافات مع الرئاسة ادت الى اقالته من المنصب لتجاوزه لمؤسسات الحكومة وافتراعه تعاملاً خارج مؤسساتها حسب تأكيدات الحكومة وقتها- الامر الذي اكده احد قيادات حزب مبارك في وصفه لقرار الاقالة بانه يتعلق فقط بالاداء الشخصي للفاضل وليس الحزب. لكن الشريف تعهد للزميلة الرأي العام بانه لن يكون مصدر خلافات الحكومة الجديدة ووضع هذا في طور الاستحاله وقال: «أنا لن اكون خميرة عكننة اطلاقًا وسيشاهد مجلس الوزراء شيئًا جديدًا وهو انني لا اتكلم الا واقدم افكارًا ورؤى ولن اقدم افكار عثمان عمر وانما افكار الوزارة وكل العلماء والخبراء الموجودين فيها». فرص الانسجام والتشاكس في الحكومة توزعت في بعض التوقعات خاصة وانها ضمت اكثر من 14 حزبًا بعضها ظل مهادنًًا للحكومة طوال مشاركته فيها كاحزاب حكومة الوحدة الوطنية التي وصفها اسامة زين عابدين ل «الانتباهة» بانها منسجمة مع المؤتمر الوطني ولم يبرز فيها ما يمكن وصفه بخميرة عكننة وهو ما اكده ل«الانتباهة» الامين العام لاحزاب حكومة الوحدة الوطنية د. الامين عبدالقادر الذي قال ان التشاكس غير خلاق ومدمر واضاف: هذا دأبنا في هيئة احزاب حكومة الوحدة الوطنية، وحذر من مغبة لجوء الاتحادي للتشاكس لان هذا من شأنه نسف الشراكة. وبالنظر للمكونات الجديدة في الحكومة وشخوصها خاصة الوافد الجديد حركة التحرير والعدالة فالبعض كان قد تخوف من بعض وزارئها كوزير الصحة بحر ابوقردة صاحب الشخصية التي عُرفت بخلافاتها الكثيرة داخل حركة العدل والمساواة وكذا احمد عبدالشافي الذي كانت التوقعات تشير لدخوله التشكيلة في منصب وزير دولة قبل ان يتم استبعاده الا ان مراقبين استبعدوا حدوث خلافات اذا ما تم الاتفاق على برنامج كخارطة طريق بمثلما تم الاتفاق على الكراسي وكذا هو الرأي عند الامين عبدالقادر الذي رهن عدم التشاكس بمعرفة كل شخص لموقع اختصاصه وحدود مهامه رغم اعترافه بضرورة وجود اكثر من رأي طالما كان هناك أكثر من حزب واكثر من شخص وهو ما قد يحتاج لتنازلات ورد الأمين استبعاده لوجود خلافات مستقبلاً بسبب التشابه الكبير في البرامج حسب قوله اوصى بالاستفادة من أخطاء نيفاشا هنا وبتحمل وزراء التحرير والعدالة وقال «لابد ان نتحمل هؤلاء الاخوة اذا حدث منهم ما يعكر صفو الاتفاق». البعض لا يستبعد ان يبرز أحد وزراء الوطني كخميرة عكننة في الفترة المقبلة خاصة إذا ما اتجهت الحكومة بجدية في اتجاه محاسبة حقيقية لمتورطين في تهم فساد خاصة وأن الحزب قد احتفظ ببعض الوزراء ممن أثاروا جدلاً واسعًا خلال الفترة الماضية البعض منهم كانوا اصحاب آراء متشددة وهو ما ينفيه الناطق باسمه البروفيسور ابراهيم غندور بقوله «الوطني حزب مؤسسي إذا قال فيه شخص رأيًا بالقطع هو رأى الجماعة»، وأضاف ومن قال إن أحدًا يمكن أن يفرض رأيًا على كل الحزب فهذا غير صحيح.