غاب عن السياسة في السودان ما يعرف بفقه الحكومات العريضة ائتلافية كانت أو قومية. فقد كان التركيز دوما على كعكة السلطة وحصول كل حزب منها. وبعد الحصول على تلك الحصة لا يكون الاهتمام بالانسجام والتوافق بين العناصر التي يلقي بها على المائدة أي مجلس الوزراء. ولهذا السبب كانت الحكومات العريضة والائتلافية في بلادنا قصيرة العمر والأجل وضعيفة الانجاز ... لغياب ذلك التوافق والبرنامج. ومن يلقي نظرة إلى الوراء يجد أن حكومة السيد سرالختم الخليفة الأولي بعد ثورة أكتوبر 1964م لم تعمر غير ثلاثة شهور أو نحو ذلك لان تكتلا حزبيا بعينه هو الذي حاول الاستئثار بالكعكة ثم فرض برنامجه ومرئياته حتى فرض ذلك الوضع انقلابا على تلك الحكومة لتحل محلها حكومة أخرى كانت متوازنة شيئاً ما بيد إنها كانت أيضاً محل عدم رضا فحلت محلها بعد الانتخابات العامة حكومة ائتلافية بين الحزبين الكبيرين غلب عليها الخلل في القسمة وتوزيع المهام الوزارية ثم العلاقة بين عناصر تلك الحكومة. ويذكر هنا الوزير الاتحادي (أبو حريرة) الذي أطاحت تبايناته مع الطرف الآخر في الائتلاف بالحكومة الائتلافية جملة واحدة. وغير ذلك الكثير مما يلزم ذكره عند الحديث عن حكومة عريضة أو ائتلافية أو نتاج شراكة. فالعلاقة غير المستقرة بين التركيبة الوزارية للشريكين بعد اتفاق السلام الشامل (CPA في الفترة الانتقالية لا تغيب عن البال وقد كان السيد باقان أموم (خميرة عكننة) يشار إليها في ذلك الخصوص. أن عناصر الحكومة العريضة أو الائتلافية لابد ان تكون على قدر كبير من الانسجام نأياً بالتجربة من الانهيارات كما حدث بعد ثورة أكتوبر 1964م، وبع اتفاق السلام الشامل في يناير 2005م. ذلك انه لكل حزب أو مجموعة سياسية عناصرها من ذلك النوع فكيف بحكومة عريضة من وزرائها السيدان فاروق أبو عيسي وكمال عمر أو الدكتور مريم الصادق وسليمان حامد وحاتم السر وصولاً إلى آخرين في المؤتمر الوطني..؟! صحيح (الله يولي من يصلح) كما قال الأستاذ نقد و (التظاهرات لا تغير النظام في السودان) كما قال السيد الصادق المهدي وجاء وقت الحكومة العريضة كما يقول الرئيس عمر البشير غير أن الأمر يحتاج إلى فقه وعزيمة نتجاوز بهما تجارب الماضي البعيد والقريب. نقلاً عن صحيفة أخبار اليوم 19/2/2011م