ما نراه اليوم في الاقتصاد السوداني في ظل الزوايا الحرجة في العلاقة بين الإيرادات والاحتياجات الفعلية والمخارج الصعبة المحدودة، يجعل من القوى التي تتولى قيادة الاقتصاد الوطني أمام محكات يمكن أن تقود إلى الحكم عليها (بالعبقرية والنجاح) أو الحكم عليها بالفشل... وطريق الفشل هو الذي يبحث عن الحلول السهلة كاللجوء إلى (جيوب المواطنين)، اما طريق النجاح فهو الذي يقوم على الإبداع والابتكار والمعاناه الفكرية من أجل اجتياز الصعاب وتجاوز المطبات دون اللجوء لجيوب المواطنين.. هنالك أطروحات لو صح تطبيقها فإنها تشكل جزءاً مهماً من الحل، أقصد بها التقشف وضبط المنصرفات الحكومية، ولعل هذا الجانب يكتسب أهمية بالغة إذ أن الانضباط والمراقبة والمتابعة والتدقيق من شأنها أن توفر على البلاد الكثير من الهدر المالي. ومن أولى علامات التحرك إلى الأمام التخلي عن الاتجاه لزيادة سعر المحروقات والاتجاه للبحث عن حلول بديلة لسد العجز. والكثير من هذه الحلول قد قيل وجرت حوله مداولات وتوصيات هنا وهناك ولكن الأهم من ذلك هو التطبيق والمتابعة لتلك التوصيات.. إن زيادة الإنتاج والإنتاجية ومسألة الإنتاج من أجل الصادر وزيادة حصيلة البلاد من الصادرات غير النفطية الأمر الذي تشجع عليه سياسات بنك السودان المركزي من خلال تركيزها على أربع سلع للصادرات وأربع لإحلال الواردات أمر من الممكن تطبيقه والطريق إليه واضح، فهنالك ورش وسمنارات متعددة خرجت بتوصيات علمية دقيقة وصائبة ولكن (مقتل) هذه التوصيات كان في أنها يتم النظر إليها على أساس أن تلك الورش والسمنارات هي مجرد (سياحة فكرية) واستعراض قدرات كلامية وتأملات وتنظيرات واستعراض ما عند بعض الأفراد من رؤى وليست شيئًا للتطبيق ومن هنا لم ترتبط تلك التوصيات بأي آليات للتطبيق، وتتكرر السمنارات والورش في نفس الموضوع وتخرج بنفس التوصيات ولكن كل ورشة تبدأ من الصفر ولا تستند إلى ما قبلها من ورش فتضيع التوصيات وتذهب أدراج الرياح. إن العقل المبدع الخلاق الحيوي يستطيع أن يجد مخارج هي صعبة ومحدودة ولكنها ممكنة العبور فتكون النتائج بلا خسارة كبيرة.. أما الحلول السهلة فهي الخسارة بعينها..